محمد شمسان كان رحمه الله كبيرا في كل شيء ، صحفي ومهني عتيق وفيلسوف عميق وأديب أنيق ، وسياسي صادق وأمين ومناضل جسور ومعلم قدير ، تصدر إسمه قائمة أشهر الصحفيين اليمنيين المحترفيين ، ولم يغب نجمه ولم يجف قلمه ولم تتوقف أنامله طوال أربعين عامًا ، إسمه يعرف عن نفسه ويشير إلى تجربة صحفية مختلفة بكل ما فيها من تفاصيل ومحطات ومراحل ، وأعماله الصحفية ستظل خالدة في ذاكرة الاجيال – والاجيال المتعاقبة ، له بصماته المميزة في الصحافة الورقية والإلكترونية ، وله طريقته الخاصة في كتابة المقالات والتحليلات السياسية وإعداد وتحرير المواد الصحفية ، تمتع رحمه الله بشخصية قوية وتأثير واسع في الاوساط الصحفية والاعلامية اليمنية . درس الفقيد الكبير حسن عبدالوارث الفلسفة وعلم الاجتماع ، ومن هنا تشكل وعيه الثقافي وخلفيته المعرفية ، فكان أستاذا في اللغة العربية والفصاحة والبلاغة ، مما جعله يسير بخطوات واثقة نحو النجومية والشهر في مختلف الاوساط السياسية والاعلامية والثقافية والادبية ، وانعكست تلك القدرات على تميزه الصحفي وادائه المهني الذي بداه في وقت مبكر وتحديدا منذ العام 1977م، حيث بدأ هاويا للكتابة وقراءة الاعمال الأدبية والمجلات والصحف الثقافية والفنية والعلمية ، وكانت أول سطور خطها بقلمه على صفحات صحيفة 14 أكتوبر الصادرة من عدن ، التي كان يرسلها بالأخبار القصيرة عن فعاليات ثقافية وادبية وفنية تقام في المدارس و الجامعات وغيرها. بعد أن حصل الصحفي الكبير الراحل حسن عبدالوارث على دورات متتالية في الجوانب الصحفية في مدينة عدن خلال السنوات الاولى من الثمانينات توفرت لديه فرصة الحصول على دبلوم في الصحافة والاعلام وسافر الى بلغاريا وحصل على شهادة الدبلوم بتفوق في عام 1989 م ، وعاد بعدها الى العاصمة عدن ليواصل نشاطه الصحفي في مؤسسة أكتوبر الصحفية ، وعقب تحقيق الوحدة اليمنية ، انتقل إلى صنعاء وكان من أوائل الصحفيين المؤسسين لنقابة الصحفيين في صنعاء ، ثم عين عقب حرب صيف 94م ، مديرا لتحرير صحيفة الثوري الناطقة باسم الحزب الاشتراكي اليمني ، واستمر عمله بنشاط كبير وسجل حضورا لافتا في الوسط الصحفي ، وخلال مشاركته في مؤتمر نقابة الصحفيين اليمنيين الاول فاز بعضوية المجلس المركزي للنقابة ، ثم انتخب في المؤتمر المنعقد عام 1999م ، وكيلا ثانيا للنقابة ، وكان خلال فترة عمله بالنقابة مخلصا في جهوده معبرا عن زملائه واضحا في مواقفه الداعمة لحرية الرأي والنشر وحقوق الصحفيين ، ممثلا بذلك ضميرًا حيا لكل الصحفيين . لقد تميز الاستاذ الفقيد رحمه الله بالكثير من الصفات التي جعلته متفوقا على الكثير من الصحفيين المعاصرين له ، ليس فقط بمهنيته واحترافه للعمل الصحفي ، بل حتى في تواضعي وإلتزامه بأخلاق ومعايير العمل الصحفي وقربه من زملائه ودعمه المتواصل لهم وبناء قدراتهم وتطوير مهاراتهم الصحفية ، ويضاف إليه أيضا – عمق تحليلاته وجمال لغته ، وسهولة مفرداته ونقده الهادئ والبناء ، وقبل ذلك وبعده تمسكه بقيمه ومبادئه التي عاش بها ومات عليها ، ولم يكن يقبل يوما أن يتحول قلمه عن مساره الوطني المعبر عن قضايا الوطن والمدافع عن حقوق وقضايا المواطنيين ، كان رحمه يؤمن بأن الصحافة "صوت الضعفاء" و"واجب أخلاقي قبل أن تكون مهنة" ، ولذلك كان محبوبا لدى زملائه، ومعلّمًا لجيله ولأجيال لاحقة من الصحفيين . صدرت له العديد من الاعمال الأدبية والثقافية منها : * ديوان : ما خفي من التفاصيل * دراسة موسّعة : الإعلام في عالم متغيّر ومؤلفات في فلسفة الإعلام المعاصر وكان رحمه الله إنسانًا بكل ما تعنيه الكلمة ، وظل على نهجة ومبادئه وأخلاقه الى ان غادر الحياة الدنيا في 25 سبتمبر 2024 ، تاركا خلفه إرثا صحفيا كبيرا وأثرا بالغا في قلوب زملائه واصدقائه ، إثر مضاعفات الأزمة القلبية التي داهمته ، قبل أيام من وفاته . رحم الله الصحفي الكبير الفقيد الراحل حسن عبدالوارث واسكنه فسيح جناته ، ولنا في هذه التجربة الصحفية التي قدمها الكثير من الدروس التي يجب أن يستفاد منها .