حطت مسيرة الفية راجلة رحالها مساء امس وسط العاصمة صنعاء فألقت بضلالها على المشهد اليمني الذي كاد ان يتخذ من المبادرة الخليجية بوابة للخروج من حالة الأزمة الراهنة لينفض بالتصالح والوفاق والحل السلمي عن كاهله غبار وركام وتداعيات عام من أحداث العنف والصراعات المؤسفة المسيرة السلمية المعنونة بالحياة بدأت قبل اربعة ايام من مدينة تعز وقطعت مسافة سير تقرب من 300كم عبرت ثلاثة محافظات ( إب – ذمار – صنعاء ) محملة بشعارات ثورية ودعوات رافضة للحلول السياسية هاتفة بطلب المحاكمة لرموز السلطة وفي مقدمتهم الرئيس علي عبد الله صالح فأثارت بشكل مفاجئ بعد دخولها بسلام إلى مشارف العاصمة موجة عنف ومواجهات اعادت مشاهد القتل والدماء التي كانت صنعاء قد استراحت من مثلها منذ توقيع المبادرة الخليجية وبعد تشكيل حكومة الوفاق الوطني ومع بدأ لجنة الشئون العسكرية التي يرأسها الأخ نائب رئيس الجمهورية المفوض بمهام الرئيس بمهامها المحددة لتحقيق الأمن والإستقرار و بإنهاء كافة أسباب الصراع التوتر وإزالة المظاهر المسلحة في أمانة العاصمة وعموم المحافظات . خلال فترة زمنية لم تتجاوز ساعتين من دخولها صنعاء أسفرت أحداث العنف التي أثارتها مسيرة الحياة مساء امس عن سقوط أكثر من 10 قتلى وإصابة قرابة 100 آخرين مما اثار الكثير من الجدل في الأوساط الإعلامية والدبلوماسية وأظهر مكامن الإختلاف والتباين في الأوساط السياسية والشبابية ولعل أخطر ماكشفت عنه تداعيات تلك الأحداث المؤسفة تمثل في حالة التعدد والتباين في المواقف الرسمية لحكومة الوفاق الوطني ولجنة الشئون العسكرية بصورة تعكس أهمية التصريحات الأخيرة التي أدلى بها السيد جمال بن عمر مبعوث ألأمين العام للأمم المتحدة التي قال خلالها أن الوضع في اليمن "هش", معتبراً أن الأمن "لن يستتب" ما لم يتم تنفيذ المبادرة الخليجية. وهو مادفع بالسفير الأمريكي إلى مواجهة مسيرة الحياة بتصريحات تعكس موقفا رافضا لتصعيد الفعل الثوري في هذه المرحلة الحساسة من سير الإنجاز بخطوات الحل السياسي ..، حيث قال أن"مسيرة الحياة ليست سلمية والوصول إلى صنعاء بهدف إثارة الفوضى أدى إلى التسبب برد عنيف من قبل الأجهزة الأمنية".وأضاف أن هذا الأمر "لا يعد قانونياً، وبالتالي فإن الحكومة لديها الحق بالحفاظ على القانون"، مشيراً إلى أنه "إذا قال الناس إنهم يريدون أن يصلوا الى قصر الرئاسة والبرلمان لمحاصرتهما، فإن هذا ليس شرعياً". وقوبلت هذه التصريحات بردود أفعال غاضبة في الكثير من الأوساط الجماهيرية والقانونية التي تعبرها بمثابة تبرير للقتل وانعدام حصافة وخروج عن مقتضيات وآداب الخطاب الدبلوماسي إلا أن هذه التصريحات جاءت مطابقة للموقف الرسمي الواضح للرئاسة اليمنية ممثلة بالأخ الرئيس علي عبد الله صالح رئيس الجمهورية الذي عقد مؤتمرا صحفيا متزامنا مع أحداث المسيرة التي تعد خرقا هو الأكبر للمبادرة الخليجية من جانب اللقاء المشترك داعيا المجتمع الدولي ورعاة الحل السياسي إلى العمل على كبح جماح المغامرة الخطيرة التي تهدد الحل السلمي للأزمة اليمنية ,, واعتبر مراقبون أن المؤتمر الصحفي الذي عقده الرئيس على الرغم من اهمية الموضوعات التي تناولها إلا ان المؤتمر بتوقيته كان بمثابة انقاذ لحكومة الوفاق الوطني ولجنة الشئون العسكرية من موقف هو الأحرج والأصعب منذ بدء عملها مشيرين إلى أن المؤتمر الصحفي لرئيس الجمهورية خفف ردود الأفعال والمواقف الإنفعالية التي كان من المتوقع أن تتجه إلى نائبه وحكومة الوفاق جراء الموقف . فقد كشف القليل من التصريحات والأنباء التي ظهرت من مصادر حكومية عن حقيقة الإرباك التي سادت الموقف تجاه المسيرة خصوصا في أوساط الأطراف القادمة من تحالف اللقاء المشترك التي تعاملت عل الصعيد التنظيمي والحزبي مع المسيرة بمواقف وصفها شباب مستقلون من منظميها بالإنتهازية وسوء النوايا ( المؤآمرة ) ..، وهو مالبثت ان أكدته الإتهامات الحزبية المتبادلة بين أعضاء اللجنة التنظيمية في ساحة التغيير وانعكس في مضامين التصريحات المتباينة والمتناقضة للمصادر الإعلامية بما فيها تصريحات وزارة الإعلام والمتحدث باسم اللجنة العسكرية . والسؤال عن حقيقة الغايات والأهداف والمواقف التي احاطت بعملية التنظيم والتوجيه والحماية لهذه المسيرة مرهونا بما سيتكشف من حقيقة ولاء الحكومة للوفاق الوطني والتزامها بمسار الحل السياسي وفقاً للمبادرة الخارجية من جهة وقدرتها من جهة اخرى على تحمل مسئولياتها الوطنية وأداء الواجبات الملقاة على عاتقها وعاتق لجنة الشئون العسكرية يبقى مرهونا بتفاصيل معقدة لعلها تتضح في الأيام القادمة وتزيل بعضا من اسباب الشك وانعدام الثقة بين الأطراف السياسية والشبابية .