أحمد صالح بن غودل أبصر النور في حي الرواد / حي السلام / بالمكلا وتلقى دراسته الإبتدائية في ذلك الحي في المدرسة الغربية أنذاك ، تقمص الأداء المسرحي مع الفقيد الراحل يحيي عمر بن علي الحاج وزكي بن كوير وغيرهم في المدرسة الوسطى ، أنتدب للدراسة المسرحية في جمهورية مصر العربية وهناك إستبدل منحته بالموسيقى فكان عازفا ماهرا على آلة القانون وتخرج من معهد الموسيقى العربية بمصر بعد سبع سنوات دراسية تفوق فيها وتخرج بأمتياز ولم يعد الى المكلا بل وصل الى العاصمة عدن ، وعمل هناك في وزارة الثقافة قبل الوحدة وعين عميدا لمعهدجميل غانم للموسيقى و الفنون الجميلة وأسس فرقة الأنشاد الوطنية وغنت الفرقة أكثر من 70 عملا تراثيا من عموم المحافظاتاليمنية غير الأعمال الوطنية ونالت الفرقة شهرة واسعة ، وحيا ليالي جميلة مرت بسفح الجبل ، إكتشف وتبنى الكثير من الأصوات وأغلبها عملت معه في فرقة الإنشاد ، ماجدة نبيه ، وكفى عراقي ووفاء أحمد وأنور مبارك وابوبكر سكاريب ونجيب سعيد ثابت وكانت الفنانة ( أمل كعدل ) على رأس هؤلاء الفنانين .. (حبيبي في عيونك ذي مرايا الشوق . تتوهني وتبهرني وترسم لي الطريق أطول ) من كلمات الشاعر القرشي عبد الرحيم سلام .. وبعد أمل كعدل تعاون مع الرقيقة حينها الفنانة ( ماجده نبيه ) في زمان الحب ودعناه ، وكم سنين من عمري فاتت ، كم سنين مرت طويله .. معه حلقت فرقة الإنشاد الوطنية عاليا ونالت من الشهرة الكثير بتراثياتها وموسيقى وألحان وطنية لهذا ( الغوذلي ) الوفي وأتى بعد جيل أمل كعدل جيل منى همشري وإيمان إبراهيم ، و ( كل المطاريق لي تعبرها هي غينه ، لكن بغيتك تعدي تحت باب الدار. .. كلمات حضرمية جميلة أبدع الشاعر ( محمد باطويل في صياغتها وأبدع إبن غوذل في تلحينها وتفوق الصوت القادم من ثغر اليمن الباسم عدن وواصلت ألرائعة ( أمل كعدل )تألقها وتفردها و( أقسمت بالحب يامحبوب وكل مخلص لأحبابه وأنت زعلان مني ذوب أيش الزعل وأيش هي أسبابه ) في بداياته لحن له الفنان الراحل الكبير / محمد جمعة خان / مللوج / وظهرت للوهلة الأولى إن هذا المكلاوي / أحمد بن غوذل يمتلك بداخله الكثير وهذا ماأكدته الأيام والسنين وهو يخترق حاجز الصمت ويبدع عازفا وملحنا وموزعا ومؤلفا موسيقيا لحن الكثير من الأغاني والأعمال الخالدة و ( ساهرون . ساهرون ، ساهرون في عدن في السهول والقمم ، قسما إننا لساهرون ) لحن للفنان الخالد / محمد سعد عبدالله / ياأهل الصفاء لي سنه ، حايل وراضيكم ، أحترت فيكم أنا الله يجازيكم ، مادامنا حبكم والقلب يشتهيكم بصبر عليكم ولا بقدر أجازيكم ) وتعامل مع الفنان اللحجي الراحل ( عبد الكريم توفيق ) في أغنية ( تباني أبكي أنا ماشي معي باقي دموع . تباني أشكي من هو بايرحم القلب الولوع ) وهي على نمط فضل محمد اللحجي. صال وجال في عالم الفن والموسيقى وطاف عموم الوطن باحثا عن التراث والموروث الغنائي ، كان فارسا للأغنية الوطنية وصاحب باعا كبيرا وطويلا. في هذا المجال وكانت مدينة عدن ملهمته وعشيقته وفارسة أحلامه وأستقر فيها عاشقا مهاجرا يحمل كل الحب والخير ويحمل حضرموت في ثناياه فعاشت حضرموت في كيانه وبنيانه وظلت محلقة في سماه وظل حيه السلام في وجدانه بلسما شافيا وروحا تدفعه للألق والتميز .. الملحن والمؤلف الفذ ( أحمد صالح بن غودل ) قامة وقيمة فنية حضرمية وطنية كبيرة غابت عن الساحة الفنية في السنوات الأخيرة ولكنه ظل ساكن في قلوب كل تعاملوا معه وعرفوه عن قرب وعايشوا مراحل إبداعه وتألقه ، سيحكي التاريخ للأجيال ذات يوم عن حضرمي مر من هنا من ( عدن ) المحبة والعشق والغناء ووضع ساسا قويا للفن الإنشادي والأكاديمي ووضع أسسا لمعهد جميل غانم للموسيقى ونظاما دراسيا وسيتحدث التاريخ عنك أيها الحضرمي الجميل بكل فخر وحب وسينصف لإنك تستحق الإنصاف ... أكثر من نصف قرن من الزمان قضاها الموسيقار ( أحمد بن غوذل ) في دهاليز الموسيقى والفن والألحان وحلق في سماء الغناء الوطني وكان صاحب بصمات واضحة في الطابع الوطني .. ( خيلت براقا لمع ) و( أعراس الجدور)و ( السيف والقلم )و( دروب الخير ) و( الخير جانا ) وحواريات وأعمالا وطنية كثيرة شاهدة لك لاعليك رسمت ملامح ملاحم وطنية رائعة في بوتقة راقصة حاكت موروثنا الشعبي وإرتقت بنا الى الأعمال العربية الكبيرة الخالدة ، وعندما يتحدثون عنها سيتحدثون عنك وعن بصماتك وصفاتك ومميزاتك فأنت من جسد هذه الأعمال لتكون لوحات على الواقع بكل جميل في بلادي ، وكنت أنت الربان الذي قاد هذه الأعمال بحكمة وحنكة وذكاء ويحسب لهذا الحضرمي الذكي رفضه العمل مع الحوثين عندما أبلغه أحد المقربين منهم طلب عمل أوبريت لهم ينفذه الموسيقار / أحمد بن غوذل / ولكنه تحجج بمرضه وفر يومها من صنعاء الى عدن .. عانى الأستاذ ( أحمد بن غوذل ) المرض وأتعب الفن قلبه وذهب الى الأردن للعلاج وأجرى عمليتين جراحيتين بعد أن لعبت مشارط الأطباء في قلبه الطيب وعاد سليما معافى يشكي من الفرقة وطول البين ، وتكون إذاعة المكلا سباقة لإعادته الى ماضيه الجميل عن طريق مبدع الحوار الرائع ( سعيد الحاج ) الذي نبش في ذاكرته كثيرا وأخرج للمستمعين والمتابعين ذررا موسيقية وماض جميل تكريم هذا الفنان والموسيقي الأكاديمي المخضرم واجب البلد فماقدمه طوال تاريخه يشفع له ، وسيظل إسلوبك الموسيقي والحانك ومقطوعاتك وفعلك الإنساني علامة فارقة في تاريخنا وحياتنا ..