مظاهرة حاشدة في حضرموت تطالب بالإفراج عن السياسي محمد قحطان    "ضربة قوية لمنتخب الأرجنتين... استبعاد ديبالا عن كوبا أميركا"    يوفنتوس يعود من بعيد ويتعادل بثلاثية امام بولونيا    فيديو فاضح لممثلة سورية يشغل مواقع التواصل.. ومحاميها يكشف الحقيقة    "يقظة أمن عدن تُفشل مخططًا إجراميًا... القبض على ثلاثه متهمين قاموا بهذا الأمر الخطير    شاهد :صور اليوتيوبر "جو حطاب" في حضرموت تشعل مواقع التواصل الاجتماعي    شاهد : العجوز اليمنية التي دعوتها تحققت بسقوط طائرة رئيس إيران    صراعات داخل مليشيا الحوثي: قنبلة موقوتة على وشك الانفجار    المهرة.. محتجون يطالبون بالإفراج الفوري عن القيادي قحطان    ناشطون يطالبون الجهات المعنية بضبط شاب اعتدى على فتاة امام الناس    لليوم الثالث...الحوثيون يفرضون حصاراً خانقاً على مديرية الخَلَق في الجوف    اللجنة الوطنية للمرأة تناقش أهمية التمكين والمشاركة السياسة للنساء مميز    رئيس الوفد الحكومي: لدينا توجيهات بعدم التعاطي مع الحوثيين إلا بالوصول إلى اتفاقية حول قحطان    وهم القوة وسراب البقاء    "وثيقة" تكشف عن استخدام مركز الاورام جهاز المعجل الخطي فى المعالجة الإشعاعية بشكل مخالف وتحذر من تاثير ذلك على المرضى    مجلس النواب يجمد مناقشة تقرير المبيدات بعد كلمة المشاط ولقائه بقيادة وزارة الزراعة ولجنة المبيدات    ثلاث مرات في 24 ساعة: كابلات ضوئية تقطع الإنترنت في حضرموت وشبوة!    إعلان هام من سفارة الجمهورية في العاصمة السعودية الرياض    الصين تبقي على اسعار الفائدة الرئيسي للقروض دون تغيير    مجلس التعاون الخليجي يؤكد موقفه الداعم لجهود السلام في اليمن وفقاً للمرجعيات الثلاث مميز    لابورتا وتشافي سيجتمعان بعد نهاية مباراة اشبيلية في الليغا    رسميا.. كاف يحيل فوضى الكونفيدرالية للتحقيق    منظمة التعاون الإسلامي تعرب عن قلقها إزاء العنف ضد الأقلية المسلمة (الروهينغا) في ميانمار    منتخب الشباب يقيم معسكره الداخلي استعدادا لبطولة غرب آسيا    اتحاد الطلبة اليمنيين في ماليزيا يحتفل بالعيد ال 34 للوحدة اليمنية    البرغوثي يرحب بقرار مكتب المدعي العام لمحكمة الجنايات الدولية مميز    اشتراكي الضالع ينعي الرفيق المناضل رشاد ابو اصبع    إيران تعلن رسميا وفاة الرئيس ومرافقيه في حادث تحطم المروحية    وفاة محتجز في سجون الحوثيين بعد سبع سنوات من اعتقاله مميز    قيادات سياسية وحزبية وسفراء تُعزي رئيس الكتلة البرلمانية للإصلاح في وفاة والده    مع اقتراب الموعد.. البنك المركزي يحسم موقفه النهائي من قرار نقل البنوك إلى عدن.. ويوجه رسالة لإدارات البنوك    مأساة في حجة.. وفاة طفلين شقيقين غرقًا في خزان مياه    وفاة طفلة نتيجة خطأ طبي خلال عملية استئصال اللوزتين    شاب يبدع في تقديم شاهي البخاري الحضرمي في سيئون    عبد الله البردوني.. الضرير الذي أبصر بعيونه اليمن    أرتيتا.. بطل غير متوج في ملاعب البريميرليج    الريال يخسر نجمه في نهائي الأبطال    تغير مفاجئ في أسعار صرف الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية    مدارس حضرموت تُقفل أبوابها: إضراب المعلمين يُحوّل العام الدراسي إلى سراب والتربية تفرض الاختبارات    كنوز