أنت أخي القارئ كيف تنظر إلى "المطلقة"؟ كأني بك الآن تتخيلها مسكينة قابعة في بيت أهلها تئنّ من الوحدة ومن مظالم الناس، تظن أنها تتألم من سهام نظرات الناس الحادة، ورقابة البيت البوليسية، وإحساس البعض في البيت بأنها جلبت العار والشنار إلى شجرة العائلة السامقة! تلك هي النظرة السائدة للمطلقات وهي صحيحة في بعض جوانبها، لكننا نسينا أن من بين المطلقات نساء طموحات، جعلن من طلاقهن نقطة بداية لحياتهن ومستقبلهن، لا نقطة نهاية، صارت تجربة الطلاق تجربة حيوية مكّنتهنّ من التفكير بالمستقبل بجدية أكبر، هذا ما قرأته في تجربة المطلقة "أم خالد" التي أرسلت لي رسالة مليئة بالطموح، وإن كان الألم يختفي بين حروفها. من ضمن ما قالته في الرسالة: "أنا مطلقة منذ سنوات وعمري 25 سنة ولدي طفل عمره 5 سنوات، أكملت دراستي حتى نلت الشهادة الجامعية وحاليا أنوي دراسة الماجستير أمنية حياتي "الابتعاث" والدراسة خارج الوطن والحصول على أعلى الشهادات، فالحصول على الماستر - مثلا- من بريطانيا في تخصص مثل التسويق والمحاسبة و إدارة الأعمال، يستغرق مني سنة وتسعة أشهر على حد أقصى، بينما في كلياتنا الموقرة، يتطلب الحصول على الماجستير مدة لا تقل عن 4 سنوات ولكن نظرا لأن ابني ليس له أوراق ثبوتية فلا أستطيع تسجيله في روضة حكومية فما بالك باصطحابه إلى خارج المملكة! كما أنه لا يحق لي الزواج، فسيأخذه والده - المجهول بالنسبة له - إلى أقصى نقطة في المملكة دون أدنى اعتبار". للأسف أن أغلبية من يطلقون زوجاتهم يتعاملون معهن ك"عدوّات" فيبدأون بشن الحروب عليهن، هذا يحرمها من أوراق ثبوتية، وآخر يرفض تطليقها فتصبح ك"المعلقة" مع أن جهات معنية يجب أن تتابع بشكل أمني ومدني حالات المطلقات مع أزواجهن، لإجبار الأزواج على الامتثال للأنظمة إذا ما أرادوا التطليق. قال أبو عبد الله غفر الله له: يا أم خالد أتمنى من وزارة التعليم العالي أن تقرأ رسالتك هذه، وأن يقشعر بدن الوزارة لهذا الطموح الجميل، والأجمل أن أم خالد لم تعتبر طلاقها نهاية حياتها بل بداية لحياتها العلمية والعملية، وإن استجابت وزارة التعليم العالي لطموح أم خالد هذا فإنها ستسنّ سنة حسنة في تشجيع المطلقات على الخروج من ذكريات تجربة الزواج التي لم تكتمل.