شهد الأسبوع المنصرم انفراجا سياسيا ملحوظا للأزمة اليمنية انعكس على أكثر من صعيد حيث كشفت الحكومة الحكومة الجديدة ( حكومة باسندوة ) عن قدر من الوعي والشعور بالمسئولية تجاه المهام الملقاة على عاتقها كحكومة وطنية افرزتها تداعيات أزمة خطيرة وفتنة عريضة كادت أن تعود باليمن إلى مراحل ماقبل الدولة أو ترديه في هوة سحيقه من العنف والفشل .؛ وهو حال يبرر للبعض تسمية هذه الحكومة الجديدة بحكومة إنقاذ وليس فقط وفاق وطني . ذلك أن "اليمن كلها تنتظر من هذه الحكومة توفير كل الظروف لتمكين المواطنين من العيش بسلام وان تخرجنا إلى بر الأمان، .. ، وما نحن فيه ليس سوى مرحلة اكتنفتها المآسي والاحزان وقد حان الوقت لتجاوزها و.. حكومة الوفاق هي وسيلتنا في العبور من حالة الفوضى والاضطراب الى حالة الامن والاستقرار". كما قال ألأخ عبدربه منصور هادي نائب رئيس الجمهورية لدى ترؤسه اول اجتماع للحكومة ، وجميع أعضاء هذه الحكومة يدركون بأن لسان حالهم ينبغي أن يكون .."نحن هنا لسنا فريقين وانما اخوة مسؤوليتنا الرئيسية هي اخراج الوطن من حالة الانهيار الاقتصادي والامني وتحسين حالة الناس المعيشية والانسانية " كما قال لهم ألأستاذ محمد سالم باسندوة في أول لقاء جمعه بهم " فبعد اكثر من عشرة اشهر من الاحتجاجات المطالبة بإسقاط النظام تولت هذه الحكومة مهامها لادارة مرحلة انتقالية صعبة في اليمن وتقع على هذه الحكومة مهمة ضخمة تتمثل في اعادة الاستقرار خصوصا مع استمرار انقسام الجيش والقاعدة منتشرة بشكل كبير والاقتصاد على وشك الانهيار (وكالات الأنباء ) وقد قوبل تشكيل هذه الحكومة بترحيب دولي وإقليمي ومحلي واسع بارك خطواتها وثمن الملموس في باكورة مواقف وتصريحات وأداء أعضائها من حالة الشعور الإيجابي بالمسئولية الوطنية الجسيمة التي كشفت إدراكا فعلياً لحقيقة التحول التاريخي في مسار الأزمة اليمنية ويعد التزام أعضاء الحكومة بهذا النهج الحكيم - سواءً منهم من ترشح عن المؤتمر وحلفائه او المشترك وشركائه - بمثابة إعتقادا بالحق ألأصلي بالعيش والتعايش السلمي المجرد من العدوان وتجسيدا للإيمان الحقيقي بقيم التسامح والتصالح الإنساني كسبيل لرفع راية السلام وإستعادة السلم الإجتماعي ، ثم إنه في سياسات التشريع القويم ومبادئ الهداية إلى الصراط المستقيم سعياً لدرء الفتن والمفاسد بأهوالها وجلب المصالح والمنافع بثمارها.. بل أن هذا الإلتزام هو مطلب جماهيري يطابق غاية ونشيد الشباب المطالب بالتغيير لا التدمير الذي يهتف فيقول .. "نحن ندعم الحكومة (الجديدة) لان الشعب تعب (..) .." موضحا انه تم الابقاء على الاعتصامات "لاسقاط الحكومة اذا لم تعمل على اقامة دولة حديثة" (معين الضالعي احد المتظاهرين الشباب في صنعاء ل فرانس برس) ويضيف .."لقد فقد البلد هذا العام ما بين 10 و12 مليار دولار، اي حوالي ثلث اجمالي الناتج المحلي المتوقع في 2011..فاليمن وسكانه ال 24 مليونا يعيشون "ازمة انسانية خطيرة جدا" مشيرا الى ان نسبة الفقر التي كانت 47 بالمئة في 2009 اصبحت "تقدر بما بين 65 و75 بالمئة". ( طه الفضيل المستشار بوزارة الصناعةلرويترز ) ويؤكد في (رسالة إلى حكومة باسندوة ) .." إلى الأستاذ / محمد سالم باسندوة رجل السياسة المخضرم ذو الكفاءة العالية وحكومته الرشيدة إلى من تعقد فيهم أمال الشعب اليمني بعد الله تعالى في إنقاذ الوطن مما وصل إليه من حالة تدهور مستمر بسبب ضعف إدارة الحكم في الفترة الماضية ، الجميع يقر و يعرف أن المرحلة حرجة ولكن بالعزيمة والإرادة يتحقق المستحيل ،كونوا متفائلين في انجاز المهام الموكلة إليكم ،فلكم صبر هذا الشعب حتى يرى حكومة تنقذه مما وصل إليه من الانهيارالسريع نتيجة عدم وجود دولة مؤسسات ، تبنى الوطن والمواطن و تعامل الناس بعين واحدة بعيدة عن المحسوبية والمجاملات ، شعارها سيادة القانون فوق الجميع .." وتضيف .." يا حكومة الوفاق انتم عدسة اليمن الجديد والبوصلة التي تتجه نحو الدولة المدنية ، فكونوا حكومة إنقاذ الوطن ، فأعين اليمنيين والدول الإقليمية والمحلية تراقب تصرفاتكم ، فانتم أمام مسئولية كبيرة أما تحملوا هم الوطن وتحملوا الأمانة التي عليكم وتعملوا بروح الفريق الواحد ، مستغلين دعم الجهات المانحة لليمن والسعي الحثيث