في اليمن شيء واحد يوحد بين كل المسؤولين والسياسيين والإعلاميين والناشطين، على اختلاف أجناسهم وألوانهم: هواتفهم جميعا خاضعة للتنصت. من من؟ الله أعلم لماذا؟ الله أعلم لماذا الجميع عارف وساكت؟ الله أعلم المهم إنك تسمع من الجميع: باقول لك بس مش في التلفون. أو: هذا الكلام مش وقته بالتلفون. وخوف الجميع ليس كما هو الحال في العالم من شركات الاتصالات، التي تقوم بتخزين المكالمات تلقائيا، بل من أطراف عديدة حكومية وشبه حكومية، هي من يراقب الاتصالات، إضافة إلى شركة اتصالات أهلية واحدة يتداول الجميع، بتسليم، أنها تتنصت لأغراض سياسية. "فلان سيتصل بك الآن ليأخذ منك معلومات عن اللقاء ويجيبها لمحمد عايش لنشرها.. انتبه تجيب له".. هكذا قال موظف في جهة حكومية كبرى لاحد المسؤولين في اتصال بعد دقائق من وعد أحد مصادري لي، في التلفون أيضا، بأن يتصل بهذا المسؤول ويسأله عن وقائع لقاء مع رئيس الجمهورية. ولكن "الرقيب" سبق مصدري واتصل ليحذر المسؤول من الإدلاء بأي معلومة، وحين اتصل المصدر فاجأه المسؤول: بتدور معلومة؟ قد قالوا لي قبلك ليش باتتصل.!! أيش الكفاءة هذه يا عالم؟ ليتهم يرصدون مكالمات القتلة كمايرصدون مكالمات السياسيين والإعلاميين. والأهم ليتنا جميعا نقف في وجه أسوء جريمة انتهاك للخصوصية تُمارس بحق اليمنيين. .......
المسألة، في أسوأ الأحوال، هكذا: دولة تهيمن عليها "حاشد"، مهددة بالهيمنة عليها من "صعدة". دولة يديرها "علي محسن الأحمر"، مهددة بالانتقال لإدارة "أبو علي الحاكم". دولة "تبة الفرقة الأولى"، قد تصبح دولة "تبة كتائب الحسين". دولة بمرجعية "الشيخ صادق الأحمر وإخوانه"، على وشك أن تتحول إلى مرجعية "السيد عبد الملك الحوثي وزملائه". دولة يفصلها "الإخوان المسلمون" على مقاسهم، يُجري "أنصار الله" الآن تعديلا لمقاساتها تمهيدا للبسها. دولة الصلاة نحو "الرياض" و "الدوحة"، تكاد تحول قبلتها ناحية "طهران" و "الضاحية". لذلك؛ بالنسبة لي ولكثيرين، آي دونت كير، لا أهتم إطلاقا.. وما كنتُ أطالب به "الإخوان" و"محسن" وقبائلهم، سأطالب به ورثتهم (الحوثيين وحلفائهم): انخرطوا مع بقية اليمنيين لبناء دولة الشراكة، دولة المواطنة المتساوية، دولة النظام والقانون، لا دولة اللصوص والعصابة. فإن استجاب الحوثيون فبها؛ وإلا فمعركتنا معهم بالكلمة طويلة، ولن تكون أصعب أو أشق من معركة الخمسين عاما. لليمنيين، مع أسلافهم، أو من يوشكون أن يصبحوا أسلافهم، ويُرمز إليهم، اختصارا، ب"اليدوميين". ..........
قال لي: عمران الآن تحتاج عود كبريت واحد لتنفجر كالديناميت. وأغلق التلفون. الله يستر، دبابات القشيبي ومسلحو الإصلاح يملؤون الشوارع، والحوثيون يحتشدون للتظاهر من أنحاء المحافظة. إن مر صباح وعصر اليوم بسلام فقد نجت عمران، أو إنها المجازر.