حقا إن لم تستح فاصنع ما شئت ، بكل وقاحة ودونما خجل أو حياء لا يكتفي (البحاح) وهو أحد العرائس التي يمسك بخيوطها (جهال) آل سعود ويحركونها كيفما شاءوا بزيارة جرحى العدو (الصهيوسعودي) في مشافيهم للاطمئنان عليهم ؟! وتفقد أحوالهم ؟! ورفع روحهم المعنوية ؟! بل ويقبل رؤوسهم ، ويصلي على جثامين (الشهداء؟!) من قتلاهم ، في مشهد هزلي مشين شكل صدمة وخيبة أمل لكل اليمانيين ، حتى وهم يعلمون أن ذلك (البحاح) لم يعد يملك أي سلطة أو مشروعية ولا يمثل أحدا سوى نفسه ، فقد تجاوز (البحاح) بزيارته تلك حدود الخيانة بمراحل وأشواط ، ولأي منا تخيل ما دار في نفس كل عسكري سعودي جريح من احتقار وازدراء لل(بحاح) وهو يرى هذا الرجل الذي يتم الاعتداء على بلده ، وتنتهك كل محرماته ومقدساته ، ويصفى أطفاله ونساءه وخيرة رجاله وشيوخه بدم بارد ، وتدمر كل خيراته وقدراته العسكرية والمدنية ، مبتسما في وجهه مقبلا جبينه ، وكأني به يقدم لهم الاعتذار لما أصابهم من جراح نازفة ناتجة عن دفاع مواطنيه عن أنفسهم ووطنهم وشرفهم وعرضهم المستباح . كنت في مقال سابق أواخر العام الماضي قد كتبت مقالا بعنوان (التعليم المستباح في حكومة البحاح) ، بينت فيه كيف أن قرار الحكومة آنذاك باعتبار العام الحالي 2015م عاما للتعليم ، كان قرارا ارتجاليا هزليا بكل ما تعنيه هاتان الكلمتان من معنى ، وذلك ﻷن تلك الحكومة الحاصلة للتو حينها على ثقة مجلس النواب بشق اﻷنفس لم تبلور ذلك الشعار بشكل علمي مدروس يضمن تحويل الأمنيات الوردية إلى واقع ملموس ، بعيدا عن شطحات التنظير من فوق الأبراج العاجية ، فلم يحدد مجلس الوزراء الأهداف الرئيسة والفرعية لذلك الشعار ، كما لم يتم وضع الخطط الكفيلة بتحقيق تلك الأهداف ، وبما يسهل عملية الرقابة على التنفيذ الجاد لتلك الخطط ، وتقييمها وتقويمها لاستكشاف أوجه القصور في التنفيذ ، والعمل على معالجتها فورا ودون ابطاء يوما بيوم وشهرا بشهر ، حتى تصل الحكومة لتحقيق كافة تلك الأهداف أو معظمها ، ثم تكون جاهزة ومستعدة للمثول أمام المجلس كجهة رقابية لتعلن للرأي العام عما تمكنت من انجازه من تلك الأهداف ، وما هي أوجه القصور التي حالت دون تحقيق كل أو بعض تلك الأهداف ، من أجل تلافيها والسيطرة عليها مبكرا في المستقبل . وقد أثبتت الأيام أن ذلك القرار الهزلي الإرتجالي كان بمثابة مؤشر خطير على عقلية رئيس الحكومة المنتزع للتو من منصبه كممثل لليمن في أروقة الأممالمتحدة ، بعد جدال واسع ومثير لم تشهد له اليمن مثيلا في تاريخها المعاصر حول اختيار شخص رئيس الوزراء ، وتكهنات وبورصة للشائعات حول من يكون ذلك الشخص ، كانت تطرح كل يوم تقريبا اسما مرشحا لشغل ذلك المنصب ، الذي أكدنا أنه وفقا للنظام السياسي الرئاسي لا يقدم ولا يؤخر على الإطلاق ، ﻷن رئيس الجمهورية هو من يرسم ويحدد ويقود سياسة الجمهورية ، وليس رئيس الوزراء وكافة أعضاء حكومته سوى مستشارين بدرجات وظيفية عليا ، مناط بكل منهم تنفيذ توجهات ورؤى وأفكار رئيس الجمهورية وترجمتها على أرض الواقع ، فرئيس الجمهورية وحده دونما منازع صاحب القول الفصل في كافة أمور الدولة دون استثناء . بدا (البحاح) للوهلة الأولى كمنقذ ومخلص لل (اليمن) بعد أسابيع مضت أخفقت فيها كل القوى السياسية في التوصل لإجماع (وطني) على تسمية من يستحق شغل هذا المنصب الذي هو في حقيقة الأمر - كما أسلفنا - لا حول له ولا قوة ، فأي إخفاق أو قصور أو فشل في أدائه إنما يدل دلالة قاطعة على فشل رئيس الدولة في إختيار الشخص المناسب لهذا المنصب ، ولعل المبادرة الخليجية وآليتها المزمنة قد أسهمت في تحوير هذا الأمر إلى حد ما ، باشتراطها توافق واجماع كل القوى السياسية الفاعلة على الشخص المرشح لشغل منصب رئيس الوزراء ، لأن (اليمن) كانت تمر بمرحلة حرجة وحساسة تستلزم التوافق الإيجابي في إدارة كل شئون الدولة ، هذا لو كانت تلك القوى السياسية تعي وتفهم جيدا المعنى السوي للتوافق الإيجابي . البحاح قبل توليه منصبه في الأممالمتحدة كان مغادرا للتو حقيبة وزارة النفط ، مخلفا وراءه ما قيل أنها قضايا فساد تزكم الأنوف ، غير أنه بدلا من خضوعه للقانون والتحقيق معه في تلك القضايا ، وتنفيذ ما يصدر عن القضاء من أحكام بحقه سواء بالبراءة أو الإدانة ، نجد أنه قد كوفئ بصدور قرار جمهوري بتعيينه ممثلا لليمن في الأممالمتحدة ، وبهذا القرار تم الحاق الرجل بالمكان الملائم لأمثاله لدى الدولة التي تظن أنها بقوتها تدير العالم ، ولتستمر في ذلك فإنها تبحث دوما عن عملاء طيعين لها يتولون زمام الأمور في كل بلدان العالم . عاد الرجل لوطنه متوجا بأكاليل الغار كبطل أجمعت عليه كل القوى السياسية المتباينة ، مشترطا لقبوله المنصب فض الاعتصامات في شارع المطار ، وبدأ مشاورات التشكيل الوزاري الذي جاء بولادة متعسرة أيضا ، وتوالت أحداث صناعته وتلميعه كمنقذ ومخلص لبلد أثقلت كاهل مواطنيه الأزمات ، مرورا بإعلانه للعام 2015م عاما للتعليم ، ثم استقالته ووضعه تحت الإقامة الجبرية ، وإطلاق سراحه ومغادرته لواشنطن ؟! ، ليعود بعدها للرياض حاملا مبادرته المشبوهة التي اقترح فيها توليه منصب رئيس الجمهورية توافقيا؟! لفترة انتقالية جديدة ، ثم إلغاء الفكرة والمبادرة بدخول اليمن في دوامة عدوان همجي بربري بتأييد ومباركة رئيس فاقد للمشروعية منتهي الصلاحية . وتكتمل ملامح الصورة حينما يقوم ذلك الرئيس (الفار) بتعيين ذلك (البحاح) نائبا له ، وهو لا يدرك أنه ربما يكون قد حفر قبره بيده التي اعتمدت ذلك القرار ، والذي ﻻ أشك بأنه أصدره تحت ضغط صناع (البحاح) ، فقد صارت مسألة تنحيته بعد ذلك مسألة وقت إجبارا أو اختيارا ، اغتيالا أو تنحية ، هذا إن استطاع صناع (بحاح) المضي في تلميع شخصيته وتصعيده أكثر وأكثر ، ونجحوا باقناع الشعب اليمني بأنه ليس هناك من يملك عصا سحرية لتبديل حال (اليمن) للأفضل سواه لكونه يحظى بقبول إقليمي ودولي ، غير أن صناعه فاتهم أن من سقط في مستنقع العمالة والخيانة جهارا نهارا ودون ذرة من حياء أو خجل يستحيل عليه وعليهم أن يحلم أو يحلموا بالصعود أو التربع على عرش الحكم في (اليمن) ، ف(اليمن) سيظل فوق كل الرهانات ، وستتحطم على صخور جباله الشماء بإذن الله كل السيناريوهات المشبوهة ، وستسقط بعون الله وتسخيره للشرفاء فيه كل المؤامرات والدسائس .