استشهاد نجل مستشار قائد محور تعز العميد عبده فرحان سالم في مواجهات مع المليشيا    اسعار الذهب في صنعاء وعدن السبت 3 مايو/آيار2025    صنعاء تصدر قرار بحظر تصدير وإعادة تصدير النفط الخام الأمريكي    عقد أسود للحريات.. نقابة الصحفيين توثق أكثر من 2000 انتهاك خلال عشر سنوات    هذا ما حدث وما سيحدث.. صراع العليمي بن مبارك    مانشستر سيتي يقترب من حسم التأهل لدوري أبطال أوروبا    عدوان مستمر على غزة والاحتلال بنشر عصابات لسرقة ما تبقى من طعام لتعميق المجاعة    إصلاح الحديدة ينعى قائد المقاومة التهامية الشيخ الحجري ويشيد بأدواره الوطنية    اللجنة السعودية المنظمة لكأس آسيا 2027 تجتمع بحضور سلمان بن إبراهيم    خلال 90 دقيقة.. بين الأهلي وتحقيق "الحلم الآسيوي" عقبة كاواساكي الياباني    الهلال السعودي يقيل جيسوس ويكلف محمد الشلهوب مدرباً للفريق    في حد يافع لا مجال للخذلان رجالها يكتبون التاريخ    غارات اسرائيلية تستهدف بنى تحتية عسكرية في 4 محافظات سورية    احباط محاولة تهريب 2 كيلو حشيش وكمية من الشبو في عتق    إذا الشرعية عاجزة فلتعلن فشلها وتسلم الجنوب كاملا للانتقالي    سنتكوم تنشر تسجيلات من على متن فينسون وترومان للتزود بالامدادات والاقلاع لقصف مناطق في اليمن    الفريق السامعي يكشف حجم الاضرار التي تعرض لها ميناء رأس عيسى بعد تجدد القصف الامريكي ويدين استمرار الاستهداف    مسلحون يحاصرون مستشفى بصنعاء والشرطة تنشر دورياتها في محيط المستشفى ومداخله    الطيران الأمريكي يجدد قصف ميناء نفطي غرب اليمن    وزير سابق: قرار إلغاء تدريس الانجليزية في صنعاء شطري ويعمق الانفصال بين طلبة الوطن الواحد    باحث يمني يحصل على برأه اختراع في الهند    الكوليرا تدق ناقوس الخطر في عدن ومحافظات مجاورة    غزوة القردعي ل شبوة لأطماع توسعية    "الأول من مايو" العيد المأساة..!    وقفات احتجاجية في مارب وتعز وحضرموت تندد باستمرار العدوان الصهيوني على غزة    احتراق باص نقل جماعي بين حضرموت ومارب    حكومة تتسول الديزل... والبلد حبلى بالثروات!    البيع الآجل في بقالات عدن بالريال السعودي    الإصلاحيين أستغلوه: بائع الأسكريم آذى سكان قرية اللصب وتم منعه ولم يمتثل (خريطة)    من يصلح فساد الملح!    مدرسة بن سميط بشبام تستقبل دفعات 84 و85 لثانوية سيئون (صور)    البرلماني بشر: تسييس التعليم سبب في تدني مستواه والوزارة لا تملك الحق في وقف تعليم الانجليزية    شركة النفط بصنعاء توضح بشأن نفاذ مخزون الوقود    السياغي: ابني معتقل في قسم شرطة مذبح منذ 10 أيام بدون مسوغ قانوني    السامعي يهني عمال اليمن بعيدهم السنوي ويشيد بثابتهم وتقديمهم نموذج فريد في التحدي    مليشيا الحوثي الإرهابية تمنع سفن وقود مرخصة من مغادرة ميناء رأس عيسى بالحديدة    "الحوثي يغتال الطفولة"..حملة الكترونية تفضح مراكز الموت وتدعو الآباء للحفاظ على أبنائهم    شاهد.. ردة فعل كريستيانو رونالدو عقب فشل النصر في التأهل لنهائي دوري أبطال آسيا    وفاة امرأة وجنينها بسبب انقطاع الكهرباء في عدن    صدور ثلاثة كتب جديدة للكاتب اليمني حميد عقبي عن دار دان للنشر والتوزيع بالقاهرة    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    جازم العريقي .. قدوة ومثال    العقيق اليماني ارث ثقافي يتحدى الزمن    إب.. مليشيا الحوثي تتلاعب بمخصصات مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي    نهاية حقبته مع الريال.. تقارير تكشف عن اتفاق بين أنشيلوتي والاتحاد البرازيلي    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    اتحاد كرة القدم يعين النفيعي مدربا لمنتخب الشباب والسنيني للأولمبي    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    النقابة تدين مقتل المخرج مصعب الحطامي وتجدد مطالبتها بالتحقيق في جرائم قتل الصحفيين    برشلونة يفوز بالكلاسيكو الاسباني ويحافظ على صدارة الاكثر تتويجا    أطباء بلا حدود تعلق خدماتها في مستشفى بعمران بعد تعرض طاقمها لتهديدات حوثية    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    عصابات حوثية تمتهن المتاجرة بالآثار تعتدي على موقع أثري في إب    الأوقاف تحذر المنشآت المعتمدة في اليمن من عمليات التفويج غير المرخصة    ازدحام خانق في منفذ الوديعة وتعطيل السفر يومي 20 و21 أبريل    يا أئمة المساجد.. لا تبيعوا منابركم!    دور الشباب في صناعة التغيير وبناء المجتمعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حاجة الرياضة في اليمن إلى إرادة سياسية لوضعها في المسار الصحيح
نشر في يمني سبورت يوم 13 - 04 - 2013

هناك من يعتقد أن اقامة مؤتمر رياضي لمناقشة ما تحتاجه الرياضة في اليمن و تقديم الحلول ليس ضرورياً استناداً إلى فكرة أن اقامة المؤتمرات في اليمن لا تفضي في نهاية المطاف إلى تحقيق الغرض من اقامة هذه المؤتمرات، و هو اعتقاد في الواقع يستند إلى حقائق ماثلة على الأرض إذ بعد انقضاء هذه المؤتمرات لا أحد يلمس تنفيذ ما تخرج به؛ و مع ذلك تبدو فكرة اقامة مؤتمر رياضي الآن – رغم قدمها- أمر أفضل من فكرة عدم إقامته، أو لنقل هذا هو المفترض على أمل أن تجد مخرجاته طريقها إلى التنفيذ على أرض الواقع بما يخدم الحركة الشبابية و الرياضة في اليمن فواقعها اليوم مؤسف على نحو لافت للانتباه.
