تصاعدت، أمس، دعوات بعض المحسوبين على التيار السلفي لإشراك رجل الدين الشيخ عبدالمجيد الزنداني في الحوار الوطني، بعد محاولات سابقة بذلها الرجل للدخول في الحوار، وقوبلت بانتقادات محلية ودولية، في صراع جديد على قائمة الرئيس هادي للمشاركة في الحوار الوطني. وبحسب المعلومات التي تداولها أمس مقربون من الزنداني، فإن ما يسمى بهيئة علماء اليمن، كانوا ينتظرون حصتهم من المشاركة في الحوار، ضمن قائمة الرئيس، وهو ما أبلغ به ياسر الرعيني، عضو لجنة الحوار عن حزب الإصلاح، الأطراف التي تطالب بالمشاركة، والتي أبدت قلقها بسبب عدم تلقيها أي عرض للمشاركة من قبل الرئيس هادي بحسب ما أخبرهم الرعيني؟ وكان الشيخ الزنداني ورجال دين آخرون، عقدوا قبل أسابيع مؤتمراً صحفياً للتنديد بإقصائهم من مؤتمر الحوار الوطني، وقالوا في بيانهم إن إقصاءهم يمثل تهديداً للأمن والاستقرار، غير أن المؤتمر قوبل بصمت رسمي، فيما قال السفير الأمريكي حينها إن مشاركة الزنداني في الحوار لا تخدم العملية السياسية والمبادرة الخليجية. وأمس؛ بثت مواقع على الانترنت مقالات تضمنت اتهامات لمؤتمر الحوار بأنه "يحمل أجندة يريد أن يشرعن لها ويمررها، ويخشى القائمون على المؤتمر في حال مشاركة العلماء في المؤتمر، أن يعملوا على عرقلة مثل هذه الأجندة والمخططات التي يراد لمؤتمر الحوار أن يمررها ويشرعن لها"، بحسب أحد المقالات التي نشرت على موقع "التغيير نت". وفي ما يشبه المعركة الأخيرة لخوض المشاركة في الحوار، هاجم الكاتب محمد مصطفى العمراني، القريب من الشيخ الزنداني الحوار الوطني، وقال إن "هناك ضغوطاً خارجية أدت إلى إقصاء علماء اليمن من المشاركة الفاعلة في مؤتمر الحوار الوطني، ورضخت السلطة لهذه الضغوط". وتحدث العمراني، عن أن الرئيس كان قد وعدهم بحصة في قائمته: "بالأمس قال لي أحد الشباب أن ياسر الرعيني نائب الأمين العام لمؤتمر الحوار الوطني قال أن حصة العلماء هي ضمن حصة رئيس الجمهورية وقد بحثت في عن تصريح موثق للرعيني بهذا الخصوص فلم أجد وعلى فرض أنه قال ذلك فرئيس الجمهورية حتى اللحظة لم يعرض على العلماء المشاركة ولا يبدو أنه سيعرض عليهم المشاركة ويعطيهم نسبة تليق بهم وبدورهم كمكون رئيس لأن القرار ليس بيده". وقال العمراني: "باعتقادي أن مقررات مؤتمر الحوار الوطني ونتائجه معدة سلفا، والمشاركة فيه تحصيل حاصل، طالما وهو بإشراف أمريكي، وطالما وغيب منه العلماء والعقلاء والحكماء والكوادر الوطنية الفاعلة، وطالما ونحن تحت الوصاية الأجنبية، والأغلبية فيه تعرفون لمن وما هو توجهها ولمن ولاؤها". وأضاف: "اللجنة التحضيرية والفنية فيه تعرفون حالها أو حال أغلبها، وإذا كان البعض يقول لننتظر النتائج ونتفرج، فإذا حصل ما يخالف شرع الله ثار العلماء، ووضحوا، باعتقادي هذا رأي مرجوح، فالعلماء يجب أن يسعوا للمشاركة الفاعلة، ويحذروا من الآن حتى لا يقدم المتحاورون على اقتراف ما يخالف شرع الله، إذ إن هناك شواهد كثيرة ومؤشرات تبعث على الريبة، وإلا لو أن الأمر واضح وشفاف ويراد لهذا المؤتمر أن يكون فعلا لصالح البلاد والعباد، ما أقصي العلماء وأقصيت الفئات الوطنية من المشاركة فيه"، حسب قوله. وفي ذات الإطار، نشر موقع قناة الجزيرة تقريراً في موقعها على الإنترنت، تساءلت في عنوانه: "لماذا أقصِي الزنداني من الحوار باليمن؟"، وقالت فيه إن الرأي العام منشغل ب"تساؤلات عن دوافع استبعاد وإقصاء فئات وشرائح هامة من المجتمع عن المشاركة في الحوار، يتقدمهم رئيس هيئة علماء اليمن الشيخ عبدالمجيد الزنداني". ووصف الموقع الشيخ الزنداني ب"أبرز شخصية تسعى للمشاركة في مؤتمر الحوار وتمثيل العلماء بحصة مناسبة، وتطالب بجعل الشريعة الإسلامية هي مرجعية الحوار الوطني". وقال الموقع إنه "يعتقد على نطاق واسع بوجود "فيتو" أميركي على اسم الزنداني أدى لإقصائه وهيئة العلماء من المشاركة في الحوار". وتحدث الموقع عن أن ذلك يأتي "في ظل هجوم السفير الأميركي جيرالد فايرستاين على الزنداني، وتجديده اتهامه إياه بما يسمى "دعم الإرهاب"، واعتباره أن مشاركته في مؤتمر الحوار لا تدعم المرحلة الانتقالية في اليمن"، حد