اليمن تحت رحمة اللصوص: الحوثيون ينهبون مقبرة أثرية في ذمار    الدوري الفرنسي : PSG يتخطى ميتز    الداخلية تعلن ضبط أجهزة تشويش طيران أثناء محاولة تهريبها لليمن عبر منفذ صرفيت    غموض يحيط بمصير الرئيس الايراني ومسؤولين اخرين بعد فقدان مروحية كانوا يستقلونها    ارتفاع حصيلة العدوان الاسرائيلي على غزة إلى 35,456 شهيداً و 79,476 مصابا    إلى متى نتحمل فساد وجرائم اشقائنا اليمنيين في عدن    وزير المياه والبيئة يبحث مع المدير القطري ل (اليونبس) جهود التنسيق والتعاون المشترك مميز    رئيس هيئة النقل البري يتفقد العمل في فرع الهيئة بمحافظة تعز مميز    اليونسكو تزور مدينة تريم ومؤسسة الرناد تستضيفهم في جولة تاريخية وثقافية مثمرة    دعاء يريح الأعصاب.. ردده يطمئن بالك ويُشرح صدرك    بعضها تزرع في اليمن...الكشف عن 5 أعشاب تنشط الدورة الدموية وتمنع تجلط الدم    توقيع اتفاقية بشأن تفويج الحجاج اليمنيين إلى السعودية عبر مطار صنعاء ومحافظات أخرى    اكتشف قوة الذكر: سلاحك السري لتحقيق النجاح والسعادة    وباء يجتاح اليمن وإصابة 40 ألف شخص ووفاة المئات.. الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ضحايا التهريب في الحدود السعودية "قصص واقعية تحكي فضائع حرس الحدود السعودي ضد اليمنيين"
نشر في يمنات يوم 02 - 06 - 2013

في حرض, عندما ترفع سماعة هاتفك وتتصل بصديق أو معروف لديك تسأله عن أخباره زملائه, تتلقى إجابات مؤلمة: "البارحة فلان أصيب", "صاحبنا الذي خزن معنا قبل أسبوع أصبح الآن في الثلاجة بالسعودية"...
في أوقات متأخرة من الليل يرن هاتفك, لأصدقاء يسكنون على مشارف الحدود, تعرف مباشرة أنه يحمل نعيا, برحيل رفيق له, يتحدث وبشكل عادي: "فلان المرة هذه حصلها.. قابلت له رصاصة ومات".
شباب واعدون, ضاقت عليهم الأرض هنا, فقنصهم الرصاص السعودي هناك, لم يعد لديهم ما يخسرونه, ولديهم اعتقاد سائد أن من مات, لا أحد يسأل عليه, ومن ناله ذلك فهو "من عند الله".
تحول الموت لديهم إلى قضاء وقنص سعودي. تزداد حدة القتل يوماً بعد يوم لتنال كل الداخلين. لم يعد حرس الحدود السعودي يفرقون بين مهرب أو مسافر.
سألت شباباً يعملون في التهريب عن أسباب عملهم فيه. أجمعوا على سبب رئيسي, هو أنهم أفاقوا على أهلهم يمتهنون هذا العمل, فساروا على دربهم, هذا مسوغ الشباب الذين توارثوا مهنة التهريب وهم يدركون أن العملية خطيرة جدا, تصل إلى الموت.
بالمقابل؛ هناك من يقول إن هذه المغامرات لها مردود مالي كبير. أحدهم يقول: "في ساعات فقط بإمكانك الحصول على مصروف يومي يفوق راتب المدرس".
أغلقوا كل الطرق التي تؤدي إلى التعليم, شقوا لهم طرقا إلى المنافذ الحدودية. ورغم العازل الحديدي إلا إنهم بعزيمة المهرب ابتكروا أساليب لتجاوزه وإنجاح مهمتهم. هم يدركون جيداً مالات هذا النوع من المغامرات, وما يترتب عليه في بعض الحالات, من نهاية حياة أو موت مجاني برصاصات حرس الحدود؛ لكن الفاقة والبطالة تبرز كدافع يقود هؤلاء الشباب إلى التغاضي عن مالات المغامرة والخوض في مهمة عتالين, يحملون على ظهورهم ما استطاعوا من القات والتسلل به ليلاً إلى حيث ينتظرهم العميل, ليظفر من ينجو منهم في النهاية ب300 ريال سعودي, وفي أحسن الأحوال 500 ريال.