في البداية و بعد توجيه الشكر الجزيل للقائمين على هذا المؤتمر و في مقدمتهم وزير الشباب والرياضة معمر الإرياني و محافظ محافظة تعز شوقي هائل و إصرارهم على اقامته في ظل الظروف العصيبة التي نمر بها في الوقت الراهن، و بما يخدم الحركة الشبابية و الرياضية في اليمن و هو عمل في الواقع لم يسع إليه أحد من قبل في وزارة الشباب و الرياضة، أرى أنه من الضرورة بمكان أن أسلّط الضوء مبتدأ ورقة العمل هذه على بداية الرياضة في اليمن كحقيقة لا يمكن القفز فوقها؛ و هذه الحقيقة تقول أن الرياضة في اليمن بدأت في العام 1902م في عدن جنوب اليمن عندما تم تأسيس نادي التنس العدني، وبعد ذلك بسنوات بدأت ممارسة ألعاب أخرى تدريجياً وعلى (فترات زمنية) متباعدة على الرغم من أن جنوب اليمن كان يقع تحت الاحتلال البريطاني، لكن ممارسة الرياضة في إطارها العام كان لها طابعها الخاص المُحفّز خاصة لعبة كرة القدم بحيث شهد الجمهور تنافساً أفرز عديد مواهب كانت و ما زالت تُحظى بالإشادة لتفردها و روعتها.
غير أن الرياضة في عدن – كواجهة للرياضة في اليمن بشكل عام- وبعد الاستقلال في العام 1967م بدأت تأخذ منحنى أخر؛ إذ راحت تنتشر الرياضة في عموم عدن – و في عدد أخر من المحافظات تدريجياً- حيث بدأ (تنظيم) المسابقات الرسمية رويداً رويداً و كانت لعبة كرة القدم في الواجهة بحكم شعبيتها الجارفة تطغي على بقية الألعاب؛ و في السبعينات و الثمانينات انتظمت المسابقات على نحو لافت في كثير من الألعاب بما في ذلك بروز (الرياضة النسوية) في عدة ألعاب حتى على مستوى الفئات العمرية و هو أمر نفتقده اليوم، و انتشرت ممارسة الرياضة على مستوى المدارس التي شهدت هي الأخرى مسابقات منتظمة بشكل رائع كرافد مهم لممارسة الرياضة في الأندية، فبرزت في نهاية مطاف هذه (الحركة) النشطة مواهب لا تعد و لا تحصى في مختلف الفرق، و شهدنا تكوين منتخبات وطنية شكلت نداً قوياً للنظراء في المشاركات الخارجية؛ و كان مسرح الأحداث داخلياً لا يكذب أبداً فقد كان ملعب الحبيشي – مثلاً كحاضن للعبة كرة القدم – في معظم المباريات يمتلئ بالجمهور عن بكرة أبيه لدرجة أن النملة لا تجد لها متسعاً فيه.
و الحركات النشطة في أي مجتمع مدني عادة ما تكون في المحصلة النهائية ثمرة عمل إداري منضبط يخضع بدوره – بالضرورة- لضوابط قانونية صرفة. هذا أمر لا جدال فيه.
لنتذكر أن الرياضة في عدن كواجهة للرياضة في اليمن استمرت بعد العام 1990م في توهجها قياساً بما هو مُتاح لها و ما توفر لها من المال رغم ضآلته مقارنة بما هو قائم الآن، لكن ذلك في الواقع كان (حصاداً) لفترة سابقة و هو ما لم يستمر إلا لبضعة سنوات إذ حدث ما يشبه الانهيار إثر التغير الحاصل في (تركيبة) الحياة المدنية التي كانت سائدة في جنوب اليمن على مختلف الصُعد و المستويات بحيث انعكس ذلك تلقائياً على الأداء الرياضي سلباً؛ فقد تراجعت تلك الحركة النشطة الناتجة عن العمل الإداري المنضبط الذي يخضع بدوره بالضرورة لضوابط قانونية صرفة و نتيجة لذلك كان (عزوف) الجماهير عن ارتياد الملاعب بذلك (الشغف) المعهود كدليل شاهد على أن ما حدث برز الآن على نحو لافت، بل و شهدنا اندثار ألعاب بل و موت حاجة اسمها رياضة نسوية سواء داخل الأندية أو على مستوى المدارس على الرغم من المحاولات الخجولة الآن لإحيائها من جديد.
