(زهور).. زهرة قطفتها يد الغدر قبل أوان الربيع.. برعم أزهقته روح شريرة على حين غفلة، في جريمة ضجت لها الآفاق، وأغضبت رب العباد من فوق سبع سماوات وماهو أقسى وأكثر إيلاماً أن زهور تعرضت للاغتيال مرتين، الأولى على يد بشري سرق روحها وبراءتها معاً، والثانية على يد مؤسسات العدالة.. لمن لا يعرف (زهور) وقضيتها المحزنة، نلخص قضيتها في سطور معدودة.. طفلة بريئة في الثامنة من عمرها، ولدت ونشأت في إحدى قرى محافظة إب، وقريباً من القرية كانت تخرج بعض المواشي الأليفة التي تربيها أسرتها في المنزل، وفي لحظة غدر سبقها اصرار وترصد استدرجها ذئب بشري متوحش سكنته روح شريرة، أقدم على انتهاك براءتها وطفولتها المغدورة، ونفذ جريمته البشعة باغتصابها دون رحمة أو شفقة لصياحها وتوسلاتها وصوتها الرقيق وهو يتردد في الآفاق مستغيثاً دون أن يجد له مغيثاً أو صدى.. وما أن أكمل هذا الجاني المدعو (م الرمالة) جريمته الأولى ضد براءة الطفولة وقداستها حتى أقدم على ارتكاب جريمة أخرى تمثلت بالقضاء على زهور وسرقة روحها التي كانت ترفرف مثلما يرفرف العصفور على غصن الشجرة فقتلها بطريقة بشعة وترك جريمته ومضى غير آبه بأحد. وجد أهل الطفلة الضحية أنفسهم مصدومين من هول الفاجعة التي عصفت بحياة زهور، لكنهم لم يتركوا لغضبهم وحده مهمة تحديد مصير الجاني، بل لجأوا إلى القضاء لتقول العدالة في هذا السفاح قولها، وهو ماحدث فعلاً حيث أصدرت المحكمة حكماً قضى بإعدام الجاني مع التعزير جزاء لما اقترفته يداه من جرم لا يحتمل. لم يكن أهالي الضحية وأولياء دمها يعلمون أنهم سيجدون أنفسهم أمام صدمة أخرى لا تصدق، حيث استأنف الجاني الحكم واستصدر بطريقة غريبة حكماً استئنافياً قضى بتخفيف عقوبة الاعدام والتعزير إلى حكم بدفع الدية والسجن سبع سنين، ورغم قيام أهالي الطفلة المغدورة بالطعن في حكم الاستئناف إلاّ أن المفاجأة الثانية تمثلت بصدور حكم نهائي بالدية والسجن، فهل يعقل أن جريمة بشعة ووحشية كالتي تعرضت لها زهور اغتصاب وقتل، يكون عقابها دفع الدية والسجن سبع سنوات وكأنها حادث مروري أو قتل عن طريق الخطأ أيعقل أن تستهين بعض مؤسسات العدالة بدماء الأطفال وأرواحهم وبراءة طفولتهم وقداسة إنسانيتهم وكرامتهم المنتهكة إلى هذا الحد.. سؤال يوجهه أولياء دم الطفلة إلى المحكمة العليا ومجلس القضاء الأعلى وإلى وزير العدل ورئيس الجمهورية المسؤولون أمام الله والتاريخ على أي تقصير في تحقيق العدالة التي ينبغي أن تكون بحجم الجريمة لا أكثر ولا أقل. كما تناشد أسرة زهور كل النشطاء والمنظمات المعنية بحقوق الإنسان والرأى العام تبني هذه القضية أمام مؤسسات القضاء وأروقة المحاكم.