اعتبر القائم بأعمال مندوب اليمن لدى الأممالمتحدة، خالد اليماني، الإرهاب، خطراً وجودياً يهدد كيانات المجتمعات، وخطراً كونياً يضاهي تفشي الأوبئة والأمراض الفتاكة. جاء ذلك في كلمة الجمهورية اليمنية التي ألقاها القائم بأعمال مندوب اليمن الدائم لدى الأممالمتحدة، في جلسة النقاش المفتوح التي عقدها مجلس الأمن الدولي يوم أمس لتدارس آفاق التعاون الدولي لمكافحة الإرهاب والتطرف، واستعرض اليماني في الكلمة المعوقات وجوانب القصور والهشاشة في الاستراتيجيات المتبعة لمكافحة هذه الآفة، وفقاً لما أظهرته نتائج الاستعراض الرابع للاستراتيجية العالمية لمكافحة الإرهاب التي نظمتها الأممالمتحدة في النصف الأول من هذا العام. وقالت وكالة الأنباء الحكومية "سبأ"، إن القائم بأعمال مندوب اليمن تطرق إلى التحديات التي تواجهها الجمهورية اليمنية جراء تنامي مخاطر الإرهاب والجهود المبذولة لمواجهته، مؤكدا في ذات الوقت أن اليمن شريك فاعل في الشراكة الدولية لمكافحة الإرهاب التي تبلورت خلال السنوات الماضية. وقال: «لقد واجهت بلادنا منذ وقت مبكر ومازالت خطر الإرهاب وتواصلت محاولات تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية المستميتة للنيل من سيادة الدولة وهيبتها مستغلاً الأوضاع الإنسانية والاقتصادية والاجتماعية التي نواجهها». وأضاف: «لقد تبنت الحكومة اليمنية مصفوفة الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الإرهاب والتي تم صياغتها من قبل كافة المكونات الحكومية والمجتمعية بموجب قرار مجلس الوزراء رقم 147 الصادر في 18 سبتمبر 2012 ».. موضحاً أن هذه الاستراتيجية تحتوي على عدة محاور، أهمها المحور السياسي والاقتصادي ومحور غسيل الأموال وتمويل الإرهاب والمحور الإعلامي والمحور القضائي والمحور الدعوي والإرشادي والتثقيفي، ومحور إعادة التأهيل، ومحور التربية والتعليم، والمحور الأمني والعسكري. وأشار إلى أن لجنة متخصصة قامت بالتحضير لصياغة مشروع متكامل يشمل جميع القرارات والتشريعات المتعلقة بالإرهاب بما يكفل تنفيذ التعهدات الواردة في كل الاتفاقيات الدولية التي وقع عليها اليمن. ومضى اليماني قائلا: «وعلى الرغم من الجهود القانونية والتشريعية، إلا أننا واجهنا ومازلنا نواجه أثناء التنفيذ مشكلة التمويل وقلة الموارد فمختلف الوزارات والإدارات المعنية بتنفيذ جوانب الاستراتيجية تعاني من شحة مواردها وميزانياتها التي لا تسمح بتحمل المزيد من النفقات، فضلاً عن كون اليمن كما يعرف الجميع يعيش مرحلة انتقالية معقدة مع ما يصاحب ذلك من أوضاع إنسانية واقتصادية واجتماعية صعبة». واستطرد قائلاً: «وعلى الرغم من قيام حكومة الجمهورية اليمنية بتبني حملات عسكرية قوية لتطهير بعض المناطق التي كان يتواجد فيها عناصر الخلايا الإرهابية والذين تم دحرهم في محافظتي أبين وشبوة، إلا أن الوضع السياسي غير المستقر والظروف الاقتصادية الصعبة حالت دون إتمام تطهير بقية المناطق نظرا للكلفة الكبيرة، فضلاً عن الالتزامات المترتبة على إعادة الإعمار للمناطق المتضررة من المواجهات وعودة