يبدو ممكناً من خلال التأمل في تفاصيل عدة صور رياضية , استجماع ملامح ثورة التغيير الذي اندلعت في اليمن للمطالبة بإسقاط نظام الرئيس علي عبدالله صالح وتجلت بداياتها أوائل هذا العام 2011 المشارف على الرحيل رغم أن حالة الجمود والإرباك الشديد سادت مسابقات الأندية الرياضية للموسم الأخير وعلى مشاركات المنتخبات اليمنية بمختلف فئاتها. مابين شهري ديسمبر للعامين الماضي والجاري تتبدي المفارقة في صورة الرئيس اليمني المنتشي بالنجاح الأمني لبطولة خليجي 20 فيتبع قيامه بتكريم الفشل الذي لازم المنتخب المضيف بزيارة مفاجئة وسط إجراءات أمنية محدودة لأحد ملاعب أندية عدن ومتابعة احدى المباريات مع الجمهور المتفاجئ في خطوة غير مسبوقة على مدى سنوات حكم صالح ال(33). وحينها فهم المتابعون الرياضيون من تلك الزيارة بأن الزعيم السبعيني استحلى البحث عن المزيد من المكاسب السياسية عقب بطولة خليجي20 بمتابعته إحدى مباريات الدوري المحلي كان احد طرفيها فريق نادي التلال الذي أنيط بنجله احمد علي عبدالله صالح رئاسته الفخرية بينما ذهب لقب البطولة الماضية إلى فريق العروبة الذي يدعمه نجل شقيقه يحيى محمد صالح. وحسب الصور فمشروع الملعب المحاذي لساحل البحر والمخصص لنادي التلال عدن أقدم أندية اليمن والجزيرة العربية يعد واحداً من عدة مشاريع خصصت لاستضافة بطولة الخليج التي جرت منافساتها خلال نوفمبر وديسمبر 2010م وتجاوزت كلفتها المالية 120 مليار ريال يمني لكن طرق صرفها طالتها اتهامات بالفساد ولم تجد من يتيقن منها بمن فيهم رئيس الجمهورية. وبعد مرور الشهور الأولى من العام 2011م , تحول مشروع إستاد الوحدة الجديد في زنجبار عاصمة محافظة ابين الساحلية الذي كان استضاف بعض مباريات خليجي 20 إلى منطقة مواجهات بين قوات من الجيش اليمني ومقاتلي جماعة مسلحة يعتقد ارتباطهم بتنظيم القاعدة ولم يسلم الإستاد الدولي من الأضرار رغم أن كلفته المالية الباهظة لاتزال مثار جدل حتى اليوم . وفي أواخر مايو الماضي , وجه الشيخ حاشد الأحمر اتهامات بالفساد للحكومة اليمنية , ما سحب الاهتمام بالقضية التي كانت أثيرت إعلاميا وقتها والمتعلقة بجانب صيانة ملاعب بطولة الخليج حيث اتهم المسئول الذي استقال من منصبه معلناً انضمامه لثورة الشباب السلمية اللجنة المنظمة بالتعمد في تأخير بناء منشات خليجي 20 بهدف تمرير المناقصات مباشرة وورد اخطر مافي التصريحات التلفزيونية للشيخ حاشد الأحمر نائب وزير الشباب والرياضة المستقيل بشأن إجراءات تنفيذ مشروع إستاد الوحدة لكرة القدم الجديد في محافظة ابين حيث قال انه جرى إعادة تصميمه بسعة 20 ألف مشجع بكلفة 50 مليون ريال ومن ثم بناءه بحوالي 14مليار مع أن تصميمه السابق بسعة30 ألف مشجع كان سينجز ب(11) مليار ريال يمني . وحدث ذلك اثر بروز ما لم يكن في الحسبان بهبوب رياح على اليمن من ثورات الربيع العربي في 11 من فبراير الماضي ولا يزال الشباب والرياضيين اليمنيين يتشبثون باستكمال أهداف ثورتهم السلمية بالاعتصام في نحو ثلاثين ساحة بعموم المحافظات رغم توقيع الرئيس صالح على المبادرة الخليجية التي أنهت سنوات حكمه ونقلت صلاحياته لنائبه عبدربه منصور هادي . ورغم عمليات القمع الأمني الذي تعرضت لها ساحات الشباب المعتصمين اليمنيين وأكثرها دموية تلك المجزرة التي أزهقت خلالها رصاص القناصة الموالين لنظام الرئيس علي عبدالله صالح , أرواح نحو 50 ثائراً سلمياً في يوم جمعة الكرامة الموافق 18 مارس الماضي , إلا أن التنافس الرياضي الشبابي وفي المقدمة بطولات كرة القدم تواصلت في ساحة التغيير بالعاصمة صنعاء . وفي حين كان رئيس اتحاد الكرة اليمني يبادر إلى الاستقالة من الحزب الحاكم احتجاجا على قتل المتظاهرين قبل أن يرمي بثقله لعدم فشل تسيير الموسم المنصرم الذي اعترضته التأجيلات ولاسيما بدوري النخبة , جرت عدد من منافسات البطولة الخماسية لكرة القدم في ساحة الاعتصام على مقربة من المجسم الشهير المنحوت بعبارة (الإيمان يمان والحكمة يمانية) . وهدف ثوار اليمن السلميون من إقامة البطولات الرياضية الرمزية بمشاركة عشرات الفرق الرياضية التي أطلق عليها أسماء شهداء من مختلف المحافظات بالإضافة إلى بعض المدن العربية الثائرة وذلك في وقتين محددين (منتصف الليل ومطلع الفجر) للتعبير عن إصرار المعتصمين على مواصلة الصمود حتى تنفيذ مطالبهم بإسقاط نظام الرئيس علي عبدالله صالح . حصاد اليمن الرياضي ولم ينحصر ذلك داخلياً بل وصلت منافسات الرياضيين من شباب الثورة السلمية إلى الخارج بعدما شكلوا ائتلاف الرياضيين الأحرار وكان رئيس الاتحادين العربي واليمني للجودو نعمان شاهر من ابرز المعتصمين المنضمين للائتلاف بمعية بطل اليمن والعرب علي خصروف الذي تعافى من إصابة بشظايا رصاص قوات الأمن خلال مشاركته في مسيرة نهاية ابريل الماضي . وفي منتصف ديسمبر الجاري حقق بطل الجودو علي خصروف أول ميدالية ذهبية يمنية في منافسات دورة الألعاب العربية ال 12 في العاصمة القطرية الدوحة بعدما حقق لقب وزن 60 كيلو جرام بالفوز على البطل الجزائري ليث صقر الذي حصل على الميدالية الفضية , ليواصل النجم اليمني الثائر مشواره الحافل في الطريق إلى بلوغ دورة الألعاب الاولمبية المقبلة . أما الميدالية الذهبية الثانية فاحرزها لليمن في دورة الألعاب العربية بقطر بطل من شباب الثورة الشبابية والشعبية السلمية وهو لاعب التايكواندو تميم القباطي الذي أحرز لقب وزن مادون ال 54 كيلوجراماً متفوقاً على منافسه المصري حسين السيد الذي اكتفى بالميدالية الفضية , بينما حصل الليبي أحمد ادبيب والمغربي عبد الرحمن غنوني على الميدالية البرونزية. "ايلاف اللندني"