مسؤولو الأندية يعتبرونها أسراراً حربية، واللاعبون يؤكدون ضرورة الإعلان عن قيمتها.. يمني سبورت-ماتش : نشوان دحان تتعامل الأندية اليمنية مع الصفقات الكروية بسرية تامة، كما لو كانت جزءاً لا يتجزأ من الأسرار القومية للوطن.. لا أحد بوسعه التكهن بالحكمة من حرص الأندية على إحاطة أي صفقة تبرمها مع لاعب أو مدرب ما بكل هذه السرية, بل إن بعض الأندية قد تفضل أحياناً صرف النظر عن إحدى صفقاتها لمجرد ان تتسرب بعض تفاصيل الصفقة إلى وسائل الإعلام.. قبل عشرة أيام تقريباً انتهت فترة الانتقالات الصيفية في الدوريات الأوروبية وبعض الدوريات العربية، وامتلأت الصحف الورقية والالكترونية بتفاصيل تلك الانتقالات، وكان التركيز منصباً في مجمله على أسعار اللاعبين وقيمة انتقالاتهم، غير أن مثل هذا الأمر لا يمكن أن نراه في أنديتنا المحلية مما يثير كثيراً من علامات الاستغراب ويطرق ألف باب للشك حول مغزى هذا التكتم الشديد الذي يتناقض تماماً مع مبدأ الشفافية التي يتشدق بها مسئولو الأندية.. البارك وغياب الثقافة * ويرجع "عمر البارك"، وهو لاعب دولي سابق، تلك السرية في ذكر قيمة الصفقات الى غياب الثقافة الكروية لدى القائمين على الأندية الذين يعتقدون بأن ذكر القيمة المالية قد يؤدي الى خلق حساسية بين لاعبي الفريق الواحد مما قد يؤثر على نفسياتهم وأدائهم في الملعب، وهو فهم مغلوط كما يؤكد البارك نفسه إذ يقول: أعتقد أن الإعلان عن قيمة الصفقات سيؤدي الى تحفيز اللاعبين على التنافس وليس العكس حتى وإن كانت متواضعة.. يجب ان ننظر الى واقعنا وإمكاناتنا المتواضعة دون محاولة القفز عليهما. ويؤكد البارك أن ضعف أثمان اللاعبين يرجع بدرجة أساسية الى الحالة الاقتصادية التي يعاني منها البلد بشكل عام فضلاً عن النظرة القاصرة التي ينظر بها البعض وخاصة مسئولي البلد الى الرياضة باعتبارها نوعاً من الترف، لكن عندما تتحول الرياضة الى صناعة حقيقية واحتراف حقيقي ستجد رؤوس الأموال نفسها مجبرة على اقتحام المجال الرياضي وهذا سيخلق ولاشك قفزة هائلة. الغرباني: تحايل على السماسرة * عضو لجنة المسابقات في الاتحاد العام لكرة القدم "عبدالسلام الغرباني" ذهب باتجاه آخر، حيث يعتقد أن هناك عوامل أخرى تتدخل في الموضوع وتستدعي إبقاء التفاصيل المالية طي الكتمان تجنباً لوقوع المشاكل من جهة أو كنوع من التحايل والفهلوة من ناحية أخرى. ويضيف: انه لا يوجد في اليمن حتى الآن ما يعرف بوكلاء اللاعبين أو مكاتب تشتغل في هذا الإطار، مما يجعل عملية انتقالات اللاعبين خاضعة للعشوائية وباجتهادات شخصية لبعض ما يمكن أن نطلق عليهم "السماسرة" الذين يمثلون حلقة تواصل بين النادي واللاعب، غير أن ما يحدث غالباً أن هؤلاء السماسرة لا يتدخلون بصورة مباشرة في المفاوضات على التفاصيل المالية التي تكون بشكل مباشر بين اللاعب وإدارة النادي، لذلك قد يكون هناك اتفاق غير معلن بينهما على عدم ذكر المبلغ الحقيقي للصفقة من أجل التحايل على السمسار وتقليل