محاولة اغتيال الدكتور ياسين سعيد نعمان عن طريق قناصة كانوا في إحدى المآذن بعد ساعات من جريمة العُرضي وبعد ساعات من أيام من اغتيال الدكتور الشهيد عبد الكريم جدبان, تدل على أن المخطط لا يزال مستمراً, وأن القادم مجهول في بلد يعيش على كف عفريت تتلاطمه الأمواج من كل جانب. في حين يتفرج الشعب من بعيد وكأن الأمر لا يعنيه, وكأنه مغلوب على أمره لا يقوى على شيء. شعب يصحو على جرائم الاغتيالات, وعلى انفلات أمني, ويُمسي على عصابات ومليشيات تعبت بأمنه واستقراره. شعبٌ ركب في سفينة تغرق, لكنه لا يعمل على إنقاذها, وإنما يصر على الركوب إلى حيث لا يدري, حد تعبير البردوني, بعد أن سلم السفينة لقبطان غير ماهر. اغتيال جدبان ومحاولة اغتيال ياسين بالتزامن مع اغتيال صدام حسين مسؤول أمن قصر الرئيس في تعز, واغتيال ضباط النجدة في البيضاء كلها مؤشرات على انهيار المنظومة الأمنية وعلى ضعف أداء الحكومة. كل المعطيات كانت تؤشر إلى بدء في إقالة كل من رئيس جهاز الأمن السياسي ورئيس جهاز الأمن القومي, ووزير الداخلية, ووزير الدفاع, ومدير الاستخبارات العسكرية لنتفاجأ بكلام باسندوة بأنه عازم على تعديل وزاري لا يطال المتسببين في الانفلات الأمني, وإنما ذهب إلى المطالبة بإقالة وزير النفط و وزير النقل واعد باذيب, ما لم فإنه سيعتكف في منزله رغم أنه لم يداوم في مقر الحكومة, وإنما في منزله. على العموم باسندوة أحد المسؤولين الذين يجب أن تتم محاسبتهم, بالإضافة إلى باقي الوزراء, والسبب أن كلهم مسؤولون عن حياة اليمنيين, ولا يمكن إعفاؤهم من عدم تحمل المسؤولية في كل ما حدث ويحدث. محاولة اغتيال ياسين لن تكون الأخيرة, وعلى الحكومة التي سارعت إلى فتح تحقيق أن ترحل, وعلى الرئيس هادي البدء الفوري في إقالة كل الفاسدين والمقصرين, والعجيب أن الحكومة التي تطالب بفتح تحقيق توجه الكلام نحو أسماء وكأنها غير مسؤولة وغير معنية بما حدث ويحدث. رغم أن البعض جاءوا باسم الثورة ومن أحزاب, إلا أنهم لم يتمكنوا من الخروج وإدانة الجرائم التي وقعت أو على الأقل البدء بتقديم استقالاتهم من حكومة الفشل, ولم يسمع اليمنيون أن وزيراً قدم استقالته من الحكومة بسبب فشلها, فهم وإلى اليوم يصرون على المضي في قيادة الحكومة نحو الهاوية. جرائم الاغتيالات وجرائم الانفلات الأمني لم تدفع بأحد إلى الاستقالة, كتعبير حقيقي رافض لتلك الجرائم التي لم يسلم منها سوى الإصلاحيين التكفيريين, ربما أن ذلك هو مادفع بأحد السذج في الإصلاح الى دعوة الاشتراكيين بعد محاولة اغتيال ياسين إلى القول عليكم بمحاكمة المأذنة التي أطلق منها الرصاص, وهو بذلك يُثير الكثير من الأسئلة الدائرة عن الدوافع الحقيقية لكل الجرائم التي حصلت خلال الأعوام الماضية, وعن الجهة التي تقف وراءهم. ولعل الأهم القول: كيف لهؤلاء المجهولين أن يتصيدوا القادة المدنيين والعسكريين عبر قناصاتهم, ومن على الدراجات النارية؟ كيف يوجهون رصاصات الموت نحو الجميع, ويستثنون قيادات الإصلاح التكفيري؟. هنا ربما تكمن المكاشفة وتبدو الحقيقة واضحة للعيان أن جرائم الاغتيالات المتواصلة والتي تُقيد مخطط ينفذ بحذافيره وتوكل المهمة إلى جُندهم من التكفيريين باستهداف من يرونه عقبة أمامهم وأمام نزعاتهم الإقصائية والإلغائية. إلقاء التهمة على القاعدة هو نوع من إسقاط المسؤولية ورميها على طرف مجهول غير موجود ككيان, لكنه موجود كأفراد يدارون من قبل جهات معروفة لدى الجميع. القاعدة- إن صح- تستهدف كل الاشتراكيين والمؤتمريين والإصلاحيين والمستقلين الشماليين والجنوبيين, على حد سواء لا تفرق بين احد منهم. لكن ما هو حاصل أبشع وأفظع, فالكل مستهدف برصاص مجهولين عدا طرف واحد هو الإصلاح الذي يقول البعض بأنهم محروسون, وهذا ما يجعلنا نطالب بالكشف عن كل جرائم الاغتيالات التي حدثت منذ عام 90م وإلى اليوم. إذا كان جدبان استشهد أثناء خروجه من مسجد الشوكاني فإن محاولة اغتيال الدكتور ياسين من على إحدى المآذن التابعة لمسجد يديره الإصلاح يعد أمراً في غاية الخطورة, وعلى قيادة الإصلاح أن تكشف عن الجهة وتقدم الجاني إلى القضاء, فالمآذن لا تحاكم بل من يديرها ويخطط لمثل تلك الجرائم. لا نريد القول بأن المآذن الإصلاحية التكفيرية باتت تشكل خطراً على غرار ما حدث في سوريا, حين وجد التكفيريين فرصتهم لممارسة القتل من أعالي المآذن. ما يحصل الآن هو عبث دموي, وعلى الإصلاح باعتباره القوة النافذة والأكبر أن يتحمل المسؤولية ويكشف الحقائق. ما لم فإن الحكومة والرئيس عليهم أن يذهبوا إلى إجراء تحقيق دولي في كل جرائم الاغتيالات التي وقعت, وعليهم تقع المسؤولية الكاملة, نحن لا نطالب بمحاكمة دراجة نارية لا نعرفها ولا سيارة متفحمة لا نعلم لمن تعود, ولا مآذنه لا ندري من اطلق الرصاص منها, هذا شأنكم أنتم كمسؤولين, نحن نريد معرفة الجُناة ومن يقف وراءهم حتى لا تتواصل جرائم الاغتيالات!!..