ما من لعبة أسرت العالم عبر التاريخ كما كرة القدم، الأمر لا يحتاج للكثير، قطعة مستديرة من الجلد ومساحة للركض، تكفيان لإقامة أعظم المباريات، السر في هذه الكرة…ملتفة ويلتف حولها العالم. أشكال مختلفة للكرة يمكن تحديدها في التاريخ، فمنذ عهدي الإغريق والرومان وصولاً إلى عصرنا الحالي، كانت المستديرة أداة التباري في ألعاب متنوعة. لكن من اخترع هذه اللعبة العظيمة؟ تبدو الإجابة على هذا السؤال صعبة، لأن تاريخ كرة القدم يرافقه الكثير من الشكوك والمعتقدات، ولكن الأكيد أن ملايين البشر ممتنون لمن اخترعها فقد غير وجه الرياضة. عند استقرار الكرة على شكلها الدائري الحالي وتبيان قدرتها على الاصطدام بالأرض والارتداد منها؛ أصبحت اللعبة الأكثر جذباً للجماهير والأميز بين شقيقاتها في الألعاب الأخرى. ولما كان كأس العالم هو عرسها المنتظم كل أربع سنوات، كان على المنظمين الاهتمام بإنتاج كرة تليق بحجم هذه التظاهرة، من حيث التصميم والدلالات. الأورغواي 1930 "TIENTO" تألفت كرة تينتو "TIENTO" التي لعبت بها بعض مباريات مونديال 1930 من 12 قطعة وكانت محط خلاف كبير لذلك جرى تغييرها في أكثر من مباراة، ولكن الأمور جرت بلا مشاكل حتى المباراة النهائية، إذ نشب خلاف حاد بين المنتخب المضيف الأوروغواي والطرف الآخر منتخب الأرجنتين حول الكرة التي ستستخدم في النهائي، وزعم الأرجنتينيون أن كرة الأورغواي أكبر من كرتهم ب2 سم، ورغم أن الفرق بالكاد يلاحظ بين كرة يبلغ محيطها 70 سم وأخرى 68، انتهى الأمر باستخدام واحدة في كل شوط. فلعب المنتخبان في الحصة الأولى بكرة الأرجنتين وتقدمت الأخيرة 2-1، وفي الثاني بكرة أصحاب الأرض فقلبوا النتيجة إلى 4-2. ومنذ ذلك الوقت أجيز للدولة المضيفة اختيار الكرة الخاصة بالبطولة. إيطاليا 1934 "FEDERALE 102″ في مونديال إيطاليا كانت الكرة الرسمية تدعى "FEDERALE102″ انتجتها شركة ECAS في روما، غير أن الكرة المذكورة لم تكن الوحيدة التي لعبت بها البطولة، بسب شكوك بعدم مثالية كرويتها، لذا فمن المعتقد أن أكثر من 4 كرات متنوعة استخدمت في مباريات المونديال. وعلى صعيد صناعتها استعيض عن الأربطة الجلدية التي كانت مستخدمة في كرات سابقة بأربطة من القطن مشابهة جداً لتلك التي تستخدم في الأحذية، ما جعلها أخف وطأة في التسديدات الرأسية ولاقى ذلك استحساناً كبيراً من اللاعبين. فرنسا 1938 "ALLEN" أعطت شركة ألين "ALLEN" التي كانت تنتج الكرات المحلية في فرنسا، اسمها لكرة مونديال 1938، وعلى غرار سابقتها عانت كرة ألين من عيوب في الكروية، وإن كانت قد اختلفت بعض الشيء من حيث التصميم واللون عن كرة إيطاليا، إلا أنها شابهتها كثيراً من حيث محتواها وأشكالها الهندسية الظاهرة. ويزعم البعض أن نهائي عام 1938 استخدم فيه ثلاث كرات مختلفة ويبقى تقفي الحقيقة في هذا الموضوع صعب لأن اللقطات التلفزيونية للنهائي المذكور، فقيرةُ جداً، ولا وثيقة رسمية تدل على العدد الحقيقي لكرات المباراة النهائية بين هنغارياوإيطاليا. البرازيل 1950 "DUPLOT" كما رأينا في أول ثلاث بطولات لكأس العالم، كانت الكرات المستخدمة تحتوي على أربطة ظاهرة وكانت كرويتها محل شك كبير وثمة عيب آخر كبير هو تسببها للإصابات الناجمة عن التسديدات الرأسية لذا كان لابد من البحث عن سبل التحول إلى كرة متطورة توازي تطور اللعبة. وكانت شركة أرجنتينية تدعى توسوليني فالبونسي تنتج للبطولة المحلية كرات بلا أربطة تنفخ من خلال الإبرة، نالت الشركة المذكورة براءة اختراع في هذا المجال وبعد إدخال بعض التغييرات الطفيفة على النماذج الأولى لكرات كانت تطلق عليها اسم "Superval" ، صنعت الشركة في فرعها الخاص بالبرازيل الكرات الرسمية لمونديال 1950 وكانت تسمى "دبليو تي". وكما الكرات السابقة تألفت كرة مونديال 1950 من 12 لوحة مماثلة من حيث الشكل، ولكن أضلاعها بدت منحنية ومنسابة بشكل أكبر، أما الرضى عنها فكان لا يزال دون الطموح…لينتظر العالم عقدين آخرين من الزمن حتى تظهر التغييرات الكبيرة. لقطات: * العديد من الشركات في جميع أنحاء العالم تنتج الكرات، ولكن 40 % من هذه الكرات تصنع في منطقة واحدة من العالم وهي سيالكوت في الباكستان. * تعتبر الكرة اليوم أكثر تعقيداً من تلك التي كانت في الماضي، فمعظم الكرات الحديثة تشكلها لوحات خماسية أو سداسية بعكس كرات النصف الأول من القرن الماضي، إضافة إلى تغييرات في الجلد المستخدم وطريقة خياطته، أما الحجم فهو الشيء الوحيد الباق منذ زمن إذ يجب أن يكون محيط الكرة بين 68 و70 سم . * بعد اختراع الأميركي تشارلز جوديير لأول كرة مطاطية عام 1855 (والتي بدت وكأنها كرة السلة في الواقع) استمرت التصاميم والتحسينات إلى يومنا هذا.