في محاضرة فائتة لي ألقيتها في أحد المنتديات الاجتماعية بعدن العام الفائت ركزتُ على أن تناول الرياضة في اليمن ينبغي أن يتم من خلال تناول الرياضة في عدن فالعلاقة هنا طردية في تصوري؛ و ها أنا ذا أكرر ما سبق و قلته و أعيد تناوله من جديد.
لا يمكن الحديث عن تدهور الرياضة في اليمن و مآلها و كيفية إعادة الروح إليها دون الخوض في التدهور الحاصل لرياضة عدن لنعرف ما حدث للرياضة في اليمن بشكل عام؛ و الحديث هنا بطبيعة الحال لا ينبغي له أن يستقيم (بمعزلٍ) عن الوضع العام للبلد سياسياً و اقتصادياً و اجتماعياً و ثقافياً؛ فكل ما حدث في هذه المجالات أثرّ بقدرٍ ملحوظ في السياق العام.
يخطئ من يظن أن اليمن على مر تاريخه – بجنوبه و شماله- كان مُستقراً؛ و مع ذلك توفرت إلى حد ما (بيئة) سياسية في جنوب اليمن بشكلٍ ما، ساعدت على إفراز حركة رياضية نشطة و فاعلة مجتمعياً تقوم استناداً إلى عمل إداري منضبط في إطار انضباط بالقوانين النافذة، إذ كان هناك (اهتمام) حقيقي و (إدراك) واع لأهمية ممارسة الرياضة سواء في الأندية أو في المدارس بكافة مراحلها كجزء مهم في تركيبة المجتمع المدني، بل و لا غنى عنه، على الرغم من الشح في الموارد المالية و الفقر الواضح في البنية التحتية، و بعد العام 1994م توفرت بيئة أخرى مغايرة تماماً؛ بدأ الناس في عدن بتلمسها من تلقاء أنفسهم و (العيش) معها و فيها، انعكاساً للبيئة السياسية التي فرضها نظام الرئيس السابق علي عبدالله صالح التي كانت تقوم على (ثقافة) التعامل مع كل ما هو غير صالح و فرضه مجتمعياً على أساس انه صالح ليستمر هو و من معه في الحكم و إدارة البلد وفق قانون أسماك القرش، و من يُعارض ذلك، أو يبدي رفضاً، يتم جرّه إلى ذات المربع غير الصالح ليبدو جزءًا من المنظومة ذاتها، و من يأبى ذلك – فرج بن غانم أنموذجاً بارزاً و غيره كثيرون- يتم التعامل معهم بطرق مختلفة (أنعمها) التهميش، و لذلك تم (أكل) حقوق الناس بفعل الفساد المُنظّم اللامتناهي، بل و تم (امتهان) كرامتهم فضلاً عن أحداث دموية مختلفة!، فلا عجب أن ثار الشعب و قدم دماء و أرواح.
و لذلك – إزاء ثقافة نافرة كهذه تحتم على الجميع التعامل معها- شهدنا كيف صارت الأندية و الاتحادات في عدن (مساحة للصراعات) السياسية و تجاذباتها المُدمرة على أهل الرياضة بل و على ممارسة الرياضة ذاتها بحيث اختفى (الدافع الحقيقي) للأسر في عدن للدفع بأبنائها لممارسة الرياضة من أجل الرياضة انطلاقاً من أهميتها في حياتهم؛ رافق ذلك بسط مهول و فاجع لكل المساحات الترابية في كافة أحياء و شوارع و أزقة عدن التي كانت مساحة و متنفساً لممارسة الرياضة، و هذا البسط ك(سلوك اجتماعي) جديد غير مسبوق في حياة عدن و أهلها إنما يعكسُ (عقلية) ذلك السياسي الجاهل التي لا تضع أدنى اهتمام لمعنى و أهمية الرياضة و ممارستها كما يجب و ينبغي، فكانت النتيجة تناسباً طردياً مع هذه العقلية.
و لأن المناخ السياسي هكذا و أثره السلبي الصادم اجتماعياً و ثقافياً تفشى على نحو لافت، تغير الوضع من حالٍ إلى ضدٍ، فكان من الطبيعي وفق ذلك بروز (شخصيات) هلامية إلى واجهة مشهد القرار الرياضي في عدن تتناسب و العقلية السياسية القاتلة لأهمية الرياضة في مجتمع مدني وجد نفسه أخيراً يلهثُ وراء أشياء أخرى ضرورية في حياته الاجتماعية/ الاقتصادية ليس من بينها الرياضة و قد بات مفهومها الجديد يستند إلى: "الرياضة لا فائدة منها"، أو أسوأها: "الرياضة حرام".
