تعرضت يومي السبت والأحد 17 و18 سبتمبر 2011م لمحاولتي تصفية جسدية ، داخل أروقة كلية التجارة والاقتصاد بجامعة صنعاء ، وتحديداً داخل مدرج البروفيسور/عبدالعزيز السقاف وأمامه ، لامتثالي لقرار وزارة التعليم العالي بعودة الدراسة إلى كليات جامعة صنعاء ، بعد أن تلقت رئاستها تحذيراً رسمياً من (منظمة اليونسكو) بسحب الاعتراف بالشهادات العلمية الصادرة عنها لو استمر توقف الدراسة فيها . ويبدو أن إصراري على الحضور للكلية رغم كل التحذيرات من المخاطر المحيطة بذلك الحضور كون الكلية لصيقة بالشوارع (المحتلة) بمحاذاة سور الجامعة ، قد استفز مشاعر (الثورجية) المصابين بالبلادة وعمى القلب ، لاستجابتهم (المطلقة) وامتثالهم (الأعمى) لأوامر قادتهم (عباقرة المكر والدهاء) الذين يقودونهم كقطيع الماشية بالربط (الفريد العجيب المُقزز) بين سقوط (النظام؟!) و (عودة التعليم للجامعة؟!) ، وإطلاقهم لأغبى وأقبح شعار عرفته البشرية منذ أن خلق الله سيدنا آدم إلى أن يأذن الله بفناء كل الكائنات الحية يوم القيامة (لا دراسة ولا تدريس حتى يسقط الرئيس) ، إذ رأوا أن حضوري للكلية يعتبر تحدياً (سافراً) لثورتهم (المزعومة) وإهانة لشعارهم (الفضيحة) . أعقب تلك المحاولتين الآثمتين تواصلي مع أكثر من مكون طلابي وأكاديمي قي كليات الجامعة للتنسيق لاجتماع في (بيت الثقافة) للبحث في كيفية عودة الدراسة في جامعة صنعاء صبيحة اليوم التالي الاثنين 19 سبتمبر 2011م ، والذي أسفر عن التحرك الأول بمسيرة سلمية انطلقت من (بيت الثقافة) بجوار دار الكتب بشارع القصر الجمهوري صوب مقر (أمانة العاصمة) مع كوكبة من أبنائي الطلاب والطالبات من مختلف كليات جامعة صنعاء برفقة الأستاذ الدكتور / محمد محمد العلفي الأستاذ بكلية الهندسة وعدد من المعيدين والمعيدات والصحفي سُلطان قطران بعد أن استحسن جميع الحاضرين وأيدوا مقترحي بنقل الدراسة من داخل أسوار الجامعة إلى مقرات بديلة بعيدة تماماً عن (الحجر الصحي) الذي اتخذه (الثورجيون) مقراً لجنونهم وهوسهم بإسقاط النظام . يومها التقينا بأمين العاصمة وطرحنا المُقترح الذي تضمن تحديداً مبدئياً للمواقع البديلة لكل كلية من كليات الجامعة ، ونال المقترح التأييد والموافقة الرسمية الفورية ، وبدأت رئاسة الجامعة بتنفيذه ، وما هي إلا أيام وصارت الفكرة واقعاً ملموساً مُجسداً على الأرض ، حينها شعرت القوى (الظلامية الرجعية المُغرقة في التخلف) أنه قد تم سحب البِساط من تحت أيديهم ، وأن ضربة قاصمة قد وُجهت لخاصرة (ثورتهم المجيدة) ، وفي ذات الوقت شعروا بمقدار (العفن العقلي والفكري) الذي انزلقوا إليه عندما تبنوا ذلك الشعار (المُخزي) ، الذي ارتد إلى نحورهم وصار وبالاً عليهم وعارٌ اجتهدوا وسيظلون مجتهدين في محاولاتهم اليائسة البائسة في تطهير أنفسهم منه بنفيه عنهم وادعاء براءتهم منه ، ولكن هيهات لهم أن يحلموا مجرد الحلم بإمكانية نجاحهم في ذلك . ومن ميدان التحرير انطلقت مسيراتنا السلمية الراجلة (بصدور