محمد القيرعي صديقي ورفيق كفاحي الاستاذ احمد سيف حاشد قرأت بأمعان موضوع يومياتك في امريكا.. رقم (11) المعنون مع عمدة نيوورك وللحقيقة فقد اثرت غبطتي وحسدي في ان معا،، حسدي لك ليس لتواجدك بالاحرى في تلك البلاد ( امريكا) التي وعلى الرغم من اتسامها حاليا باعلى معايير التحضر الانساني.. الا انني ابغضها بتطرف وابغض ارثها وميراثها وكل ما فيها وكل ما يمثلها كونها بلد نشأ في الاول والاخير على ابجديات الجريمة التي دفعت الانسانية وعلى مدى قرون اثمانا فادحة لتكوين شخصية هذه الامة المتنافرة بقدر تجانسها الظاهري.. فانا احسدك على الفرصة التي اتيحت لك في الاساس لمعانقة احد انبياء الانسانية من منظوري الشخصي السيد ( اريك ادامز ) والذي قد لا يكون له وهذا مؤكد قطعا اي تأثير شخصي واعتباري ملموس على صعيد حركة الكفاح التحرري التاريخي لاقراننا زنوج امريكا.. ممن ضحوا بارواحهم ودمائهم ممهدين له طريق اكتساب السلطة ( كعمدة منتخب لمدينة نيوورك) التي تعد اهم واكبر مدن امريكا وباكورتها الاقتصادية.. امثال القادة العظام مالكوم اكس، ومارثر لوثر كتج، وروزا باركس، ونات تورنر، وبولاند كينت، ولوريتا سكوت، وجيمس ليزلي.. والعشرات غيرهم .. الخ الا ان نبوته كامنة من منظوري الشخصي في تمثيله ومن خلال موقعه الحالي لعظمة التطلعات التحررية السوداء التي عصفت باقرانه جيلا بعد جيل على مدى اربعة قرون ونيف من عمر وتاريخ المعضلة العنصرية ضدهم،، ما اود قوله في هذا الصدد هو ان السيد اريك ادامز، الذي يحكم عندكم اهم واكبر العواصم الاقتصادية في العالم.. انما هو انعكاس في الواقع لمدى قدرة الظاهرة الحضارية (كقوانين منظمة لسير ومسار الحياة والعلاقات الانسانية) على تحقيق المستحيل،، فمتى ما تحرر المرء من قيود العقائد الاجتماعية والدينية..فأن في مقدوره العيش والنجاة والتطور الحتمي صوب الافضل،، وهنا يكمن الفرق ما بين التحضر.. والماضيوية.. فعلى سبيل المثال اتصور انه لو قدر لهذا الاريك ادامز.. يوما ما زيارة بلادنا الموسومة زورا بالحكمة.. لبات قدره ومصيره مرهونا بحجم المرفع المخصص له حتى ولو كان يشغل مقعدها التتفيذي الاول ..كرئيس للبلاد كلها.. وليس حاكما لاحدى مدنها ،، وللعلم.. ومن باب التذكير والمقارنة.. قد تزامنت اولى بوادر ثورة الحقوق المدنية السوداء في امريكا في ستينيات القرن الماضي، مع انبلاج فجر ما يسمى في بلادنا بثورة 26/سبتمبر الفارغة قطعا من اي محتوى ثوري.. العام 1962م .. وبفارق اسبوع واحد فقط لصالح الاولى التي بدأت بوادرها الحركية في النشوء منتصف سبتمبر 62م اي قبل عشرة ايام فقط على هدير مدفع السلال وعلي عبده المغني بصنعاء التي صبت جام غضبه انذاك على نظام الامامة الملكي الذي كان في الواقع اكثر تقدمية من كل اثوار سبتمبر.. وذلك بغية اعتقاق الشعب.. كل الشعب اليمني بشيوخه واخدامه ومزاينته ودواشنته ومطبليه من الرق المزعوم بحسب