بات مستقبل اخوان اليمن محفوف بالمخاطر، جراء تداعيات الأحداث في مصر، والضغوط الاقليمية والدولية التي يواجهها التنظيم الدولي للاخوان المسلمين. الحديث عن زيارة وفد اخواني من اليمن إلى السعودية وزيارة حميد الأحمر لأداء العمرة ولقاء القوى التقليدية في منزل الشيخ الشائف، هي محاولات من قبل اخوان لتجنب مصير إخوان مصر. علاقات إخوان اليمن مع السعودية مميزة، ولطالما مثلت اذرع الاخوان المختلفة في اليمن رأس الحربة لتنفيذ السياسية السعودية في اليمن. من المعروف أن السعودية تدعم التيارات الدينية السلفية التي تحرم الخروج على ولي الأمر، وتضيق على الاخوان باعتبارهم حركة سياسية تخطط للوصول إلى الحكم، وبالتالي فإن تضييق السلطات السعودية في الآونة الأخيرة على قيادات اخوانية، سيلقي بضلاله على تراجع دعمها لاخوان اليمن، وإن كانوا قد تماهوا مع القبيلة والعسكر، وشرعنوا حكمهم للبلاد طيلة العقود الماضية، ويحاولوا اليوم انتاج ذات النظام التي ثار ضده الشعب في 11 فبراير. ربما تكون السعودية نجحت في اختراق اخوان اليمن من الداخل من خلال وصول قيادات قبلية وعسكرية محسوبة عليها، إلى مركز صنع القرار داخل الجماعة، وبالتالي فإن أي محاولة لاخوان اليمن بالتمرد على السعودية سيجعلها تلوح بشق الجماعة. القبيلة أعطت للاخوان نفوذا وشعبية في المناطق القبلية الشمالية، وعلي محسن ساعد على توغل قيادات اخوانية في المؤسستين الأمنية والعسكرية والجهاز الإداري للدولة، لكن ما ينبغي الوقوف عنده أن الثقل السياسي لتجمع الإصلاح في المناطق القبلية ليس ولاء ايدلوجيا بقدر ما هو ولاء لشيخ القبيلة القيادي في الجماعة، وكذا بالنسبة لضباط الجيش الذين حرص محسن على ربطهم به مباشرة. هذه معضلتان تقفان في وجه اخوان اليمن وتجعل قرارهم أسير للقوى العسقبلية، التي تتمتع بعلاقات وطيدة للسلطات السعودية منذ ما بعد ثورة سبتمبر 1962م. لكن ذلك لا يعني أن السعودية لا تفكر بتجاوز الاخوان، بعد أن تمكنت من كبح جماح النفوذ القطري الذي تصاعد إبان ثورات الربيع العربي، ومثل الرافعة المالية لجماعة الاخوان في مصر وتونس واليمن وليبيا، وساعدهم في الوصول إلى السلطة. النفوذ القطري هذا كان على حساب النفوذ السعودي، والذي ربما ساهم في فلتان مقود الاخوان من يد السعودية، التي كما يبدو انتقمت منهم بتأييد ثورة 30 يونيو المصرية. وعليه فإنه صار اليوم على اخوان اليمن الذين باتوا يهاجمون السعودية التي طالما وقفوا في صفها عقود، التريث وعدم الاصطدام بها، والذي بدأ ظاهرا من خلال تخفيف الحملة الاعلامية على السعودية، التي شنها ناشطوا الاخوان أثناء ثورة 30 يونيو المصرية. ومثلما تماهى الاخوان مع صالح وشرعنوا لحكمه بالفتاوي المختلفة، تمهيدا للانقضاض عليه وعلى حكمه واعادة انتاجه بصورة أكثر فجاجة، ربما اليوم يعملوها مع السعودية ويقدموا لها الولاء والطاعة، تجنبا لأي أذى قد يلحق بهم، وبما يمكنهم من الاستمرار في اخونة الدولة. لكن السؤال المهم هل ستساهم هذه الضغوط والموقف الاقليمي والدولي من الاخوان في تخفيف ضغوطهم على الرئيس هادي الذي بات في الآونة الأخيرة يثقل كفتهم. مراقبون يعتبرون أن ما تشهده البلد اليوم من اختلال أمني وتخريب للمصالح العامة، والتي زادت حدتها منذ عودة الرئيس هادي من السعودية قبل أيام، هي ضغوط تمارس على هادي، ربما لأنهم شعروا بأن الرجل بات مدعوم دوليا واقليميا لتجاوز عقدة الاخوان. هادي لديه دعم دولي واقليمي غير محدود، لكنه يفتقد الدعم الشعبي، الذي لا يزال اسيرا لقرارات طرفي التسوية. بإمكان هادي في الوقت الحالي تكوين جبهة مضادة للاخوان بالتوجه لإعادة هيكله حزبه المؤتمر وعقد تحالفات مع باقي أحزاب المشترك التي باتت متذمرة من سيطرة واستحواذ الإصلاح على قرار المشترك، ونسج تحالفات مع القوى المدنية في الساحة، لكن الواقع يقول إنه لا يزال اسيرا لأحداث 1986م، وتحالفات صيف 1994م، وهو ما ويوقعه تحت ضغوط الاخوان واذرعهم القبلية والعسكرية.