نسبة العمولة، وهذا الشيء يلقى قبولاً عند النادي نفسه الذي يحرص هو الآخر على عدم الإعلان عن القيمة الحقيقية تفادياً لبعض الإشكاليات التي قد يقع فيها مع اللاعبون الآخرون. منصر باحاج: الأشياء المشبوهة فقط تستوجب الخجل من إعلانها * من جانبه لا يجد لاعب المنتخب الوطني وفريق شعب حضرموت "منصر باحاج" مبرراً مقبولاً يمنع الأندية من إعلان صفقاتها بكل وضوح.. ويشير: أنا مع إعلان كل تفاصيل الصفقة لأن هذا يعطينا كلاعبين حافزاً إضافياً لتقديم مستوى أفضل يليق بالقيمة المالية التي يتم دفعها لأجلنا من قبل النادي الذي نرتدي شعاره. ويمضي باحاج قائلاً: الأشياء المشبوهة والمعيبة فقط هي ما يجب أن نخجل من إعلانها على الملأ.. ويتساءل: ما الضير أن نكشف قيمة أي صفقة طالما تم إبرامها بالتراضي وباقتناع الطرفين؟ ليس هناك ما يستوجب إخفاءه إلا إذا كان في الموضوع شبهة ما. ويجدد باحاج تأكيده: أنا مع إعلان الصفقات بكل شفافية حتى تعطي اللاعبين الآخرين دفعة قوية لتطوير مستوياتهم الفنية من أجل الوصول الى أرقام قياسية ويصبحون محط اهتمام الأندية وبالتالي ارتفاع أسعارهم وفي حدود إمكاناتنا المادية. الصاصي: يجب أن تسود ثقافة الشفافية في الأندية * بالنسبة له، يفضل نجم منتخبنا الوطني لكرة القدم ونادي الميناء العراقي علاء الصاصي بأن يتم إعلان قيمة الصفقة عند التوقيع وفي مؤتمر صحفي يقدم فيه اللاعب بشعار ناديه الجديد كما يحدث في كل دول العالم. ويبرر الصاصي حرص الأندية على إحاطة صفقات اللاعبين بسرية تامة خشية أن تتعرض للوم والانتقاد من جماهيرها والإعلام الرياضي، خاصة إذا كانت الصفقة مضروبة أو لم يؤد اللاعب بالشكل المأمول. غير أن الصاصي يعود ويؤكد: كرة القدم أصبحت احترافاً ونحن ندّعي أن دورينا هو دوري محترفين لذلك ينبغي أن تسير الأمور بكل شفافية ونتحمل كل تبعات قراراتنا حتى وإن كانت غير صائبة.. يجب أن تكون الشفافية هي السائدة في كل أمورنا. وعن مدى تأثير الإعلان على اللاعب نفسه يقول علاء: باعتقادي الشخصي الأمر يعود الى ثقافة اللاعب نفسه، فهناك من يعتبر ذلك حافزاً لتقديم الأفضل ومنهم من يشكل الإعلان عن الصفقة تأثيراً سلبياً عليه، ولا أظن أن الإعلان قد يخلق نوعاً من الحساسية سوى عند اللاعبين ضعاف النفوس. * وتتقارب وجهة نظر الصاصي مع المشرف الرياضي لنادي طليعة تعز "نوفل أمين" الذي أشار إلى أن مستوى اللاعب اليمني وبعض المحترفين الذين يتم جلبهم ليسوا بالمستوى المطلوب ولا يتناسب مع ما يدفع لهم من أموال، لذلك تتولد بعض الخشية لدى مسئولي الأندية من رد فعل الجماهير التي قد تغضبها صفقة ما وتعتبرها تبديداً لأموال النادي كان يجب أن تستغل بشكل أفضل. نوفل اأمين رغم قناعته المطلقة بضرورة الكشف عن قيمة أي صفقة، يرى أن هناك بعض الخشية من تضرر الأندية الفقيرة إذا ما تم إرساء الإعلان الشفاف عن صفقات اللاعبين كتقليد مستحب في وسائل الإعلام إضافة إلى ماقد يخلقه هذا الأمر من ضغط على اللاعب نفسه.