الدعوات الثورية.. الخ وذلك على خلفية احتجاجات اجتماعية وعرقية متطرفة شهدتها انذاك ولاية الاباما.. المعروفة بكونها إحدى ابرز ولايات النطاق الزنجي الاكثر تطرفا في تاريخ الاستبداد العنصري الامريكي.. احتجاجا على قبول جامعة اكسفورد في الولاية استيعاب الطالب الزنجي ( جيمس براديت) ضمن صفوفها.. الامر الذي اسفر عن موجة احتجاج جماهيري رفضي ذو سحنة استعلائية عنصري متطرفة ومقيتة قادها انذاك حاكم ولاية الاباما. المتعصب ( روس بارنت) بهدف الحفاظ على ارثهم المخجل والمتمثل بالفصل العرقي بين الجنسين ( الزنوج والبيض) الفصل الذي كان لا يزال سائدا ومكرسا على كل مناحي الحياة اليومية والانسانية.. رغم عدم قانونيته _ اي الفصل العرقي _الذي يعد من الناحية الدستورية مجرما منذ ما يقرب من قرن زمني كامل مضى .. استنادا في المقام الاول الى مضامين المرسوم الرئاسي الذي كان قد اصدره الرئيس الشهيد ( ابراهام لنكولن) العام _1869م والقاضي بالغاء كل مظاهر العبودية القسرية من حياة المجتمع الامريكي.. بالاضافة الى ما تبعه انذاك من اجراءات تشريعية لاحقة ومعززة لهذا المسعى التحرري على الصعيد الانساني.. اهمهما التعديلين الدستوريين الرابع عشر في العام _1877م. والخامس عشر _1878م واللذان تضمنا حرفيا تمكين الزنوج من التمتع بكافة حقوق وامتيازات المواطنة المتساوية.. بما فيها حق الاقتراع والترشح للمناصب الحكومية والتنفيذية المختلفة لضمان اسس شراكتهم العادلة والمفترضة في ادارة الشئون العامة للبلاد .. الخ ومع هذا فقد تعين على امثال العمدة ( اريك ادامز ) من زنوج امريكا الانتظار لقرن زمني كامل قبل ان يبدأؤ في ادراك المعنى البليغ لتلك الحقوق التي يتعين عليهم انتزاعها.. رغم عراقة النظام السياسي الديمقراطي الامريكي على الصعيد الوطني الداخلي الذي كان في مقدور الزنوج الاستفادة منه بشكل مبكر لانتزاع حقوقهم تلك والتمتع بها.. عوضا عن الانتظار لقرن كامل عاشوا خلاله.. او تعايشوا مع نوع من نمط العبودية المختارة ،، وهذا مرده بطبيعة الحال الى عاملين اساسيين.. الفقر المتفشي انذاك في نطاق الغاليية العظمى من الزنوج.. بالاضافة ايضا الى عوامل الامية السياسية والمعرفية المستفحلة في حياة 98٪ في المائة من الزنوج الذين تخلصوا وبشكل مفاجئ من قيود العبودية المتدلية من اعناقهم.. بمقتضى مرسوم لينكولن والاجراءات التشريعية اللاحقة.. وعبيد في الوقت ذاته للفقر والعوز والفاقة والامية والافتقار الكلي لابسط شروط ومقومات النماء والتطور الانساتي.. بالصورة التي اجبرتهم على العودة والتقوقع داخل قيود العبودية المختارة طلبا للنجاة ولقرن زمني كامل كان كافيا لاختمار حراكهم التحرري والمطلبي الذي انطلق في سبتمبر العام 1962م من وسط الجامعات والمؤسسات التعليمية.. حيث بدأ واضحا ان الوعي التحرري الناشئ وسط الزنوج.. كان مبعثه الاساس توسع قاعدة التعليم في محيطهم.. فالتعليم.. والمعرفة