سقط الجنرال محسن اخيراً , لقد غادر فرقته بعد ثلاث ليالٍ دامية و35 عاماً كان فيها القائد والناهب والفاسد الأول , اليوم يحق لنا ان نحتفي بسقوطه كمناسبة قضت على كابوساً مرعباً ظل يؤرق كل يمني . لقد رحل محسن غير مؤسوفاً عليه إلى غير رجعة , ليست شماته ولكنها عدالة السماء التي انتظرناها طويلاً ودوت ك إنفجار ضخم في سماء صنعاء. لم نكن نتصور ان يأتي اليوم الذي نصحو فيه صباحاً وقد غادرنا الجنرال , في ال2011 اندلعت ثورة شعبية للمطالبة بالتغيير وإذا بالرجل يرتدي بزته العسكريه ويستدعي شلفي "الجزيرة" لبث بيان إنضمامه للثورة حامياً , لقد كان وقع البيان على المواطن البسيط كارثياً بكل ماتعنيه الكلمة من معنى , إذ ان الجنرال هو جزء من منظومة الفساد والرجل الأول في السلطة التي يفترض إسقاطها وليس إحتواء فاسديها , لكن ذلك حدث فعلاً وصار محسن رجل صالح الأول هو حامي الثورة ورجلها الأول , وصار مجرد الحديث عنه تجاوز للخطوط الحمراء وبفرمان ثوري . حينذاك تحول الحراك الثوري إلى فعل مُدان ومشرعن فساد , فالجنرال قدم للساحة مع النظام الذي كان يفترض بالثورة إسقاطه وليس إحتوائه وتسليمه راية التغيير , لقد خذلت الثورة الشعب التي ادعت انها تمثله , وصارت الساحات تتغنى بالجنرال وتنشد للزنداني وتهتف للشيخ وحزبه, كانت ثورة إقصاء لكل ماله علاقة بحق اليمنيين وآمالهم في التغيير نحو الأفضل . بعد تنحي صالح وتسليمه للسلطة وفق المبادرة الخليجية , اعادت الثورة الجنرال مرة اخرى إلى الواجهة من جديد ومنحته درعها فيما غادر صالح القصر الجمهوري وسلمه لنائبه , ذاك امراً جيد ومبعث نشوة للجنرال العجوز , ولم يتبق لإستكمال تحقيق مشروعه الثوري سوى تصفية مؤسسة قوية ومتماسكة في الجيش انشاءها نجل صالح تدعى الحرس الجمهوري . لستُ قاضياُ لإصدر حكماً على مُحسن , لكن فيما إذا قُدمَ للمحاكمة اجُزم بأن حكماً قاسياً سيصدر بحقه, إذ يعتبر القائد العسكري الوحيد الذي سخر نفوذه العسكري للإستيلاء على الأراضي وإنشاء الشركات في مجال النفط والأحياء البحرية والحماية الأمنية , وتحويل فصيل في الجيش إلى مليشيا يتقاضى افرادها رواتب من وزارة الدفاع , فيما تدين بالولاء له ولقادة الجناح الديني والقبلي داخل الإصلاح . الحديث عن مُحسن ودوره في تقويض بناء الدولة متشعب وليس له اول من آخر , لذلك لا اعتقد بأن هناك من يستطيع الإلمام بالدور الذي لعبه منذ مطلع الثمانينات حتى ال2014 وهو ما يجعلنا امام شخصية مثيرة للجدل لا يوجد لها مثيل استغلت تغلغلها في اروقة الدولة لتكوين امبراطورية مال واعمال على حساب فقر وعوز المواطن اليمني . فر محُسن ولم يجد من يُيكي سقوطه وقد تخلى عنه حتى حلفائه وباعوه بثمن بخس , هذه هي نهاية الظالمين المتكبرين المطلخة ايديهم بدماء الأبرياء , ماحدث في احد صنعاء كان انتصاراً بحق لكل اليمنيين التواقين لبناء دولتهم القوية والعادلة , لذلك سنظل نتذكر يوم ال21 من سبتمبر من العام 2014 , على انه اليوم الذي انتصر فيه اليمنيين بوعيهم على مؤامرة جر بلادهم للحرب الأهلية دفاعاً عن قوى الظلم والفساد .