قوله. وتحدث محمد العمراني، الذي اعتبره الموقع مقرباً من الزنداني، عن أن "ثمة أجندة يراد لمؤتمر الحوار الوطني أن يشرعها ويمررها، ويخشى القائمون على المؤتمر في حال مشاركة العلماء أن يعملوا على عرقلة هذه الأجندة والمخططات، كتقسيم اليمن لخمسة أقاليم، وإعداد دستور علماني يقصي الشريعة الإسلامية كمرجعية وحيدة للدستور"، حسب قوله. ونقل الموقع عن الصحفي المتخصص في شؤون الجماعات الإسلامية محمد الأحمدي، قوله إن "استبعاد الشيخ الزنداني من قوائم ممثلي المكونات الاجتماعية والسياسية في مؤتمر الحوار الوطني، جاء بناء على فيتو أميركي". واعتبر أن "إقصاء العلماء والزنداني يكرّس في وعي المجتمع اليمني صورة سلبية عن استمرار وقوع البلد تحت الوصاية الأجنبية والأميركية خصوصا، وارتهان صانع القرار اليمني للخارج". ولفت الأحمدي إلى "أن المجتمع اليمني مجتمع متدين بطبعه، ويحظى فيه علماء الدين باحترام كبير، وهم جزء من أطراف منظومة الصراع السياسي التقليدي، وبالتالي فإن إقصاءهم من مشهد الحوار الوطني يمثل انتكاسة مسبقة لنتائج مؤتمر الحوار المرتقب". وفي المقابل، يرفض مدير مركز الدراسات والمعلومات بمؤسسة الثورة للصحافة علي ربيع، أن تأتي الإملاءات من الخارج لإقصاء أو استبعاد أية شخصية يمنية، لكنه يعتقد أن مشاركة الزنداني في مؤتمر الحوار ستثير كثيرا من المشاكل. وأشار إلى أن "الحوثيين والمحسوبين على المذهب الشيعي، وكذا قوى التيار القومي واليساري من الأحزاب الاشتراكية والناصرية والبعثية، يختلفون مع الشيخ الزنداني وأفكاره المتشددة". ولا يعارض ربيع مشاركة الزنداني في الحوار الوطني باعتباره يمثل المذهب السني، إلى جانب علماء آخرين من المذهب الزيدي الشيعي، مثل العلامة محمد المنصور. ومن جانبه، أوضح محمد موسى العامري، عضو اللجنة التحضيرية للحوار الوطني، ورئيس حزب اتحاد الرشاد اليمني (السلفي التوجه)، أن العلماء لم يعتمَدوا كمكوّن أساسي في مؤتمر الحوار الوطني، وقد أحيلت حصتهم المقدرة ب62 مقعدا إلى الرئيس عبد ربه منصور هادي لتوزيعها". وبشأن استبعاد الزنداني وهيئة علماء اليمن، قال العامري للجزيرة نت إن "هناك قوى تحرص على إقصاء العلماء من المشاركة في مؤتمر الحوار الوطني، ومثل هذا التوجه لا يصب في مصلحة نجاح الحوار". وأضاف أن "مؤتمر الحوار سيضع تصورات لشكل الحكم باليمن وهويته ومستقبله، وليس من المقبول أن يتغيّب أهل العلم والحكمة عن صياغة مستقبل بلدهم، وهناك أمور في الحوار سيحتاج الناس فيها إلى معرفة الحكم الشرعي، فإذا غاب العلماء فمن الذي سيفتي في ذلك؟". ورأى العامري أن "المطلوب أن يكون للعلماء حضور يتناسب مع مكانتهم، وهذا لن يتم إلا إذا رفع الرئيس هادي حصته من المقاعد إلى 150 مقعدا، وأصدر قرارا بذلك، حتى يمكنه إعطاء مقاعد كافية للعلماء ولشيوخ القبائل المعروفين بالحكمة". إلى ذلك عملت "الأولى" من مصادر حضرت اجتماع الرئيس عبد ربه منصور هادي باللجنة الفنية للتحضير لمؤتمر الحوار، الذي انعقد أمس في دار الرئاسة بصنعاء، أن الاجتماع شهد إعادة طرح قضية زيادة حصة الأحزاب الأخيرة في مؤتمر الحوار، وذلك من حصة الأحزاب الكبيرة، وكان اتفاقا بين الأحزاب قد أبرم داخل اللقاء المشترك، غير أن الأحزاب الكبيرة تتنصل عن تنفيذ الاتفاق حتى الآن. ويفترض أن تضاف إلى حصة كل من حزب الحق واتحاد القوى الشعبية والبعث ثلاثة مقاعد لكل حزب، وذلك من حصة الإصلاح والاشتراكي والناصري. وطرح أعضاء في اللجنة الفنية خلال اللقاء بالرئيس هذه القضية، ولم تبد الأحزاب الكبيرة تجاوبا، فبادر أحد الحضور إلى اقتراح أن يتم تعويض هذه الأحزاب من حصة الرئيس هادي التي تبلغ 63 مقعدا، فعلق الرئيس بالقول: لكم ستتسع قائمتي هذه وكم؟ في إشارة من هادي إلى المطالبات العديدة التي تلقاها من قبل شخصيات وجهات وأحزاب لضم بعض ممثليهم في قائمته. مصادر أخرى كشفت ل"الأولى" أن مشائخ ينتمون إلى المؤتمر الشعبي العام بينهم الشيخ الشائف، أبلغهم حزبهم بأنهم سيكونون في قائمة الرئيس هادي، بعد أن خلت قائمة المؤتمر منهم. بينما تلقى الشيخ صادق الأحمر وعودا مماثلة بأن قائمة الرئيس ستشمله.