ليست حرض وحدها من تقذف بأبنائها إلى مهمة خطرة كهذه على شريط الحدود السعودي, لقد صارت جهة ممكنة للعشرات بل المئات من الشباب العاطلين عن العمل وصغار السن الذين يتقاطرون من مختلف البلاد, بدوافع معيشية أسرية.
أطفال يتدافعون نحو حاجز الموت
أطفال صغار, لم تتجاوز أعمارهم ال16 عاما, تراهم يوميا, حين تسوقك الأقدار لزيارة مديرية حرض شمال اليمن, يتدافعون نحز حاجز الموت, نحو المصير المجهول.
"عمر المشرقي", أحد طلاب "مدرسة النور" في قرية "الشريفية" ترك زملاءه في الصف السادس وذهب إلى حاجز الموت, يقول مدير المدرسة, أحمد الجعداري, إن "عمر ترك زملاءه فجأة وما سمعنا إلا الطلاب يقولوا عمر قده مهرب.
حاولت الذهاب إلى والده الذي يملك مزرعة؛ لكن لم يستطيع والده منعه من مهنة التهريب", وأضاف: "في عام 2008م تعرض عمر لرصاصة في ساقه عندما كان في طريقة بحملة قات في وادي أبو الرديف, واستطاع أصحابه يومها نقله إلى حرض حيث أجريت له عملية في المستشفى السعودي. ترك التهريب لمدة سنتين؛ اشتغل في مزرعة والده. ومع مطلع العام 2010م عاود (عمر) مهنة التهريب من جديد", وهذه المرة لم يستمر كثيراً؛ تعرض لرصاصة طائشة من قبل جنود حرس الحدود السعودي في منطقة "المزرق" استقرت في رقبته لينتهي حلم "عمر" مخلفا لأسرته جرحاً لم يندمل حتى بعد أن تم تعويضها بخمسين ألف سعودي, من قبل "إمارة جيزان" بعد أن توسط لأسرته أحد أهم مشائخ حرض وقام بإيصال الجثة إلى "الشريفية" في عملية طالما حلم بها أهالي القتلى في الشريط الحدودي. ووفقا لمدير المدرسة الذي ألتقيته, بمعية زميلي محمد مسعد دماج في زيارة لنا إلى الشريط الحدودي مؤخرا, فهنالك 19 طالباً فيها يعملون في التهريب.
من الصعوبة أن نجد إحصائية دقيقة لعدد الضحايا فهنا لا توجد منظمة أو هيئة مختصة تتبنى القيام بذلك. كما أن الحكومة اليمنية هي الأخرى لا تتوفر لديها إحصائية بعدد قتلى مواطنيها على الشريط الحدودي!
منذ مطلع العام الجاري أحاول جاهداً الحصول على إحصائية دقيقة حول حالات القتلى في الشريط الحدودي. اجتهدت في محاولة الإلمام بما أمكن من أسماء عدد الضحايا, واستطعت من خلال زيارات إلى عدد من المناطق, وخاصة المجاورة للحدود التابعة لمديرية حرض وبعض مديريات اشتهر شبابها بامتهان تهريب القات, كمديريات ميدي وحيران وعبس وما جاورها, أن أقف على حقائق وأرقام مذهلة, فبعض تلك المناطق لا يُوجد فيها بيت إلا وفقد أحد أبنائه, بل إن بعض الأسر فقدت الاثنين والثلاثة.
مهربين يروون قصص تعذبيهم
"محمد كديش" واحد من الذين عاشوا معاناة زملائهم على الحدود السعودية اليمنية, يروي ل"الشارع" بعضا مما علق في ذاكرته: "شخصا عملت وما زال في تهريب القات, وقد شاهدت جثة زميل لي قتله أحد حرس الحدود السعودي على الحدود (اليمنية- السعودية) وقد تم تركه 3 أيام في العراء.