النازحين إلى مناطقهم بعد الانتهاء من العمليات العسكرية». وشدد في هذا الصدد على أهمية الإيفاء بالتعهدات التي وعد بها مجتمع المانحين لدعم اليمن خلال هذه المرحلة الراهنة بما يمكنه من التغلب على التحديات الراهنة وفي مقدمتها الإرهاب. وأكد القائم بأعمال مندوب اليمن أن أغلبية المقاتلين في صفوف تنظيم القاعدة الإرهابي في اليمن هم من المقاتلين الأجانب، مقدراً نسبة الأجانب بانها تصل إلى 70%، ومن جنسيات مختلفة في ضوء ما أظهرته نتائج فحص جثث قتلى العناصر الإرهابية خلال المواجهات مع أبطال القوات المسلحة والأمن، مشدداً على ضرورة تعزيز التعاون في ما بين جميع الدول والتنسيق وتبادل المعلومات في سبيل منع تدفق المقاتلين الأجانب وتجفيف مصادر الدعم التي أيضاً تتنوع وتشمل العديد من الدول. وقال: «مكافحة ظاهرة الإرهاب تحتاج لمعالجات تستقصي جذورها».. مذكرا بان الجمهورية اليمنية كانت من بين الدول السباقة إلى المناداة بمعالجة الأسباب التي أدت إلى انتشار ظاهرة الإرهاب في مجتمعات فقيرة ينتشر فيها ملايين العاطلين عن العمل، حيث يجد الشباب الفقير العاطل عن العمل والفاقد للأمل في حياة كريمة في الجماعات الإرهابية ما قد يوفر لهم ملاذاً لمواجهة المشاكل الاجتماعية والاقتصادية المزمنة. ولفت في هذا الصدد إلى ما أشارت إليه بعض التقارير الدولية من أن التنظيمات الإرهابية تمنح منتسبيها مداخيل شهرية تفوق الخمسمائة دولار، فيما يتلقى الجندي الحكومي في اليمن ما يعادل مائة دولار شهرياً فقط. وأردف اليماني قائلاً: «وعلى الرغم من تزايد عدد المؤتمرات والمنتديات والاجتماعات التي انتظمت خلال السنوات الماضية للنظر في الروافد الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لظاهرة الإرهاب، إلا أن الحلول الأمنية كانت مركز اهتمام المجتمع الدولي دون النظر في العواقب الوخيمة للعمليات العسكرية والقصف الجوي والضربات بالطائرات دون طيار، على التجمعات البشرية التي تتحرك فيها العناصر الإرهابية». وأبرز اليماني حاجة اليمن للدعم الدولي لمساندة جهوده في مكافحة الإرهاب وكذا حاجته للاستفادة من خبرات الدول المتقدمة في مجال بناء القدرات والتأهيل والتدريب للكوادر الوطنية. وأردف قائلاً: «فمحاربة الإرهاب تحتاج إلى كادر أمني وعسكري وقضائي على أعلى درجات المعرفة والخبرة”. وبينما أشار إلى أن التنظيمات الإرهابية العابرة للحدود قد وصلت إلى مراحل متقدمة في استخدام وسائل التكنولوجيا الحديثة لتجنيد المزيد من العناصر وللتكيف مع الطرق التقليدية المتبعة في محاربتها فقد شدد القائم بأعمال مندوب اليمن على ضرورة تعزيز الشراكة الدولية وعبر أحدث الطرق والوسائل الناجعة وتبادل المعلومات وبناء القدرات المتخصصة والتشبيك في ما بين مختلف دول الإقليم والعالم المنضوية في التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب بما يسهم في محاربة هذه الظاهرة العالمية بوسائل اكثر فاعلية لضمان نتائج تؤدي إلى القضاء عليها واستعادة عافية المجتمعات المستهدفة التي عاث فيها الإرهاب فسادا وتدميراً.