انكسار العميد .. انطفاء الشعلة .. وأحزان الوحدة في عدن علي سالم بن يحيى انتهى الموسم الكروي الرياضي بلا طعم ولا لون ولا رائحة، لم يستجد ما يغري الجماهير الرياضية الذهاب إلى الملاعب، فكان من أسوأ المواسم الرياضية من حيث غياب المتابعة الجماهيرية، وقوة المنافسة الحقيقية، ومباريات المتعة، فكل ما شاهدناه عبارة عن عك كروي، تتخلله فواصل من العصيد والعجين والسلتة! كان فريق اليرموك الاستثناء، حيث قدم مستويات تشفع له الظفر ببطولة الدوري كأفضل السيئين من وجهة نظري، علما أن الفرق الأخرى لعبت وكأنها مغصوبة على الركض خلف كرات جوفاء، خوفا من جبروت وتسلط وعنجهيات وقرارات حاكم الرياضة اليمنية أحمد العيسي، ومن خلفه (ذيله) المطيع حميد الشيباني. موسم رياضي يستحق شهادة البلادة الكروية، فالأندية لعبت دون استعدادات حقيقية، والاتحاد أكملها بضغط المباريات، وكأن (رُكب) وعضلات اللاعبين تحتمل الحمل الزائد، والسفريات عبر الطرق الوعرة والمطبات، إذا لم تجد ما يعيلها على التحليق عاليا عبر طيران "اليمنية" أو "السعيدة". دوري لم يأت بجديد، سوى ببطله، وظهور قناة "معين" كناقل حصري، والمستوى الهابط لأندية عدن الثلاثة (التلال، الوحدة والشعلة)، وهبوط الأخيرين، وشفعت للأول دعوة الوالدين، وبقي في النهاية بمعجزة بعد فوزه على وحدة صنعاء في عقر داره. قدّم التلال في الموسم المنصرم تشكيلة جديدة من الوجوه الشابة بقيادة المدرب العمدة جمال نديم، وجوه وضعوها أمام فوهة البركان، فهم مطالبون بشيء فوق طاقتهم، والدعم المادي والمعنوي مفقود، والإدارة غائبة، والجماهير بدأت (تزهق) وملت الحضور، خوفا من أمراض الدنيا كافة. بينما حاول الشعلة تغيير جلده بالتعاقد مع محترفين جدد لضخ دماء في شرايينه، والمنافسة على البطولة، سرعان ما تبخرت في سماء "المصافي"، على الرغم من وضعيته المادية المتحسنة والمتفوقة على التلال والوحدة، وهذا الأخير دخل في حيص بيص المشكلات والصراع على الكراسي والعنتريات، وتكسير العظام، ليس لأجل الفريق والكيان الأخضر، بل لتقديس شخصيات، أبرزها رئيس النادي المقال عيدروس العيسي. أندية عدن وفشلها الذريع في تقديم صورة جميلة لكرة المحافظة الراقية، تضع ذنبها وأسباب تأخرها على جهات متعددة عاثت فسادا، ولوثت المهارة والفنون الكروية، وباعت الوهم لمن يحاولون إعادة رسم الصورة المشرقة لرياضة كانت قبلة ومزارا لأندية الجمهورية كافة. تقف دواع سياسية وراء تدهور الرياضة العدنية العجيب كجزء من طمس هوية وتاريخ الجنوب، واندثار معالمه وتاريخه الزاهر مقارنة بقرينه الشمالي، حتى غدا التاريخ الشمالي الحاضر أجمل وأفضل من تاريخ الجنوب المحفوظ في الرفوف، فلو ننظر رياضيا، سنجد بونا شاسعا بين الرياضة في الشمال والجنوب، وسنجد الإنجازات تنحاز للطرف الشمالي، والنخبة الوطنية جلها من أبناء الشمال، والأندية الشمالية هي من تقف على قمة البطولات، والنجومية صارت شمالية المنشأ..!. وكتأكيد على نظرية المؤامرة تجاه الرياضة الجنوبية، عامة، والعدنية خاصة، باعتبارها الوجه الحقيقي لرياضة الجنوب، نعرج على موضوع الانتخابات الرياضية وما شهدته من فوضى وتزوير لتجيير النتائج لصالح أطراف تخدم مخطط مواصلة تدهور المستوى الرياضي في عدن، وتقف على سلم الامعاءات، وعلى عيني يا حبة عيني!!. في التلال تم تعطيل الانتخابات، وتأجلت إلى أجل غير مسمى، أشهر مرت والشارع العدني والتلالي ينتظران قرار وزير الشباب والرياضة بتحديد موعد الانتخابات، لانتشال النادي من وضعيته المتهالكة، ظلت على ورق الوعود، خوفا – على ما يبدو – من رد فعل تجاه الوزير، إذا انتهت العملية على ما لا تشتهي عناصر (الإصلاح) والطابور الطويل من الشخصيات الداعمة لهدم البيت التلالي. بدأ الدوري، وانتهى، والتلال بلا إدارة، وحكم القضاء ببطلان القرارات الارتجالية لمحافظ عدن وحيد رشيد، ومعها تعامل الوزير معمر الارياني بمزيد من الوداعة، وخفة الظل و(ترتت ترتت تمباكو) وعنوانه: (ماليش دعوة)!. وفي وحدة عدن، ورفضا لسياسية الرئيس السابق عيدروس العيسي، وما شهدته انتخاباته من عملية تزوير واضحة، أثبتها حكم القضاء، ببطلانها، واصل الوزير صمته المريب، واتفق المحافظ ومدير مكتب الشباب والرياضة على تشكيل لجنة لتسيير أعمال النادي برئاسة لاعب سابق، صدر بحقه قرار بشطبه من رئيسه، ثم عاد حاملا لواء الرئاسة في مسرحية لا تبتعد عن (الواد سيد الشغال) وكله بحسابه!!. ولأن عدن – مدينة المدنية – فقد اتجه عدد من محبي الناديين (الوحدة، التلال) إلى القضاء للفصل بين تيار الكرة، وبين تيار (البطيخة)، وأصدر القضاء الإداري حكمه ببطلان تمكين (البلطجية)، وأصحاب السوابق، وممن لا يفرقون بين الكرة والبطيخ، ومع أن القرار كان واضحا، إلا أن وزير الشباب والرياضة، ومعه محافظ عدن، تعاملا مع الحكم وكأنه لم يصدر، في إشارة إلى عدم اعترافهما بتلك الأحكام، وظلت الأمور سارية لما تشتهي أنفس التدمير، وهو ما حصل في الأخير من هبوط للوحدة، وجر معه الشعلة، وهو الآخر لم يسلم من تمثيلية (الانتخابات)، ولم تنفعه (فلوس) رئيسه نجيب العوج، لأن العود والظل أعوج، ونجا التلال من حبل المقصلة في مباراته المصيرية الأخيرة مع وحدة صنعاء، وفوزه بهدف يتيم، حفظ ماء كبرياء مدينة الرياضة والنجوم. من هنا هي دعوة لكل من يعشق عدن ورياضتها، برفع دعوة قضائية ضدا على وزير الشباب والرياضة معمر الارياني، ومحافظ عدن وحيد رشيد، لمساهمتهما في هبوط الناديين (الشعلة والوحدة)، وتجرع التلال كأسات الهزيمة والانكسار.
