حمدي ردمان الإعلان الصادر عن مجمع عيريم التربوي محافظة لحج، مديرية القبيطة، والذي يبشر بدورة صيفية لتعليم اللغة الإنجليزية في رحاب مجمع تربوي حكومي، ليس مجرد خبر عابر، بل هو ناقوس خطر يدق بشدة محذراً من تحول خطير يهدد جوهر التعليم العام ومفهوم تكافؤ الفرص. تحويل صرح تعليمي حكومي، أُنشئ لخدمة أبناء عيريم جميعاً، إلى معهد خاص يسعى للربح خلال العطلة الصيفية، يمثل انحداراً مُقلقاً وتكريساً لواقع يزداد فيه تهميش الطبقات الأكثر احتياجاً. لست ضد فكرة الدورات الصيفية أو تطوير مهارات الطلاب، ولكنني أقف بشدة ضد استغلال البنية التحتية الحكومية لتحقيق مكاسب خاصة. وكأن هناك إشارة ضمنية بأن جودة التعليم المقدم خلال العام الدراسي الرسمي غير كافية، وأن الحل يكمن في دورات مدفوعة الأجر تُقام في نفس المبنى الحكومي. هذا التصرف يثير شبهات حول وجود تعمد لعدم الاهتمام بالتعليم الأساسي، تمهيداً لترويج هذه الدورات الصيفية كحل بديل لمن يستطيع الدفع. أين هي مسؤولية المدرسين الذين يفترض بهم بذل قصارى جهدهم خلال العام الدراسي؟ أين دور مدير المجمع الذي يجب عليه الحفاظ على حرمة المؤسسة التعليمية وهدفها الأساسي؟ وأين صوت مجلس الآباء الذي يمثل مصالح جميع الطلاب وليس فقط القادرين على الالتحاق بالدورات الصيفية؟ هذا الصمت المطبق من هذه الأطراف يثير علامات استفهام كبرى حول مدى إدراكهم لخطورة هذا التحول وتأثيره على مستقبل أبنائنا. المشكلة تتجاوز مجرد استغلال مبنى حكومي، إنها تضرب في صميم مبدأ تكافؤ الفرص التعليمية. هناك شريحة واسعة من الطلاب لا تستطيع تحمل تكاليف هذه الدورات الصيفية، وبالتالي سيُحرمون من فرصة تطوير مهاراتهم اللغوية التي قد تكون حاسمة في مستقبلهم الأكاديمي والمهني، هل يعقل أن يصبح التعليم الجيد حكراً على القادرين مادياً، بينما يُترك الآخرون لمصيرهم؟ هل يعني بقية المواد مجانية،بإستثناء الإنجليزي فقط لإقامة الدورة في المجمع. الأكثر خطورة من ذلك هو الاحتمال الوارد بتراخي بعض المدرسين في أداء واجبهم خلال العام الدراسي، وهم يعلمون أن هناك فرصة لتحقيق دخل إضافي من خلال المركز الصيفي. هذا التفكير المادي قد يؤثر سلباً على جودة التعليم المقدم للجميع خلال الفترة الأساسية، مما يزيد الفجوة التعليمية بين الطلاب. بدلاً من هذا الاستغلال المقيت للموارد العامة، كان الأجدر بمجمع عيريم التربوي أن يتوجه إلى صندوق مبادرته التي انشأها مؤخراً لتكن الدورات مجانية أو تقديم طلب إلى مبادرة الخير ورد الجميل وأن يقترح عليهم إقامة دروس تقوية مجانية للطلاب المحتاجين. مبادرة رد الجميل كان يمكن أن توفر دعماً تعليمياً قيماً لجميع الطلاب دون استثناء، وتعزز قيم التكافل الاجتماعي والمسؤولية المجتمعية. ولماذا لاتقوم الصناديق الخاصه بتمويل الدورة حتى يتمكن جميع الراغبين الالتحاق بها، أم أن هذه الصناديق أقيمت فقط ضد المبادرة الام والتي كانت في بدايتها تعمل التقوية في بعض المواد في الاجازة الصيفيه فلماذا لا تضم هذه المواد إلى جانب اللغة الانجليزية. لو تم الإلتفاف حول مبادرة رد الجميل ودعمها كان بالإمكان أن تقوم تحت مظلتها هذه البرامج وتكون متاحه للجميع، مع العلم أن اللغة الإنحليزية تدرس من الصف السابع. إن تحويل مجمع تربوي حكومي إلى معهد خاص صيفي ليس مجرد خطأ إداري، بل هو مؤشر على خلل في الأولويات وتجاهل للمسؤولية تجاه المجتمع. يجب على الجهات المعنية في وزارة التربية والتعليم التدخل الفوري لوقف هذا التوجه الخطير، وضمان بقاء المجمع التربوي منارة للعلم والمعرفة تخدم جميع أبناء عيريم بعدالة ومساواة، لا ساحات للتربح الخاص على حساب مستقبل أجيالنا. إن صمتنا عن هذا الأمر هو بمثابة موافقة ضمنية على تقويض أسس التعليم العام، وعلينا جميعاً أن نرفع أصواتنا رفضاً لهذا الانحدار قبل فوات الأوان.