ويضيف: "في منطقة الخوبة السعودية, والتي تقع على الحدود مع اليمن, وجدنا أكثر من جثة متروكة في العراء, وغالبية المصابين يتركون ينزفون نزفاً حاداً حتى الموت, دون أن يستطيع احد التدخل لإنقاذهم".
وعن أسباب فرار المهرب من الجندي السعودي, يشرح محمد كديش: "الجندي السعودي إذا سلمت له نفسك يعرضك لأبشع الانتهاكات.
أحياناً الجنود السعوديون يقومون بتجريد المهرب من الملابس, وتركه في الشمس لساعات طويلة, وفي بعض مراكز التوقيف يقومون بردم الأشخاص وإلقاء بعضهم فوق بعض كزريبة حيوانات".
وعن حالات التعذيب: "الضرب المبرح وإجبار البعض من السجناء على التبول في قوارير, ومن ثم إراقته على البلاط الذي ينامون عليه, حيث لا توجد أسرة أو فرش ولا حتى ملايات أو أغطية, ولك أن تتصور حالة أولئك والبول يجري تحتهم برائحته المقُرفة.
البعض يتفنن في تعذيب واهانة اليمنيين الذين يتم إلقاء القبض عليهم, من خلال إجبارهم على خلع ملابسهم, عدا ما يستر العورة, والقيام بضربهم بكابلات الكهرباء, وكثير منهم يصابون بحالات إغماء, بل هذيان في بعضها الآخر, ولا يستطيع من يكون بجوار المغمى عليه أن ينقذه؛ لأنه سيلقي ذات المصير, بل وأسوأ منه؛ من تجاوز حدوده بمحاولة إنقاذ أو فدية من بجواره".
هذه الأسباب التي تجعل المهرب يفضل الموت على أن يسلم نفسه للجندي السعودي, وفقا لكديش.
في منطقة "بني حسن" يروي علي حسن قصته عندما تعرض التعذيب: "تعرضت للضرب على ظهري بكابل الكهرباء وبقيت داخل السجن لشهر كامل لا أستطيع النوم على ظهري من الآلام".
وبدوره, يتحدث موسى حسني, أحد مهربي الألعاب النارية, عن أن البعض "حين يلقي القبض عليه, وعلى ظهره كيس أو كرتون الطماش, يقوم الجندي السعودي بإطلاق رصاصة من النوع الحارق على ذلك الكرتون, فتحرق الكمية على ظهر المهرب فيحرق ظهره وبعض الأجزاء من جسده, وكثير منهم يرمي نفسه على التراب ليطفئ الحريق في جسده".
صالح حسين, عامل في الشريط الحدودي, وهو من أبناء مديرية ميدي, يتحدث عن أصناف التعذيب في السجون ومراكز التوقيف, "وخاصة مركز الهدف", الكائن بمنطقة الراحة: "من بين الأساليب التي يقوم بها بعض الحرس السعودي, يقوم الجندي بطرح كيس دقيق على بطنه, ويضغط بقدميه على الكيس, حتى يكاد المهرب المعذب أن يفارق الحياة, ثم يعتقه, وقد أصيب بجروح, وبعض المهربين أصيب بكسر في الحجاب الحاجز والبعض منهم فارق الحياة".
ويضيف صالح: "إن عمي أحد ضحايا التعذيب, كان يعمل بين الحين والآخر في تهريب الدقيق على الحوامل (الحمير) وقبل ست سنوات, في ليلة وأثناء عودته هو وحماره طارده طقم من حرس الحدود السعودي, وكانت ليلة مُظلمة, وأثناء ما كان يحاول الهروب هو والحمار, سقط في حفرة عُمقها 8 أمتار وبعد سقوطه استمر في الأنين داخل الحفرة 3 ساعات, والجندي ينظر إليه, ويتهمه بالتمثيل والنصب عليه, وبعدها أخراجه ورماه بطريقة عنيفة على قلاب (شاحنة) كان عليه أكياس دقيق وأدوات مما زاد آلامه".