كانت البيئة السياسية بعد العام 1994م (مُنتجة) على نحو جلي لشخصيات هلامية مؤهلة للعمل على قتل الرغبة الحقيقية في ممارسة الرياضة انطلاقاً من أهميتها في تركيبة المجتمع المدني على الرغم من عدم استسلام كثير من الشخصيات المدنية الواعية في عدن و التي حاولت قدر استطاعتها فعل ما بوسعها فعله، لكنه كان أمراً جارفاً، ف(صناعة القرار) الرياضي في وزارة الشباب و الرياضة و التعيين السياسي من رأس الدولة لمعظم قيادات الوزارة الفوقية والوسطية و حتى الدنيوية ارتبطت مباشرة بالعقلية السياسية ذاتها التي كان يزرعها نظام علي عبدالله صالح في الحكم، فاختفت الأسس والمعايير في (اختيار) الرجل المناسب في المكان المناسب وفقاً للمؤهل و الكفاءة و القدرة و الخبرة، بل و كان الرئيس السابق علي عبدالله صالح أول من يخرق الدستور و القوانين النافذة فكان يصدر قرارات جمهورية تقضي بتعيين أشخاص في وظائف قبل إنشائها في حين كان الصحيح هو العكس إذ يقتضي الأمر أولاً إنشاء الوظيفة و من ثم تعيين شاغليها وفق أسس و معايير تستند إلى قاعدة اختيار الرجل المناسب في المكان المناسب.
إن مثل هكذا أجواء عملت على اختفاء العقليات القادرة على إدارة الأمور وفق متطلبات (العصر) الحديث و المتغيرات التي يشهدها العالم من احتراف و استثمار و تسويق و قبل ذلك وفق خصوصيات المجتمع المدني في عدن و في باقي اليمن بالضرورة؛ و لأن الأمر كذلك بكل أسف شهدنا اختفاء (الأخلاق) الشريفة في ممارسة الرياضة ذاتها، بل و انهارت المنظومة الأخلاقية الشريفة التي هي الأصل في ممارسة الرياضة قبل أهميتها كحاجة (ضرورية) و (ماسة) في تركيبة المجتمع أي مجتمع كان و ليس المجتمع المدني العدني وحسب، و كان من يُنادي بتطبيق اللوائح و التشريعات المنظمة للعمل الشبابي و الرياضي يبدو ناشزاً بل و تجد من يتصدى له قائلاً بصوت هازئ: "مشّي حالك"؛ في حين برز ما هو أخطر من ذلك تماماً إذ ظهرت شخصيات تُبرّر ما يحدث كي تعيش.
لقد حدثت عملية إزاحة منظّمة للكوادر القادرة على العمل في الرياضة و ظهرت وجوه أخرى لا علاقة لها بالرياضة وجدناها تسيطر على المشهد بل و تحكم قبضتها عليه؛ و اختفى إثر ذلك العمل الإداري المنضبط الذي هو أساس أي عمل ناجح و عوضاً عن ذلك تفشى (الفساد) على نحو لافت في صورة تتماثل مع صورة الفساد المتفشي في المشهد السياسي العام لليمن.
لنتذكر أن الرياضة في عدن كانت العنوان العريض لهذه المدينة/المدنية، و كان من يسلك طريقاً مغايراً يظهر أشبه بقطعة (فلين) سرعان ما تطفو إلى سطح الماء الدال على هذه المدنية/الثقافة/الحياة، فهو هنا مجرد (منبوذ).
كان ذلك في الماضي لكن في السنوات الأخيرة وجدنا أن الناظر إلى ما يحدث في كل ما يتصل بالحركة الشبابية و الرياضية في عدن – كجزء لا يتجزأ من المشهد الرياضي السياسي الاجتماعي العام في اليمن- يضرب أخماساً في أسداس للمآل الذي بات عليه الحال، إذ وجدنا شريحة من المفترض أنها بلغت من العلم، و الثقافة، مبلغاً رفيعاً، تتصدى للدفاع عن هذه السلوكيات النافرة بوصفها طريقة جديدة للعيش (الفهلوي)!، و وجدناها تسوّق جملة من المبررات الناعمة لكي يبدو الأمر قابلاً للتعاطي معه، بل و رأيناها لبست ثوباً جديداً يدل على عدم احترام تلك القيم التي (عُرفوا) بها من قبل!، و حتى على مستوى الأندية – التلال مثالاً بحكم عمادته التاريخية- وجدنا من يمتطي (صهوة) المبررات المخملية للتعاطي مع وجود (غير شرعي) لعارف الزوكا وحافظ معياد ومن معهما في استغلال واضح لوجودهما كقياديين في الحزب الحاكم آنذاك المؤتمر الشعبي العام و ذلك في العام 2009م لإدارة هذا النادي الذي هو في الأساس واجهة لكل الأندية في اليمن بحكم تأسيسه في العام 1905م؛ بل و التصدي بجرأة لكل تلك المواقف (الحقيقية) الرافضة لكل ما حدث على أساس أنها (غير واقعية).
و هكذا تواصلت المواقف المخملية في حياة الرياضة و الرياضيين في عدن على نحو تراجيدي مستفز كمرآة عاكسة لكل ما يحدث في باقي المدن اليمنية، و كانت نتائج الانتخابات الأخيرة التي أقامتها وزارة الشباب و الرياضة منتصف 2012م غير شرعية لأنها رمت باللوائح المنظمة لها عرض الحائط فلا هي قامت بواجبها المفترض طبقاً للقوانين و لا استطاعت إحالة التقارير الإدارية و المالية و الفنية لهذه الأندية إلى أجهزة الرقابة والتفتيش لمراجعتها و اتخاذ ما يلزم وفق القوانين النافذة على الرغم من الفساد المهول الذي نخر في جسد الأندية العدنية كنتيجة طبيعية للبيئة النافرة المُشار إليها سالف الأسطر فضلاً عن كون معظم الأندية في اليمن لم تعقد اجتماعات سنوية لجمعياتها العمومية عن الفترات السابقة و تعاني هي الأخرى بشكل مماثل من فساد إداري و مالي مهولين.