عارية) مع كوكبة أكبر ضمت أكاديميين وطلاب وأهالي حي الجامعة بجناحيها القديم والجديد المتضررين من قطع (قُطَّاع) الطرقات (الثورجية) التواقين للحرية (بزعمهم) للشوارع المحاذية لمنازلهم ، واتجهنا بمسيراتنا التي استمرت عدة أيام متتالية صوب سفارات : بريطانياوأمريكا والسعودية والاتحاد الأوروبي والأممالمتحدة ، رافعين ومرددين شعارنا الأطهر والأنقى والأروع والأكثر ألقاً وباللهجة العامية الدارجة (لا سياسة ولا تسييس الطلاب "يشتوا" تدريس)، ذلك الشعار الذي أصم آذان القوى (الظلامية) ، وأقض مضاجعهم، وزلزل الأرض تحت أقدامهم ، كما التقينا بالممثل المقيم لمبعوث أمين عام الأممالمتحدة ل (اليمن)، وسلمناه نسخة من مطالبنا بعودة الحياة للجامعة (الأم) المُحاصرة . انتظمت الدراسة بالمقرات البديلة بتوفيق من الله ، وتم إبلاغي عن طريق أفراد الأمن الذين يحرسون المقر البديل لكلية التجارة والاقتصاد عن نجاحهم بالقبض على اثنين من المعتوهين (الموعودين بالحور العين) الذين حاولوا إجهاض الفكرة بأحزمتهم الناسفة التي طوقوا بها أجسادهم ، يومها وضحت لأولئك الرائعين من أفراد الأمن أن تسرُّب الخبر للإعلام عن القبض على مفخخين حاولوا الولوج للكلية من شأنه أن يثير رُعب أولياء الأمور وأعضاء هيئة التدريس معاً ، فيتم الإجهاز على الفكرة ووأدها ، والعودة للمربع الأول بالتوقف (الإجباري القهري) للدراسة بجامعة صنعاء ، وذلك يعني الاستجابة لمطالب الحمقى الموتورين المُغيبة عقولهم وأفئدتهم في محجرهم الصحي ، وبفضل الله تفهمت العناصر الأمنية المُكلفة بحراسة المقرات البديلة لوجهة نظري وتعاملت مع طالبي (الحور العين) بعيداً عن الضجيج الإعلامي ، وسارت الأمور بشكل طبيعي ، إلى أن تنبه جهابذة الثورجية ورؤوس الجهالة إلى الخطأ الفاحش الذي وقعوا فيه ، ونادوا بعودة الدراسة للمقرات الأصلية ، وأنكروا واستنكروا (إلصاق التُهمة بهم) عن طريق (البلاطجة) ، فهم (ضِد) إيقاف وتعطيل الدراسة بجامعة صنعاء؟! ، وهم لم يلوثوا بأصابعهم سور مباني جامعة صنعاء القديمة بشعارهم الفاجر الفاجع (مُغلق من قِبَل الشعب)؟! ، وليسوا هم من وضعوا جزمة (بيادة) العسكري فوق طاولة الأستاذ الجامعي بكلية الآداب ، ليهينوا بها من أسموهم الأكاديميين (البلاطجة)؟! ، وليسوا هم من اتخذوا قاعات ومدرجات وممرات الجامعة ثكنات عسكرية؟! ، وليسوا هم من صوروا لقواعدهم أن تلك الكتائب العسكرية هي لحماية توجهاتهم الثورية ؟!. وما أشبه الليلة بالبارحة ، فبمجرد إعلان رئيس الحكومة عن اعتماد حكومته للعام 2015م عاماً ل (التعليم) ، جعل المؤسسات التعليمية هدفاً مفتوحاً مستباحاً لذات العناصر (الظلامية) التي يُزعجها كثيراً سطوع نور العلم والمعرفة ، فصارت عناصرها (الفذة) تخوض أسمى معارك الشرف؟! والبطولة ؟! ، تُقدم فيها أرواحها رخيصةً وهي أغلى ما يملكونه ؛ لزرع الرعب في أوساط طلاب العلم الأبرياء وأولياء أمورهم ، والاستبسال في إجهاض التوجه الحكومي المعلن (الحالم) بجعل العام 2015م عاماً للتعليم ، فمن الإجهاز على روح (16) طالبة في رداع بدم بارد ، إلى وضع سيارة مُفخخة ملتصقة بسور مدرسة (أروى) للبنات في العاصمة صنعاء ، إلى تفجير قنبلة صوتية بإحدى المدارس الخاصة في منطقة (حدة) بالعاصمة أيضاً ، إلى انتزاع أرواح خريجي الجامعات الطامحين لخدمة وطنهم بالالتحاق بكلية الشرطة ، إلى تفكيك عبوات ناسفة في حرم جامعة صنعاء ، لقد وضع أولئك (المجاهدين) في أعناقهم أمانة (تاريخية مُقدسة عظيمة) تتمثل بمحو ظلام (التعليم) ، ليستمتعوا بنشر نور الجهالة والتخلف والعمى الذي هم ماضون فيه ، ولا عجب ، فليس من المستساغ ولا المقبول لديهم أن يكونوا وحدهم منفردين بتلك الصفات العظيمة ، ولابد من توسيع دائرة وعدد الجهلة والمتخلفين وفاقدي البصيرة والبصر . ولعل الأكثر جهالةً وغباءً وحُمقاً من أولئك (المجاهدين لإطفاء جذوة التعليم) ، هم أصحاب العقول (النيِّرة) في حكومة (الفقاعات وليس الكفاءات) الذين تاهت بوصلة رُشدهم في سراديب التنظير من بروجهم العاجية ، فبدلاً من اعتماد وتكريس العام (2015م) عاماً لعودة الأمن والأمان والاستقرار لكل ربوع الوطن ، أو عاماً لاستعادة كرامة وهيبة الدولة ، وبسط نفوذها على كل مليمتر من تراب الوطن ، أو عاماً لفرض هيبة المؤسستين العسكرية والأمنية ، فأي (تعليم) يتشدق به أولئك (إن كان في جماجمهم عقول) ، والوضع الأمني (كارثي) بكل المقاييس ، أي (تعليم) يمكن أن تستهدفه أي حكومة في العالم ، والطالب غير (آمن) على حياته ، واحتمالات تطاير جسده إلى أشلاء في أي لحظة وبلمح البصر كبيرة جداً ، إلا إن كانت حكومتنا (الرشيدة) عازمة على اعتماد ميزانية (التأمين) على حياة ملايين الطُلاب بشركات التأمين، فتلك قمة (الملهاة الكوميدية) في ذروة (المأساة التراجيدية). عجبت لحالك يا (وطني) فكم فيك من المبكيات المُضحكات ، فمن بين (69) خبراً رسمياً أوردتها وكالة الأنباء الرسمية (سبأ) يوم الأربعاء الماضي ، نجد 3 أنشطة رسمية فقط للرئيس (النائم) هي : استقبال هيئة المستشارين المكلفة بلقاء قيادات أنصار الله ، واستلام نسخة من المسودة الأولى للدستور ، وتعزية أحد رجال الأعمال في وفاة نجله ، وأدان مجزرة كلية الشرطة دولياً وإقليمياً كلاً من : أمريكا وفرنسا وبريطانيا ومجلس التعاون الخليجي وتركيا والاتحاد الأوروبي والجامعة العربية والأممالمتحدة ، فيما عبر بنعمر (المسمى زوراً وبهتاناً وسيطاً دولياً) عن أسفه؟! ، أما محلياً فقد استنكر المجزرة رئيس وأعضاء مجلس الشورى ، وأدانها كلاً من : نواب الشعب ومحلي الأمانة والأحزاب والتنظيمات السياسية ووزارتي الأوقاف والثقافة ، وحذر اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين من خطورة الانحدار لصراع مذهبي ، ووقف مجلس الوزراء (الموقر) أمام الحادث الإرهابي؟! ، وتفقد كلاً من : أمين العاصمة ووزير الصحة جرحى المجزرة ، وبعيداً عن (سبأ) أتقدم بأحر التعازي للأمهات والآباء ، ولا نامت أعين الجبناء .