وتابع: "تم نقل ابن عمي إلى مستشفى جيزان, والطبيب الجراح الذي حاول علاجه أكد أنه مصاب بانكسار في العمود الفقري وأن الإصابة على الأرجح لم تكن من السقوط في الحفرة بقدر ما هي من رميه بتلك الطريقة على القلاب, وقد أدى ذلك إلى شلل كامل أقعده عن الحركة, واستطعنا نقله عبر وساطة من قبل أحد مشائخ الحدود إلى اليمن وتحديداً إلى مديرية ميدي وبعدها 4 سنوات طريح الفراش, لا يقوى على المشي مطلقاً, حتى فارق الحياة في عام 2009م".
حالات التعذيب كثيرة جداً محمد يوسف هتان أصيب برصاصة في يده, مما اضر الأطباء الى بترها عام 2001م وأخر من المنطقة نفسها, ويدعى أحمد أحمد ربيع, أصيب برصاصة في رأسه عام 2007م وقد أجريت له عملية في صنعاء ولم يستطع الأطباء إخراجها, لأن إخراجها قد يسبب وفاته مباشرة, ومنذ ذلك الحين ما يزال معاقاً إعاقة كُلية, وله 4 أولاد, ثلاثة ذكور وبنت.
أثنان من أبناء أحمد علي حسين, من منطقة "الزهرة" أحدهما بُترت يده, والآخر أصيب بكسور جعلته طريح الفراش الى الآن.
قتلى الشريط الحدودي
حالات القتل أيضا كثيرة ومؤلمة, بعض الشبان الذين قتلوا هم ذوو مؤهلات جامعية؛ لكنهم لم يحظوا بدرجات وظيفية, فاضطروا للعمل مهربين.
البعض الآخر كان يدرس في الإعدادية, ومنهم من لم يكمل الثانوية بعد, والغالبية أميون لم يتعلموا ولم ينتظموا في المدارس.
علاوة على مأساة أولياء أمور الضحايا, لا يُسمح بخروج جثة المقتول الى اليمن إلا في النادر, وعبر وساطات ومعاملات مُضنية, كثير ممن قتلوا تم طرحهم في ثلاجة الموتى, بعد ترقيمهم وتقييد أسمائهم "مجهول" ثم دفنوا بعد فترة, وهذا الأمر أرهق كثيرا من الأسر المكلومة التي غاب عنها عائلها ولم يعد, ولم تتأكد يقيناً مما إذا مات أو سجن, فمصيره لديها مجهول كصفته لدى من قتلوه.
حين تسأل, أفاد كثيرون عن أعداد القتلى بأنهم كثير, وأن العدد لا يُمكن حصره, مونه يتزايد بشكل يومي, ومنهم من لا يعلم بمقتله إلا بعد حين. وقد اشتدت ضراوة المطاردة وزادت أعداد الضحايا, وبشكل خاص بعد نشوب الحرب العالمية الأولى في صعدة المجاورة للسعودية 2004م, فقد أصبح الوضع أكثر خطورة والضحايا أكثر بكثير من ذي قبل.
لكن هناك عدد من الضحايا استطاعت "الشارع" الحصول على اسمائهم, مع بعض الصور, ولكنهم بأعداد يسيرة من الفاتورة الحقيقية بعدد من حصدهم رصاص حرس الحدود السعودي على مدى السنوات الماضية:
- ماجد صالح (26 عاما) يملك مؤهل بكالوريوس إنجليزي, تخرج عام 2009م في كلية التربية بعبس, وكان رياضيا ولاعبا موهوبا في نادي العربي بحيران, وشارك في الدوري الرياضي لأبطال المحافظة عام 2010م. ولأنه لم يحظ بوظيفة اضطر للعمل مهرباً, لكنه قتل على أيدي جنود حرس الحدود السعودي في يوم السبت 1 أكتوبر من العام 2012م, حينها نشر خبر مقتله في صحيفة "الأولى".
- حسن جمعان (28 عاما) من أشهر لاعبي محافظة حجة, عمل مهاجماً في نادي رحبان حرض, وكان ضمن التوليفة اتي تأهلت لأول مرة في تاريخ النادي من الدرجة الثالثة الى الثانية, حيث كان له الفضل في لإحراز هدفين لناديه أمام أهلي الغيل- باوزير' في ملعب بارادم عام 2002م.ومثله مثل غيره اضطرته ظروفه القاسية للعمل مهرباً, ليلقى حتفه على يد جنود الحرس السعودية, حيث قتل في 3 أغسطس 2008م. حينها نشر خبر مقتله في يومية "الأيام". ما يميز حسن جمعان أن رئيس نادي رحبان بحرض, الشيخ محمد صبار, وكبار المنطقة, استطاعوا أخذ جثته من حرس الحدود وإيصالها الى اهله وتم دفنها بعد يوم ن مقتله.