و على الرغم من أن وزارة الشباب و الرياضة أكدت أنها نجحت في اقامة الانتخابات التي أجرتها للأندية؛ تقول الوقائع على الأرض أن وزارة الشباب والرياضة عبر لجنتها العامة للانتخابات عجزت عن إقامة انتخابات أندية التلال و شمسان و الروضة و اتخاذ طريق الصمت في انتخابات نادي وحدة عدن التي شهدت تزويراً في نتيجتها، و على الرغم من أننا في إطار ممارسة دورنا الإعلامي كنا كشفنا في حينه التلاعب في إقامتها بما هو مُخالف للوائح والقوانين المُنظمة إلاّ أن أحداً لم يحرك ساكناً. كنا نُطالب و حسب بعمل إداري منضبط وفق القوانين النافذة ليس غير، و لقد أتى بعد ذلك حكم المحكمة الإدارية التي لجأ إليها عدد من أعضاء الجمعية العمومية لنادي وحدة عدن لاسترجاع حقهم ليؤكد صحة ما ذهبنا إليه إذ قضى حكمها الصادر في 25/12/2012م برئاسة القاضية انجريد عبدالله علي ب"قبول الدعوى باعتبار الإدارة المنتخبة برئاسة عيدروس العيسي غير شرعية لأنها قامت على تزوير في عملية الانتخاب، و بطلان قرارات هذه الإدارة تالياً بما في ذلك إلغاء أي قرارات خاصة بالترشيح إلى الاتحادات العامة و فروعها، و إلغاء قرار مدير مكتب الشباب والرياضة جمال يماني بتشكيل هيئة إدارية برئاسة وسام معاوية، و إحالة المتسببين في تزوير هذه الانتخابات إلى النيابة المختصة، و دفع 200 ألف ريال من قبل مكتب الشباب و الرياضة أتعاب خسارة المحاماة". المأساة هنا أن حكم المحكمة لم ينفذ حتى الآن.
لو كان هناك عمل إداري منضبط يخضع بدوره – بالضرورة- لضوابط قانونية صرفة ما شهدنا كل هذه الأعمال التي حدثت في السنوات الأخيرة و التي أساءت للعمل الرياضي القائم على منظومة متكاملة من الأخلاق التي تؤسس لممارسة رياضة على قاعدة من التنافس الشريف. و في لعبة كرة القدم غابت أسس التنافس الشريف بشكل صادم و "للأسف هذا الواقع السيئ يأتي نتيجة مباشرة لسيطرة فكر العشوائية في العمل سواء تعلق الأمر بالأمور الكبيرة أو حتى المتعلق بالأمور الصغيرة؛ فضلاً عن الفساد المالي و الإداري و الإعلامي و قبل هذا الفني بكل تفاصيله المتعددة و هو الفساد الذي يهيمن على مفاصل هذا الاتحاد منذ سنوات فائتة بمشاركة قيادات في وزارة الشباب والرياضة و قد أصبح كثير منهم موظفين لدى هذا الاتحاد تحت مسميات مختلفة كسلوكيات فاضحة دون أن يتمكن أحد من الوقوف ضده". المشكلة تبدو أفدح عندما نعلم أن معظم من يدير الأندية كجمعية عمومية لهذا الاتحاد صاروا هم أيضاً موظفين لديه و لقد أقيمت الانتخابات الأخيرة لهذا الاتحاد قبل نحو أكثر من ثلاثة أعوام بأعضاء جمعيات عمومية لأندية إداراتها غير شرعية لأنها مدتها القانونية انتهت غير أن أحداً لم يحرك ساكناً؛ ما يعني أن (حراكاً ما) من شأنه أن يعمل على تغيير هذه الصورة السيئة أمر مستبعد.
لقد انتشرت على نحو مكثف ثقافة ما هو غير صالح لفرضه مجتمعياً على أساس انه صالح في الحياة الرياضية اتساقاً مع الوضع السياسي العام دون أن نشهد أية إجراءات تعمل على إصلاح مسار كل هذا العبث المخالف لنصوص الدستور و القوانين النافذة و أحكام القضاء أيضاً، و لأن الأمر كذلك راح وزير الشباب و الرياضة السابق في حكومة تصريف الأعمال عارف الزوكا يعمل على إصدار تعيينات غير قانونية بل و مخالفة لدستور الجمهورية اليمنية المادة (140) التي تنص على: "عند استقالة الوزارة أو إقالتها أو سحب الثقة منها تُكلّف الوزارة بتصريف الشئون العامة العادية ما عدا التعيين والعزل حتى تُشكل الوزارة الجديدة".
