نبيل المقطري إن استقرار أي مجتمع وسلامة الأهالي يرتكز بشكل أساسي على مبدأ سيادة القانون، حيث لا أحد فوق المساءلة، وحيث تجد العدالة طريقها إلى النفاذ دون عوائق. في الآونة الأخيرة، شهدت مدينة تعز أحداثًا جسيمة هزت ضمير المجتمع وأثارت قلقًا مشروعًا حول واقع المنظومة الأمنية والعدلية. إنفاذ الأحكام والقرارات القضائية، وملاحقة المطلوبين للعدالة بغض النظر عن مواقعهم أو نفوذهم، ليس مجرد إجراء روتيني، بل هو جوهر العقد الاجتماعي وأساس ثقة المواطن بالدولة ومؤسساتها. أي تباطؤ أو تقاعس في هذا الواجب يقوض هيبة القضاء ويفتح الباب أمام الفوضى وشريعة الغاب. ما شهدته المدينة من تحركات أمنية مؤخرًا، استجابةً لمطالب شعبية واسعة، يمثل خطوة في الاتجاه الصحيح نحو تفعيل دور أجهزة إنفاذ القانون. هذه التحركات، وإن كانت ضرورية، يجب أن تكون جزءًا من نهج مؤسسي مستدام، لا مجرد ردود أفعال مؤقتة على أحداث مأساوية. إن دم الضحايا، وكل من طالتهم يد الجريمة، يضع على عاتقنا جميعًا – كلٌ في موقعه – مسؤولية تاريخية لضمان عدم إفلات أي جانٍ من العقاب. الأمل معقود على أن تكون هذه الأحداث نقطة تحول حقيقية نحو فرض هيبة الدولة، وتطبيق العدالة على الجميع دون تمييز أو استثناء، فبذلك وحده تُصان الدماء، وتُحفظ الحقوق، وتستعيد المدينة أمنها وطمأنينتها…