قد تختفى حسابات المنطق وتغيب بذور الحكمه و تعماء البصائر وتنهار المبادى و تتحطم القيم باصحاب النفوس الضعيفه عند اول نقطة تحول مفاجئ يلمسوه فى عملهم و توجهم سوي كان هذا التحول الى الاحسن او الى الاسوى . الحوثيون جماعة مسلحه كانت متقوقعه على جبال حيدان و كهوف مران ومحصورة فى محافظة صعدة ، ولاكن الهشاش الامني و عجز الدوله فى فرض نفوذها وسيطرتها على مناطق كثيرة من اليمن ساعدة الجماعه على الظهور كحركه مسلحه قويه و لا تقهر ، بالاظافه الى الدعم المالي و المعنوي الذي يتلقاه الحوثيون من ايران باعتبارهم حركه ممتدة من المذهب الشيعي و مسطره لاهداف الثوره الخمينيه الى بقية دول المنطقه ، كل هذا كان كفيل على توسعهم و انتشارهم بمحافظات عدة من الجمهوريه. النجاح المتتالى للحركه الذى حققته فى الميدان ابتداء من سيطرة الحركه على محافظه صعدة وفرض نفوذها الكامل عليها مع فرض هيمنتها و توسعها فى المحافظات المجاوره محققه بذالك اهداف عديده منها طرد الطائفه اليهوديه من ريدان و قتالهم للسلفيون حتى تم ترحيلهم من دماج بشكل نهائى ،اجتثاث و كسر شوكة بيت الاحمر و انهى سيطرت آل الاحمر على قبائل حاشد ، انهى السيطره الكامله لحزب الاصلاح على محافظة عمران وتحقق هدفهم بعد صراع مرير و معركة طاحنه صار ضحايا الحرب كيثر من طرفى الصراع وحسم الفوز للحوثيون .
السياسه التى اتبعتها الدوله مع الحوثيون بتغاضى وتهاون وتسامح منذو اندلاع الحرب الاولى فى2004 بين الجيش و الحوثيون كان خاطئ و غير صايب ، حيث كان من المفترض ان تتعامل مع تلك الجماعه المسلحه بشئ من الجديه و تطرحها تحت المراقبه و نزع السلاح من جناحها العسكري ، كونها جماعه خطيرة و رفعت السلاح فى وجه الدوله مع وجود واضح فى توجهم المعلن والمنحرف و ولائهم العقائدي و المذهبي لايران الذي تهدف اليه من زعزعة الامن فى المنطقه و تحقق اكثر توسع وانتشار للمذهب الشيعي .
وصول جماعة الحوثي الى شوارع صنعاء ونصب الخيام امام المقرات الحكوميه مع محاصرت المليشيات المسلحه التابعه للحوثيون العاصمه صنعاء ، كان نقطة تحول و علامه فارقه لانتقال جماعة مسلحه من كهوف و وديان محافظة صعده الى قلب العاصمة صنعاء ، من ما سبب لزعيم الحركه الحوثيه الصغير حالة هستيريا و جنون و غرور وطيش وكبريا محذر ومنذر و متوعد بالاننقام منمن يحاول المساس بانصارة بسوء ، متناسيا بإن الدستور اليمني كفل للمواطن بحرية التظاهر السلمي و التعبير بالراى ويتوجب على الدوله حمايةالمسيرة.
الطيش السياسي الذي ينتهجه قائد المسيرة القرانيه او "الامام المهدي المنتظر" حسب وصف اتباعه له ، خطير و مقلق للجميع فى الداخل والخارج ويدل على الحقد الدفين الذي يكنوه على الجمهوريه و الوحده و الديمقراطيه ويسعون جاهدين من اجل اعادة الامامه و الملكيه بثوب جديد و عمامة سوداء ، و اتضح ذالك للجميع و للشعب اليمني خاصه من خلال الكذب والتضليل و التزييف الذين يمارسوه و استخدام التقيه و المراوغه للقيادات الحوثيه فى ادعائهم حب الوطن والجمهوريه و انحيازهم للشعب و مطالبه كل ذالك تضليل ودجل على الشعب ، فخروجهم الى الشارع جائ من اجل اكمال مسيرتهم الراميه الى اعادة الحق الضائع الى اهله من سلطه و مال وجاه كونه حق الهي و محصور على الهاشميين فقط ، متخذين الوضع المعيشى المتدني للشعب و الركود الاقتصادي للدوله ذريعه للوصول الى مبتغاهم و مخططهم .