المشكلة أن الذين علقوا آمالاً كبيرة على حدوث تغييرات ايجابية في هذا السياق بعد قيام الثورة الأخيرة وجدوا أنفسهم و كأنهم بنوا بيوت أحلامهم على الرمال؛ فقد استمرت التعيينات غير القانونية سارية المفعول؛ بل و ظهر محافظ محافظة عدن وحيد رشيد في واجهة المشهد الرياضي بوصفه مثالاً لتحدي القوانين النافذة – أغلب الظن- مُعتمداً على أنه ليست هناك جهة ما باستطاعتها الوقوف ضد إجراءاته غير القانونية حتى لو كان رئيس الجمهورية، ففي تاريخ 2/1/2013م عمل محافظ محافظة عدن وحيد رشيد على تعيين لجنة مؤقتة في نادي التلال مستنداً إلى نص المادة (41) من قانون السلطة المحلية الصادر عام 2000م مع أن نص هذه المادة لا تعطيه الحق للقيام بما قام به بل و لم تشر إطلاقاً إلى أحقيته للقيام بذلك؛ فضلاً عن كون بعض من قام بتعيينهم في هذه الإدارة مدانون في تقرير رسمي صادر عن الجهاز المركزي للرقابة و المحاسبة بتاريخ 24/9/2012م و هو جهاز يتبع رئاسة الجمهورية، و قبل هذا فإن حل المجالس الإدارية في الأندية و تعيين اللجان/ المجالس المؤقتة وفقاً للنظام الأساسي للأندية و الاتحادات الرياضية يقع ضمن اختصاصات وزير الشباب و الرياضة و من يمثله في مكاتب المحافظات الفصل الخامس المادة (59).
لا يمكن الحديث عن حاجة الرياضة في اليمن ل(معالجة) حقيقية و إعادة (الروح) إليها لوضعها في المسار الصحيح دون وجود إرادة سياسية تعطي الأمر حقه من الاهتمام المفترض و مواجهته بإجراءات حاسمة رادعة؛ صحيح توفرت بنية تحتية بفعل استضافة عدن لبطولة خليجي 20 لكرة القدم 2010م إذ شهدت عدن طفرة نوعية بإعادة تشييد ملاعبها و تعشيبها صناعياً، و هو أمر جعل نقاداً و متابعين يتوقعون حدوث حراك فاعل في سماء اللعبة يتوافق و هذه الطفرة النوعية في البنية التحتية، لكن النتائج ظلت على حالها بل و (تراجعت) بشكل أكد بأن الحال ظل على ما هو عليه؛ فالعقلية ذاتها لم تتغير، فزيارة واحدة لعدد من هذه الملاعب تكفي لنعرف أن (وضعها) في مهب الريح، إذ يمكن وضع اليد على موضع القلب قلقاً على ما وصلت إليه، فالأرضيات في كثير منها لم تعد كما كانت و المقاعد في بعضها تم نزعها من مكانها كما يفعل طبيب أسنان عندما ينزع سناً أو ضرساً مع الفارق في النتيجة فطبيب الأسنان يقوم بعمله بهدف المحافظة على ما تبقى من أسنان في فم مريضه في حين تبدو العملية في هذه الملاعب (تخريبية) بشكل مستفز؛ الأخطر هو أن هذه الملاعب كبنية تحتية رائعة كلفت مليارات الريالات ما زالت بلا (موازنات تشغيلية) و لا حتى (موازنات للصيانة) كي لا تخرج عن الجاهزية المفترضة واختيار مسئولييها أصلاً يتم وفق الثقافة النافرة ذاتها والمُشار إليها بعاليه.
حسناً .. لا تقف المأساة هنا عند هذا الحد؛ فإلقاء نظرة على كيفية بناء هذه المنشآت يكتشف أنها تمت بطريقة مخالفة للقانون، و أقصد هنا تحديداً مخالفة لقانون المناقصات بل و لا أحد حتى اللحظة يعلم كيف تم ذلك و لماذا – مثلاً- تم بناء ملعب دولي جديد في مكان صحراوي في أقاصي محافظة أبين و كيف تم تقدير (تكلفة) إعادة تأهيل ملعب 22 مايو الدولي بعدن الذي هو أصلاً جديد بحيث اقتربت من تكلفة بناء ملعب جديد؟!.
أنا هنا لا أتحدث كلاماً عاماً، بل محدداً و مستنداً – أيضاً- إلى تقارير رسمية صادرة عن الجهاز المركزي للرقابة و المحاسبة الذي كما أشرت إليه قبل قليل أنه يتبع رئاسة الجمهورية، و حتى أحيطكم علماً بالكيفية التي بها إرساء مناقصات بطريقة مخالفة للقانون أسوق مقالاً سبق و كتبته قبل نحو عامين و تم نشره إعلامياً لكنه لم يجد – كالعادة- تفاعلاً لتطبيق القانون بشأنه. تطبيق القانون ليس غير.
((لا أحد يستطيع تأكيد الكيفية التي حصلت بها شركة (حوشب) للتجارة على مناقصات بناء عدد من المنشآت الرياضية في أوقات متقاربة، لا.. بل ولا يستطيع أحد إعطاء معلومات دقيقة عن هذه الشركة التي تصدرت المشهد الرياضي فجأة، غير أن اسم حوشب ظهر فجأة كنائب لرئيس إدارة (غير شرعية) في التلال تحت ظلال عارف الزوكا النافذ في حزب الرئيس السابق صالح و ذلك في (23/3/2009م).
