سنان منصر بيرق كلما ارتفعت الأصوات المنادية بفتح الطرقات في مناطق الحرب، تسللت تعليقات مكرّرة من أنصار جماعة الحوثي، مفادها: "نحن لا نمانع… إذا بادرت الجهة الأخرى." ها هي "الجهة الأخرى" ممثلة في الشرعية تبادر وتفتح طريق مريس – دمت، وتشقّ بخطى واثقة نحو فتح طريق قعطبة – الفاخر، وسط ترقّب شعبي حارق، وأمل يترنّح بين الواقع والخذلان. اليوم، لم يعد لدى الحوثيين عذرٌ يتوارون خلفه. الكرة في ملعبهم. فهل ستُترجم شعاراتهم إلى أفعال؟ أم أن حديثهم عن السلام ليس سوى غطاء دخاني لعقيدة الحرب؟ ست سنوات من الألم والشتات والحرمان عاشها أبناء هذه المناطق. ست سنوات نزفت فيها القرى والوديان، وهُجّرت الأسر، وتبدّدت الأحلام، وتحوّل الخبز إلى أمنية، والعبور إلى مغامرة محفوفة بالخطر. ست سنوات تجرّع فيها الناس ويلات الحرب، وفقدوا أرزاقهم، وخسروا مليارات من الريالات بسبب إغلاق الطرقات وقطع شرايين الحياة. إن فتح الطرقات ليس منّة من أحد، بل واجب قانوني وأخلاقي، تفرضه القوانين الدولية والمبادئ الإنسانية، وتنص عليه مواثيق حقوق الإنسان وقرارات مجلس الأمن. وإن التمادي في قطعها جريمة مركّبة، تعني خنق الاقتصاد، وتعطيل حياة المدنيين، واستخدام الحصار كأداة حرب، وهو ما يُعد جريمة ضد الإنسانية وفق القانون الدولي الإنساني. يا من تكررون نغمة: "نحن لا نمانع"… ها هي المبادرة أمامكم، فهل تبادرون؟ أم أنكم تفضلون إبقاء الطرقات مغلقة، لتبقى الأوجاع مفتوحة؟ الناس في انتظاركم، والتاريخ يسجّل، والعدالة لا تنام.