- إبراهيم قطبي, أو "الشبح" لشهرته في التهريب, وكان من المطلبين للأجهزة الأمنية السعودية, قتل ف الشريط الحدودي, ووجده زملاؤه مقتولا, فأخذوه الى قريته بعبس, وتباينت الروايات حول طريقه مقتله, فقد أشار البعض الى أن مقتله كان على أيدي مسلحة (متقطعين) يلبسون زي حرس الحدود السعودي, ورواية أخرى تشير الى أن مقتله على أيدي حرس الحدود السعودي أنفسهم. أما الرواية الثالثة فاتهمت مهربا كبيرا يمسى ب"الكنج" وحسب الرواية, فقد كان "الشبح" يد "الكنج" اليمنى في عملية التهريب, ثم اختلفا, وجراء ذلك الخلاف تحالف "قطبي" مع مهربين أخرين من منطقة رداع بمحافظة البيضاء, فتضرر "الكنج" وقام عبر رجاله بتصفيته. وقد استند زملاء قطبي في روايتهم عن ضلوع "الكنج" في مقتل قطبي وطلب القتيل يومها من "الكنج" ذلك, أن يشتكيه للجهات الأمنية فرفض "الكنج" ذلك, وتجاهل المطلب تماما, وبع دأيام قتل قطبي, وتم دفنه في قريته "السبيل" بمدرية عبس.
- علي شوعي فضاله, من أشهر السائقين على الإطلاق في الحدود, كان شاباً رياضيا, واسما محبوبا لقرية في "القفلة" بمديرية عبس, قتل في عام 2005م داخل الأراضي السعودية, حيث كان يسوق سيارة "صالون" محملة قات, بعد زواجه الثاني بشهر, ولديه من زوجته الأولى 5 أبناء.
- ويسي صالح (37 عاما) حاول التسلل الى الأراضي السعودية دون أن يكون معه شيء يهربه, قصد البحث عن عمل, حاول اختراق الشبك الحديدي, غير ان جسده علق في فتحة ضيقة في الشبك واصيب بجروح, ثم ظل ينزف لساعات الى أن مات. هو متزوج ولديه طفلة وحيدة تدعي "رهف" ذات اربع سنوات.
قول شقيقية رامي: "لم يعد لدينا من ذكرى ويسي سوى صحيفة الشارع التي نشرت خبر مقتله في عددها الأربعاء 9 يناير 2012م".
- محمد جربوش, قتل داخل الأراضي اليمنية برصاص حرس الحدود السعودي قبل عامين, وهو من الميسورين, وكان يملك فندقاً في حرض, وأثناء مقتله كان بحوزته 20 الف ريال سعودي, كما يفيد شقيقة وليد, الذي يضيف أنه كان في طريقه الى نقطة تابعة لحرس الحدود السعودي من أجل تأمين الخط للمهربين التابعين له.
- محمد علي الحفيظي, فقد ثلاثة من أبنائه بسبب التهريب, قتل أولهم (عبدالله) برصاص الحرس في منتصف 2005م وتم دفنه في جيزان, وفي عام 2009م قُتل ابنه الثاني (محمد) في الحدود اليمنية برصاصة طائشة, تم انتشاله من قبل زملائه, ودفن في قريته "دير الحسي". ابنة الثالث (علي -24 عاما) قتل قبل 3 أشهر. قال ابوه إنه كان حريصاً على الا يمتهن "علي" التهريب, ومن اجل ذلك قام بشراء سيارة "هايلوكس" موديل 88 وسلمها له ليشتغل عليها بعيداً عن المخاطرة بحياته, وحرصاً على الا تتكرر المصيبة؛ غير أن "علي" مان يعمل على السيارة ويقوم بالتهريب, بصورة متقطعة ونادرة, ومع ذلك لم يسلم من شبح الموت الذي لقيه أخوة قبله.