ركزوا من فضلكم على ما يلي.. تقوم وزارة الشباب والرياضة عبر صندوق النشء (الحلوب) بالتعاقد مع شركة حوشب و تحديداً في (6/7/2009م!) لبناء صالة تعز المغلقة، بيد أن عملية التعاقد – وفقاً لتقرير حديث للجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة- تمت "بالمخالفة لأحكام مواد القانون رقم (23) لسنة 2007م و لائحته التنفيذية"، مؤكداً أنه "لم يقف على قرار تشكيل اللجنة الفنية و المكلفة بإعداد المواصفات و التصاميم و التكلفة التقديرية للمشروع طبقاً لأحكام المادة (74) من لائحة القانون".
حسناً لا تفغروا الأفواه دهشة.. ففي الجعبة ما يدعو إلى ذلك حقاً. يضيف التقرير: "التكلفة التقديرية المرفقة في ملف المشروع مُسجّلة ب(القلم الرصاص!) و لا يوجد ما يشير إلى أنه تم إعدادها من قبل كافة أعضاء اللجنة"، و "لم يتم الوقوف على الوثائق التي تدل على أنه تم رفع المواصفات و وثائق المناقصة و التكلفة التقديرية إلى لجنة المناقصات المختصة لإقرارها بالمخالفة لأحكام المواد (75) فقرة (و) و المادة (96) فقرة (ب) من اللائحة قانون المناقصات"، فضلاً عن أن "جداول الكميات غير مُعمّدة ولا مختومة ولا يوجد ما يثبت أنه تم إقرارها من قبل لجنة المناقصات".
إنها صورة بسيطة لكنها (واضحة) عن الكيفية التي يتم التعامل بها مع منشآت (وطن) من المفترض أن تتم وفق قانون مناقصات معروفة سلفاً مواده و إجراءات تنفيذها بما في ذلك بالنسبة إلى الشركات كجزء لا يتجزأ من (منظومة) العمل ذاتها.
أنظروا ماذا يقول التقرير تالياً بالنسبة إلى الشركة ذاتها: "لم يُرفق بالعطاء شهادة التصنيف للشركة المُنفذة للمشروع و رخصة مزاولة المهنة، و كذلك لا يوجد ما يؤكد انه تم إعلان و إثبات إجمالي التكلفة التقديرية في محضر فتح المظاريف و هذا بالمخالفة لحكم المادة (161) فقرة (ج) من ذات اللائحة القانونية"، و "العطاء غير مؤرخ و لم يحدد المقاول فترة صلاحية سريان العطاء هذا بالمخالفة لحكم المادة (153) من ذات اللائحة القانونية".
في الواقع حدّد التقرير مخالفات ب(الهبل)!، غير أن المفاجئ هو حصول الشركة ذاتها و في العام ذاته 2009م على مشروع نادي التضامن بمحافظة شبوة الذي يرأسه عارف الزوكا الذي هو (في الوقت نفسه!) رئيس نادي التلال الذي يتواجد فيه حوشب كما هو بعاليه. يضيف التقرير: "تم التعاقد مع المقاول في عام 2009م رغم عدم وجود أي اعتمادات للمشروع سواء في عام 2009م أو 2010م، و لم يتم استبعاد العطاء على الرغم من أن نسبة الخطأ المقدرة ب10.13% و الناتجة عن تصحيح الخطأ في عرض سعره قد تجاوزت النسبة القانونية و ذلك بالمخالفة للمادة (175) التي قضت بأن يستبعد العطاء الذي تتجاوز نسبة التصحيح للخطأ فيه 3%".
حسناً.. هل سأل أحدكم كيف و متى (حصلت) شركة حوشب صاحبة القلم الرصاص على مناقصة بناء (ملعب) التلال بحقات؟!))
لقائل أن يقول أن عجلة التغيير بدأت بانتخاب رئيس جديد لليمن عبدربه منصور هادي طبقاً للمبادرة الخليجية و يجري الآن حوار وطني شامل لايجاد حلول جذرية لكل مشاكل اليمن؛ غير أن الحقائق لم تتغير بعد على أرض الواقع، بل و وفقاً لكثيرين ثمة اعتقاد أنه ليس هناك ما يدل على وجود مؤشرات حقيقية توحي بحدوث تغيير جذري.
يكفي مثلاً النظر إلى ملعب الحبيشي كأهم معلم من معالم عدن الرياضية كمؤشر سلبي فاضح، فهذا المعلم صار (خرابة) لا تسكنها إلا الغربان بل و حلّقت فوقه النسور الجائعة لالتهامه بغية (محوه) من على خارطة الوجود و كأنه لم يكن (!). "إنّ أهل عدن ينظرون إلى الحبيشي ليس بمثابة ملعب وحسب؛ بل ينظرون إليه كمعلم دل و يدل على (تاريخ) مدينة و (روح) أمة سياسياً و اجتماعياً و ثقافياً و اقتصادياً و فنياً و شبابياً قبل كونه رياضياً؛ غير أن واقع الحال اليوم (صادم) مع سبق الإصرار و الترصد" هذه عبارة كتبتها بالنص أيضاً في مقال تم نشره قبل نحو عامين من الآن؛ لكنها ما زالت صالحة حتى الآن إذ لم يطرأ شيء ما يلغيها.
إن الاهتمام المفترض بالمعالم الرياضية بطريقة صحيحة و شفافة جنباً إلى جانب الاهتمام بالعنصر البشري و تحقيق طموحاته و تفجير إبداعاته إنما يعكس العقلية القيادية الفاهمة بأهمية ممارسة الرياضة بوصفها ضرورة هامة في حياة أي مجتمع مدني.
