ربما بات قدر كوادرنا الرياضية بسيرها الحافلة أن تخوض غمار انتخابات الاتحادات الرياضية في مواجهة مشائخ ومراكز قوى ونفوذ تفتقر سيرهم الذاتية لشيء له علاقة بالرياضة وميادينها المختلفة، لكنهم يحظون بدعم "الخُبرة" الذين جعلوا الكثير من أعضاء الجمعيات العمومية مجرد "خواتم" تُزيّن أصابعهم التي لم تمس أياديها أداة رياضية ولم تطأ أقدامهم ملعباً او حلبة او صالة في طفولتهم او شبابهم. الرياضيون لا يراهنون إلا على تاريخهم، ولا يملكون إلا كفاءة وخبرة لم تعد ذات قيمة في سوق "النخاسة"، في الوقت الذي يملك فيه منافسوهم المال والنفوذ بعد أن اقتحموا ميدان الرياضة بصورة مقززة ذات يوم، وفرضتهم "كولسة" قذرة، أبقتهم جاثمين عليها، وكلما حان موعد "الفكاك" والتخلص منهم، عاود "الخُبرة" كولستهم وفرض أجندتهم بصفاقة لا نظير لها. اتحاد الملاكمة، من بين الاتحادات التي رمتها كولسة 2001م في أحضان رئيس بدرجة "شيخ" لا يُفرّق بين وزن الريشة ووزن "الشيشة"، وبدلاً من أن يلملم أوراقه ويتوارى خجلاً بعد كل هذه السنوات الضائعة من عمر اللعبة، نجده وبدعم مراكز القوى تلك يعلن ترشيح نفسه مجدداً، في مواجهة ابن اللعبة العارف ببواطن أمورها، وأدق تفاصيلها. انا هنا لا أقدّم دعاية مجانية للكابتن "احمد جميع" الشهير ب"محمود جميع"، لكنني اقدّم للقارئ الكريم فرصة للتفتيش في سيرته التي يستعد بها لمواجهة "شيخ". "محمود جميع" من مواليد 1949 بمديرية الشيخ عثمان بمدينة عدن، بدأ ممارسة لعبة الملاكمة عام 1966في المركز الاجتماعي بالشيخ عثمان، واستمر عطاءه في عدد من الأوزان لمدة (17) عاماً حافلة بالانتصارات دون أن يتلقى أي هزيمة. بعد اعتزاله شغل منصب سكرتير اللجنة العامة لألعاب القوة "الأثقال- الملاكمة- بناء الأجسام" في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية للفترة 73 – 77م. هو أول يمني يحصل على دبلوم تربية بدنية تخصص ملاكمة من معهد لايبزج بألمانيا الديمقراطية "سابقاً" عام 1980م، إضافة إلى إجادته للغة الانجليزية كتابة ونطقاً. ليس هذا فحسب، فهو ايضاً من مؤسسي الاتحاد العربي للملاكمة عام 1982م، وانتخب نائباً لرئيس اللجنة الفنية للاتحاد، وشارك في اجتماعات الاتحاد في العراق والسعودية عامي 83، 84م. لا تستغرب عزيزي القارئ، ولا تضرب أخماس الحسرة في أسداس الأسى، وأنت تقرأ فصول من سيرة الرجل الذي كان مدرباً عام للفرق الوطنية اليمنية للملاكمة للأوزان (48-54-57- 71 كجم)، وتراه اليوم يخوض غمار انتخابات غير متكافئة وفق معايير المرحلة الراهنة التي لم تختلف عن سابقتها حتى وان كانت هناك "ثورة" قد اندلعت، فكل ما في الأمر أن "الديمة" انقلب بابها فقط على الأقل حتى الآن حتى لا أبدو متشائماً. "جميع" شارك في دورة في مجال الملاكمة لمدة شهر في كوبا، كما عمل مع عدد من الكفاءات الدولية في مجال تدريب اللعبة أمثال الروسي "ادموند ليبنسكي" والكوبي " انطونيا فاكسا" خلال الفترة 77-80م، وشارك في بطولة النوايا الحسنة في الاتحاد السوفيتي مدرباً وادارياً عام 79م، كما انه قد درب عدد من الأندية، بالإضافة إلى الفريق الوطني للملاكمة في الدورة العربية الخامسة في دمشق 76م واستمر في منصبه حتى 89م، كما ترأس البعثة اليمنية للملاكمة في مصر 2004م، ومنذ سنوات مرشح لنيل شهادة التحكيم الدولية. في شهر ابريل الماضي وبعد تكليفه للقيام بأعمال رئيس الاتحاد أقام دورتين في صنعاء لكوادر المحافظات الذين افتقدوا للدورات التاهيلية والإنعاشية منذ سنوات خلت. "محمود جميع"مثالاً للرياضي الحقيقي، وسيرته خير دليل، قدره أن يواجه شخص لا علاقة له باللعبة، ولو كان في بلد آخر غير اليمن لأسقطه بالضربة الفنية القاضية.