الانسانية.. هي اساس كل التحولات البشرية الحاصلة.. هنا وهناك ،، خلاصة القول.. هو انه ودون الحاجة لسرد الاحداث والتطورات المتلاحقة التي اسفرت وخلال الحقبة الزمنية ذاتها لسبتمبر 62م المشؤمة عن ايصال اريك ادامز وقبله باراك اوباما الى سدة المسؤلية العليا في بلادهم،، بالنظر الى مظاهر التوأئمة القائمة ما بين الحراك الزنجي بين الثورتين سبتمبر 62م بتاعنا.. وسبتمبر الاباما بتاع ابناء عمومتنا زنوج امريكا ،، فان النتائج الحاصلة في كلا البلدين على الصعيد الانساني تعكس الفارق الجوهري ما بين التحضر الحداثي الفعلي المعاش كامر واقع ومتقدم هناك.. وبين ثورة في بلادنا بلغت عقدها السابع فيما لا تزال محشورة في عسيب عبدالله بن حسين الاحمر.. باعتباره معيار الحضارة الوطني ،، وفيما بات في مقدور امثال السيد _ اريك ادامز _التأثير اكثر على سير ومسار الحياة والحداثة والتاريخ في محيط بلاده .. فان طبقة التهميش والمهمشين الجدد في بلادنا اخذت في التصاعد والاتساع خلال الحقبة الزمنية ذاتها لتشمل العديد من طبقات القبائل السيادية البيضاء.. الذين باتوا يقاسموننا بصورا او باخرى هويتنا الطبقية التقليدية كأخدام جدد وكوافدين بفعل معايير الحداثة السبتمرية المبجلة باناشيد (يا فرح يا سلى) لدرجة قلصت حتى من مقدرتنا كاخدام تقليديين في الحصول على متنفسنا الطبيعي لممارسة مهامنا التقليدية في التسول في الاسواق التي قاسمونا اياها قسرا ،، وان كانت معضلة الاخدام الجدد الوافدين الينا من محيط طبقات القبائل المقصية والمبعثرة هنا وهناك تكمن في عدم استعدادهم البديهي للاعتراف بوضعهم الدوني الجديد المتولد من رحم العثرات الوطنية المتلاحقة (كأخدام جدد) بصورة قد تساعدنا معشر الاخدام التقليديين بالحفاظ على هويتنا العرقية _ نقية _وصافية _ومستقلة.. عن مجونهم الماضيوي،، ويبقى العامل.. والحاسم الاهم الذي مكن بلد كامريكا من تخطي ارثها الاجرامي الطويل والمظلم والمشوه على الصعيد الانساني. والانتصار لتطلعات ادامز واقرانه.. ماثلا في صوابية خيارهم الحضاري الذي انتهجوه عبر التحرر اولا من قيود الرب ومعتقداته اللاهوتية.. والاتجاه صوب تأسيس حياتهم ومستقبل بلادهم وشعوبهم على قاعدة التطبيق الامثل للتشريع والقانون الذي يمثل دينهم وألهتهم الحقيقية،، فيما نحن نقتل ونسحل وتصادر حقوقنا وادميتنا وتداس كرامتنا.. باسم الرب الذي تحول من منظوري الى رمز راعي للرذيلة والارهاب.. وليس باكورة للتوحيد الروحي،، الامر الذي سيتعين علينا ان كنا جادين مستقبلا في السير على منوال مجتمع اريك ادامز.. التحرر وبشكل غير مشروط من كل مل يمت للعقيدة والروابط اللاهوتية بصلة.. والا فنحن عبيدا في دنيانا واخرتنا.. شئنا ام ابينا،، وللحديث بقية … الرئيس التنفيذي لحركة الدفاع عن الأحرار السود في اليمن رئيس قطاع الحقوق والحريات في الاتحاد الوطني للفئات المهمشة في اليمن