هناك حقائق واضحه تعرى الادعاء الذي يتفوه به السيدالصغير عبدالملك الحوثي بإنه منحاز الى الشعب و ينفذ مطالبه ،فكيف نفهم ذالك و هو من اعلن لاتباعه للاحتشاد الى صنعاء من اجل اسقاط الجرعه و الحكومه ، ويأتى هذا النداء من السيد بعد مرور اكثر من شهر على اقرار الجرعه و تنفيذها من قبل الحكومه ، فلماذا لم يعلن الحوثي رفضه لهذا القرار بحينه ويهدد الحكومه بالنزول الى الشارع ان لم تستجيب لمطالبه ويعلن انحيازه الى الشعب من حينها . دون سابق انذار وبليلة وضحاها يصل الحوثيون الى صنعاء وهذا يدل على التخطيط المسبق والمفاجئ من ما سيشكل حالة ارتباك و ردة فعل من النظام لمواجهة زحف الحوثيون وصدهم ومنعهم تحت قوة السلاح وتبداء المواجهه بين الدوله والحوثيون وهذا ما كان يعدون له من المواجهه المسلحه .
المطالب الثلاثه الذي رفعوها كانت مدروسه بأحكام وخاصة اسقاط الحكومه وتنفيذها من قبل الرئيس هادي ستشكل حاله فوضي وشد وجذب و تدخل البلاد فى مربع العنف والمواجهه بين الاطراف المتواجده فى الساحه كونهم وصلوا الى السلطه حسب توافق وطني ومبادرة خليجيه و دوليه وهذا سيخل بشرعية الجميع.
مقارنة المطالب الثلاثه يصعب على الرئيس تنفيذها بوقت واحد وتحتاج الى وقت طويل و يتعامل الرئيس هادي معها بحس وطني وخبرة سياسيه عميقه للخروج منها بسلام ، كونه مخطط ايراني لادخال اليمن الى دائرة العنف والصراع ، فلو كان الحوثي منحاز الى مطالب الشعب لطالب الحكومه باسقاط الجرعه و هذا سيدل على جديته وحسن نواياه ولكن السم الايراني مدسوس بين العسل الذي قدمه السيد الصغير الى الشعب والحكومه .
رفض الحوثيون للمبادرات المتتاليه التى تقدمت بها اللجان الرئاسيه والاحزاب السياسيه والشخصيات الاجتماعيه كانت مجديه ومرضيه لجميع الاطراف ، ولاكن الاطماع الايرانيه تدل على النوايا الخبيثه التى يسلكها الحوثيون من اجل القض على السلطه بطرق دمويه وعنيفه .
العداء الذي يتشدق به الحوثيون ضد امريكا و اسرائيل شعار زائف و مضلل للراى العربي و الاسلامي ، ويظهر ذالك من خلال توجيه اسلحتهم على الشعب اليمني الذي يختلف معهم عقائديا و فكريا ، فاما امريكا و اسرائيل فهيا بعيده عن نارهم و اهدافهم.
الوصايه الشعبيه التى يدعى بها الحوثي بإن الشعب اسند اليه الحديث بالمطالبه بيابة عنه باسقاط الجرعه واسقاط الحكومه وتنفيذ مخرجات الحوار الوطني، كل المطالب تحققت للشعب وقدمت الى الحوثي بمبادرات ومناشدات رسميه للحوثيون للجنوح الى السلم و الدخول بحوار جاد لكي يخرج اليمن من المأزق الذي يمر به ، و على الحوثي ان يزحب مليشياته من مشارف صنعاء و رفع خيام الاعتصام من شوارع العاصمه لكي يثبت للعالم صدق انحيازه الى الشعب و راعي لمصلحتهم ، فالشعب غير قادر على مزيد من الحروب و الدماء والحصار الخانق لمعيشتهم وقطع الطرق و الكهرباء وازمات المشتقات النفطيه والغاز ، ناهيك من زعزعة الأمن و اقلاق السكينه العامه و اخافة الاطفال والنساء باصوات الرصاص و التفجيرات المتناثره هنا وهناك.
مطالب الشعب متمثله بأكل قطعة خبز بهناء ومرور بالشارع بأمان دون تقطع او نهب او هتك للاعراض مطالب الشعب ببساطه عيش كريم تحت ظل أمن يقدر على حمايته و اعطائه كامل حقوقه من خدمات عامه ورعايه وغيرها.
وكفي ما مضي من ضحك و استخفاف بعقول الشعب واستغلال للوضع الذي يمرون به من اجل الوصول الى مبتغاهم على حساب مطالب الشعب على جثث ودماء الابرياء ، فالمؤمن لا يلدغ من جحره مرتين ، و الا سينتفاجى الجميع بانتفاض الشريحة الصابره و المتعقله من ابناء شعبنا اليمني برفع شعار"لا هاديها و لا مهديها...لليمن جيش يحميها".