لا توجد أحزاب سياسية في العالم كله تدعي الديمقراطية وتنقلب عليها عند أول اختبار!!.. الأحزاب اليمنية هي الفريدة والوحيدة في العالم وفي المنطقة تنقلب على الديمقراطية في وقت تدعو الى التمسك بها, في تناقض فاضح وصارخ. من يصدق أن الأحزاب في بلدنا وهي أحزاب جاءت باسم الديمقراطية كانت أول من يتخلى عنها, ويتنصل منها حفاظاً على العلامة مع الحاكم. بالأمس انقلبت الأحزاب وأعلنت تمسكها بالرئيس صالح كمرشح لها في الانتخابات التي جاءت عقب 94م, وعملت على تعطيل الدستور, وتعديل مواده, وكانت أول من ساهمت في بقاء الحاكم كل تلك الفترة من خلال الصلاحيات التي مُنحت له من أجل بقاء مصالحها, وبالأمس القريب أعلنت الأحزاب السياسية, ووقعت وثيقة أو مبادرة تنص على الدخول في الانتخابات الرئاسية بمرشح واحد, في مفارقة لم يشهد ولن يشهد العالم لها مثيلاً.. في حين كان عليها أن تعزز من التجربة الديمقراطية من خلال الدخول في انتخابات تنافسية تعمل على إثراء التجربة, وإعطاء أنموذج بأن الوضع بعد صالح سيكون ديمقراطياً, ولا مجال للمزيدة أو المناكفة. لكن ماذا فعلت الأحزاب سوى تقويض ما تبقى من الهامش الديمقراطي الذي كان متاحاً, ولم تستطع حتى الحفاظ على ما تحقق من إنجاز في الجانب الديمقراطي؟!. فالأحزاب تبحث عن المحاصصة والتقاسم والتعيينات بدلاً عن المنافسة والانتخابات, ربما أن لا نريده لكن قد نكون مجبرين في حال الاختيار بين السيء والأسوأ. فالتمديد اللغة الوحيدة السائدة اليوم, والتعيينات للمحافظين ولمدراء المديريات وللمسؤولين هو النهج الجديد لما بعد الثورة, مع أنه من المفترض أن تكون ممثل تلك الأمور قد حُسمت خلال فترة العام الأول من بعد الثورة. الأحزاب التي تبحث عن التمديد للرئيس هادي تدرك أن هادي ليس بشرعي, وأن قراراته غير شرعية, وأن مجلسي النواب والشوري والوزراء كلهم غير شرعيين, وانهم لم يأتوا من باب الديمقراطية, وأن من أتى من الانتخابات قد انتهت فترته الشرعية. الأحزاب التي لا تسعى الى تعزيز الديمقراطية وجعلها, وسيلة للتبادل السلمي للمناصب هي أحزاب لاتزال مربوطة بالموروث القديم الانقلابي والعمل السري ولم تتمكن من الخروج الى المجتمع بصورة جديدة. التمديد لهادي هو أسلوب الإخوان, وهو دليل على أن الأحزاب الأخرى لا تقدر على شيء فكل شيء مرهون بيد الإخوان الذين, اعتادوا التمديد للحاكم لتحقيق مآربهم, المشكلة في اليمن تكمن في أحزاب لا تقدر على ممارسة العمل الديمقراطي, بل هي أسيرة توجيهات الحاكم, وتعليمات القوى الظلامية التي تفسر التمديد عبر مفاهيم لا علاقة لها بالدين أو الديمقراطية, وهي بالأصح أحزاب تكفر بالديمقراطية ولا تؤمن بها.