لإعادة الثقة لها بأنكم عند مستوى المسئولية من النزاهة والشفافية. " (من عادل معزب مأرب برس) إلا أن ألأصداء الأولى لهذه التوجهات الحكيمة كشفت في المقابل عن قصور في الوعي السياسي والإدراك الفعلي لحقيقة هذا التحول وغاياته النبيلة وهو قصور تركز في أوساط سياسية اتقنت فن إدارة مكاسب الأزمات وأخرى شبابية اعتقدت جهلا اوتضليلاً بحتمية الغاية في العنف والثأر والصراع وشرعية الثورة ! فقد أثارت احتفالات التكريم التي نظمها عدد من وزراء حكومة الوفاق الوطني-المحسوبين على المشترك – لأسلافهم - ، المحسوبين على المؤتمر - بحسب (مأرب برس ) استياء لدى شرائح واسعة في ساحات الثورة، باعتبارها رسائل سلبية للساحات تدشن بها حكومة الوفاق الوطني أعمالها. حيث قام عدد من الوزراء في الحكومة الجديدة، ومنهم وزراء المالية والداخلية والإعلام والثقافة في حكومة الوفاق الوطني بتكريم الوزراء السابقين في الحكومة المقالة المتهمة بالقتل والتحريض على قتل الشباب المعتصمين والثوار، ضد نظام الرئيس علي عبد الله صالح. ورغم أن هناك إجماع لدى الشباب في الساحات على عدم رفض المبادرة وكل ما ترتب عليها بما في ذلك حكومة الوفاق الوطني، إلا أن حفلات التكريم هذه، اعتبرت رسالة سلبية، من قبل الشريحة التي كانت تظهر تفاؤلها بالحكومة الجديدة، فيما اعتبرت من وجهة نظر غير المتفائلين بهذه الحكومة، إهانة لدماء الشهداء، من قبل الوزراء الجدد جراء تكريمهم لمن اتهموا بالتحريض وقتل الثوار. وفي توجه تمليه مواقف الأطراف السياسية المنكرة لشرعية المبادرة والحلول السلمية اعتبر الناشط وعضو تكتل المستقبل في ساحة التغيير بصنعاء، علي الشرعبي، حفلات التكريم هذه للوزراء المقالين، أمرا طبيعيا، لأن استلام السلطة لم يأت بشرعية جديدة، وإنما جاء من خلال توافق قدمت السلطة من خلاله تنازلات للمعارضة، ومن ضمنها إعطاؤها عددا من الحقائب الوزارية التي يشغلونها حاليا في حكومة الوفاق الوطني. وأوضح الشرعبي بأن استلام السلطة لم يأت عبر الشرعية الثورية، وقال بأن من عين الوزراء الجدد هي المبادرة الخليجية، التي هي عبارة عن عمل توفيقي مضمونه إعادة بناء السلطة داخل الكتلة التاريخية الحاكمة، والراعية للفساد. وقال الشرعبي بأن المعارضة لم تلتزم بالخط الثوري للساحات، وللقوى الثورية، مشيرا إلى أنها دخلت السلطة عبر توافق سياسي، عالج مشكلة السلطة، أما شباب الثورة فموقفهم واضح منذ البداية، وأعلنوا رفضهم للمبادة الخليجية بشكل عام، وبأن ثورتهم مستمرة حتى تحقق أهدافها. وأكد الشرعبي بأن حفلات التكريم التي نظمها الوزراء الجدد للوزراء السابقين يهدف إلى خلق تطمينات للسلطة، بشكل عام، بأن الثورة لم تنتصر، وبأنهم سيسرون على ذات نهج السلطة السابق، وبأنه السلطة ستظل راعية للفساد، وأنهم سيكونون هم أداته السياسية. يذكر أن الأسبوع ألأول من عمر الحكومة اليمنية الجديدة قد انتهى إلى وضع مسودة أولوياتها وفقا للإتجاهات الأساسية التي أقرها مجلس الوزراء أمس الأول وثم تسليمها إلى اللجنة الوزارية المكلفة بصياغة البرنامج العام للحكومة برئاسة وزير التعليم العالي الدكتور يحيى الشعيبي .. وكانت الحكومة أقرت الاتجاهات الرئيسية لبرنامج عملها وصياغة رؤية تنموية متكاملة محددة الملامح خلال السنتين المقبلتين، والعمل على تحقيق التوافق السياسي للقوى الوطنية وتشكيل لجنة دستورية لإعداد التعديلات اللازمة على دستور الجمهورية اليمنية وفق رؤية طموحة لبناء يمن جديد، وإعادة تصحيح مسار التنمية ومكافحة الفساد بكافة أشكاله. وأكدت الحكومة على توجهها لوضع خطة لإعادة إعمار المباني والمنشآت والطرقات العامة والخاصة المتضررة من الأزمة، وتنفيذ برنامج وطني لرعاية أسر الشهداء وجرحى وضحايا تداعيات الأزمة السياسي وتتابع الحكومة أدائها الذي تتجه إليه الأنظار من زوايا متعددة لاتنحصر في مهامها وخلفية أشخاصها بل تمتد إلى رصد ومتابعة أدآئهم وتصريحاتهم وأنشطتهم باهتمام يعكس مواقف دولية واقليمية داعمة ومواقف وطنية يغلب عليها طابع التفاؤل المكدر بأصوات الإنكار ودعوات الممانعة والتحريض السياسي ضد أهداف الحكومة التي تتركز غالبيتها في بؤر ومراكز الثقل السابق لائتلافات وتحالفات اللقاء المشترك الذي يقود هذه الحكومة .