الأصل في ممارسة الرياضة هو تحقيق الانتصارات؛ و (النجاح) و (المواصلة) في تحقيق الانتصارات هما حلم و رغبة الكثيرين. و لكن (القليل) هم من يملكون الموهبة، و الدوافع، و المثابرة. حسناً.. لنتذكر أن المال وحده لا يفعل ذلك، ففي الأخير ثمة أشياء كثيرة ينبغي لها أن تتوفر، صحيح المال مهم؛ و لكنه ليس كل شيء.
و لكن قبل ذلك ينبغي أن تتوفر إرادة سياسية عليا (حاسمة) و (قادرة) بشكل فاعل على فرض بيئة مناسبة لممارسة الرياضة بوصفها ضرورة مهمة في حياة المجتمع المدني – عدن وغيرها بالطبع- بعيداً عن الصراعات السياسية و تجاذباتها المُدمرة.
بعبارة أخرى سيتعين علينا أولاً التأكيد على أن حاجة الرياضة في اليمن إلى إرادة سياسية لوضعها في المسار الصحيح هو أمر لا ينبغي له أن يحدث إلاّ من خلال رؤية تجعل رأس الدولة حاضراً بفاعلية بشكل واضح و حاسم بحيث يعمل على جعل الحكومة تعمل على تطبيق القوانين النافذة في وزارة الشباب و الرياضة و إعمال مواد الدستور بحيث يؤدي ذلك إلى فصل السياسة عن الرياضة، و ما أعنيه هو وضع حد حاسم في المقام الأول للتعيينات التي تقوم على أساس حزبي فضلاً عن كون معظمها تحدى ما جاء في الدستور ضارباً به عرض الحائط كما في مثال ما قام به الرئيس السابق صالح في تعييناته الجمهورية، أو ما قام به الوزير السابق في حكومة تصريف الأعمال عارف الزوكا من تعيينات غير قانونية مخالفة للدستور أو ما قام به محافظ محافظة عدن وحيد رشيد بخصوص نادي التلال و مكتب الشباب و الرياضة بعدن و القائمة تطول بالتأكيد سواء تعلق ذلك بعمل القيادات الفوقية أو الوسطية أو الدنيوية.
إنّ توفر ما جاء بعاليه من إجراءات حاسمة أمر من شأنه أن يساعد بشكل مباشر على ظهور شخصيات مقتدرة قادرة – عن جدارة واستحقاق- على إدارة العمل الشبابي والرياضي كما ينبغي طبقاً للدستور و التشريعات و اللوائح التي تضع الجميع سواسية تحت طائلة القانون.
عندها – كتداعيات ايجابية لتوفر الإرادة السياسية الحاسمة و ما سبق الإشارة إليه في هذا السياق من إجراءات- سنرى أن (النجاحات) ستبدأ من النادي، و سيتعين لها أن تستمر مع اللعب، و ستكتمل مع اللاعبين في كل الفرق و على مختلف المستويات بوصف ممارسة الرياضة ضرورة لازمة في حياة المجتمع المدني؛ و عندها ستبرز الحاجة إلى مناقشة أفكار أكثر تقدمية ك(خصخصة الأندية) مثلاً أو غيرها من الأفكار الخلاقة بعد أن تكون توفرت البيئة المناسبة للعمل الإداري المنضبط الذي يخضع بدوره – بالضرورة- لضوابط قانونية صرفة.
من المهم أن تعود الروح إلى أندية عدن – و إلى بقية أندية كل المدن في اليمن بالضرورة- و لكي يحدث ذلك لا ينبغي الاكتفاء بما جاء بعاليه بل سيتعين عليّ القول أنه ثمة حاجة ماسة إلى أندية لديها (مشاريع كبيرة) قادرة على تحقيقها من خلال (التخطيط) المستنير، و على المدى الطويل، و تكون بالتالي قدوة لبقية الأندية.
لا بد من وجود الإداريين الذين لديهم (أفكار) واضحة و معرفة اختيار الموظفين الأكثر قيمة، و ضرورة تهيئة (بيئة) مناسبة للعمل والتعايش، حيث يتعلمون و يشعرون بتحقيق أنفسهم. أندية تساعد على النمو و توفّر (الاحترام) و الصداقة. و (مدراء) يتمتعون بالحماس و الإيجابية و الطاقة. و قبل ذلك أندية تعرف الحكم على (جودة) العمل بصرف النظر عن نتيجة المباريات. ينبغي على المدراء (احترام) الموظفين دون فقدان السلطة. أشخاص (يعرفون) إيقاظ جميع الموارد البشرية، و حتى تلك النائمة منها و توظيفها بالشكل الصحيح.
سيتعين على الأندية – كما في الوزارة والاتحادات- (اختيار) أنسب الموظفين بطريقة شفافة علنية في كل الدرجات والتأكد من أن كل واحد يعمل على أفضل وجه، بحيث يجب أن يثبت دائماً: التماسك، و التوازن، و الإنصاف؛ لكن كل ذلك، و كل ما تم ذكره، لن يبدأ إلاّ من فوق، من أعلى منصب في البلد و بالآلية المُشار إليها بعاليه.
* ورقة عمل خاصة بمؤتمر الرياضة بتعز.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.