- محمد فتيني, أحد أبناء , محافظة الحديدة, وحيد والديه, كان يعمل في حرض, وهو من يقوم بإعالتهم. بعد مقتله مرضت والدته, حزنا عليه واشتد بها المرض لتموت بعد مقتله ب 5 أشهر.
وفي مديرية ميدي هناك العشرات من القتلى في البحر, وما محمد عيسى (40 عاما) الذي اصيب بطلق ناري توفي بعجها مباشرة عام 2002م إلا نموذج واحد.
- محمد إبراهيم قيم (30 عاما) قتل في 2002م يقول شقيقية "علي" الذي التقيته في "فندق الشريف" في حرض, إن لأخيه 4 أولاد وانه من يعولهم الآن.
- أحمد صديق (20 عاما) من مديرية عبس, قرية "البتارية" قتل في 6/1/2006م.
- علي هادي صديق (19 عاما) قتل بعد شهر من زواجه, خرج لطلب الرزق في شهر العسل, بسبب دين عليه قدره 50000. قتل عام 2009م.
في مديرية "الزهرة" التابعة إداريا للحديدة, هناك عشرات القتلى.
- أحمد علي هادي (25 عاما) قتل في 7/1/2009م, متزوج ولديه طفل واحد (ياسر) كان عمره 4 أشهر حين قتل والده.
- محمد كتع (18 عاما) قتل عام 2010م تخرج محمد من ثانوية الفاروق عام 2008 كان سريعا ورشيقا, وهو ما ساعده في كسب شهرة عالية عند أصحاب القات. استطاع أن ينجح في عدة عمليات؛ لكن تلك العملية سيئة الذكر- على حد تعبير شقيق سالم, كانت هي الأخيرة, يقول سالم: "في 5 مايو من العام 2010م وصلنا خبر مقتل محمد, بعد أن اخترقت رصاصة حلقه في منطقة "المرزوق", استبعد سالم أن تكون كلاشنكوف, مستنداً الى كبر فتحة الرصاصة في جثة أخية التي راها عندما تم دفنه قبل شهر في مقبرة جيران.
- ومثل قصة محمد كتع تأتي قصة إبراهيم محمد حكمي (14عاما) الذي قتل في "المغيالة" عام 2010م .
- حمد حسين غويدي (23 عاما) أحد أبناء مديرية عبس, الذي يسكنون في حرض. قتل في 20/12/2013م, وهو متزوج ولديه طفلان رمزي (6 سنوات), وأحمد (4 سنوات).
- وليد محمد طيب؛ من منطقة "بني حسن" (22 عاما) قتل عام 2010م
- فتحي حسيني (21 عاما) من منطقة "الرونه" بمديرية "كعيدنة" بمحافظة حجة قتل عام 2010م.
- أحمد حسين أميرة (40 عاما) من "بني حسن" بعبس, قتل عام 2009م بطلقة في رأسه. لا تزال جثته في مستشفى جيزان العام.
- علي أسود (32 عاما) من قرية "مسواد" – "بني حسن", قتل قبل أشهر ولا يزال في ثلاجة مستشفى منطقة "المصفق" السعودية.
- علي حسن غلي زهير (34 عاما) منطقة "بني حسن" قتل عام 2002م في منطقة "الحصامة" السعودية ودفن هناك.
***
هناك طابور واسع من العاطلين يرون في التسلل مصدر رزق لهم ولأسرهم, ولا يرون ضيراً في تهريب القات والدقيق و"الطماش". المصيبة أن هؤلاء الضحايا مستخدمون من مهربين كبار لا ينالهم خطر, وهذا مثير للقلق, وخاصة بعد توجه هؤلاء المهربين الكبار الى استقطاب الأطفال في الآونة الأخيرة.
(مدرسة النور) في "الشريفية" الحدودية, والتي يعمل 19 طفلاً من طلابها في التهريب, بعد أن تنتهي فترة حصصهم اليومية, نموذج واحد لعشرات المدراس.
تستدعي هذه الظاهرة من قادة البلدين الوقوف أمامها بجدية لإيجاد الحلول الواقعية والمناسبة, وإيقاف عداد الموت الذي يسير بسرعة مذهلة وبشكل يومي دون توقف.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.