طلباً للترقية يخوضون اختبارات اللياقة أسوة بخريجي الثانوية رغم فارق العمر اختبارات كلية الشرطة تودي بحياة 2 وثالث في العناية المركزة * الترب للمتقدمين: معي 25 ألف جامعي يشتوا ترقيات ولن تحصلوا على الترقية إلا بخروج أرواحكم * أي واحد يقوم بمظاهرة سأكسر "لقفه" وأحبسه بحيث لا يرى النور أبداً * ظلت الجثتان في ممر ثلاجة الموتى بمستشفى الشرطة من الصباح حتى وصل أقاربهما في الليل
أودى اختبار للياقة البدنية، أجرته كلية الشرطة، أمس الاثنين، بحياة اثنين من منتسبي وزارة الداخلية، إثر إصابتهما بمضاعفات صحية بسبب الجري، فيما أفادت معلومات عن سقوط ثالث أدخل العناية المركزة.
ولم يتسنّ التأكد من هوية المتوفى الثالث، غير أن مصدراً أمنياً أكد إدخاله العناية المركزة بمستشفى الشرطة.
وقال ل"الأولى" مصدر بوزارة الداخلية إن المساعد أول عبدالحميد محمد أحمد الصراري، والمساعد معاذ أحمد نصر الحليسي، فارقا الحياة متأثرين بهذا الاختبار الذي تشدد وزارة الداخلية على خوضه لقبول منتسبيها الحاصلين على الشهادة الجامعية في كلية الشرطة، قبل أن تمنحهم الترقية إلى رتبة ضابط.
وحسب المصدر، هناك ما يقارب 3000 بين جندي وصف ضابط من منتسبي وزارة الداخلية، رفعت وحداتهم الأمنية بأسمائهم كمستحقين للترقية إلى رتبة ضابط، بعد حصولهم على شهادات جامعية.
غير أن وزارة الداخلية تشترط لهذه الترقية إخضاع هؤلاء المتقدمين لاختبارات لياقة بدنية قاسية، أسوة بالمتقدمين من خريجي الثانوية العامة، رغم فارق العمر، ثم تمنح المقبولين رتبة ملازم ثانٍ بعد سنة من الدراسة بكلية الشرطة.
وقال ل"الأولى" أحد زملاء الصراري والحليسي، إنهما أكملا اختبار اللياقة البدنية، لكنهما سقطا بعد دقائق من اجتيازهما نهاية المضمار داخل حوش كلية الشرطة، مشيراً إلى أن الكلية تجري الفحص الطبي للمتقدمين بعد اختبار اللياقة البدنية وليس قبله.
وأضاف مصدر آخر في الكلية أن عبدالحميد الصراري، حل في الترتيب الرابع من بين مجموعته المكونة من 25 متقدماً، مؤكداً أنه فور اجتيازه نهاية المضمار، كان يشكو من اختناق وصعوبة بالغة في التنفس.
كما أوضح المصدر أن الصراري كان يستعد للتوجه نحو خوض الفحص الطبي، لكنه سقط مغمى عليه، فيما تعالت أصوات زملائه بأنه مات. وبعد ذلك بقليل، تعالت الأصوات بأن معاذ الحليسي دخل في غيبوبة، وتم إسعاف الاثنين إلى مستشفى الشرطة، ولم تفلح محاولات الأطباء في إنقاذ حياة الأخير.
وأكد المصدر في الكلية أن الفحص الطبي لا يتم قبل اختبار اللياقة، غير أن الكلية أقرت إجراء الفحص الطبي قبل الاختبار ابتداءً من اليوم، وذلك إثر وفاة الصراري والحليسي.
وقال ل"الأولى" شقيق عبدالحميد الصراري، إن جثة شقيقه ظلت ملقاة في الممر أمام ثلاجة الموتى من الصباح حتى الساعة ال8 والنصف مساءً، بعد أن وصل شقيقه وبعض أفراد أسرته من محافظة تعز، مشيراً إلى أن الحليسي ظل في نفس المكان حتى وصل أقرباؤه.
وأضاف أنه تم إبلاغ الأسرتين في المستشفى بتشكيل لجنة تحقيق لتحديد أسباب الوفاة، وأن الأسرتين تنتظران ما سيسفر عنه هذا التحقيق.
وحسب محمد الصراري، لم تتلقّ الأسرتان أي اتصال من قيادة كلية الشرطة، ولا من أحد مسؤولي الداخلية، لافتاً إلى أن الأسرتين سوف تنظمان وقفة احتجاجية اليوم أمام الكلية، للمطالبة بكشف أسباب الوفاة، واعتبار ابنيهما شهيدين بالرتبة التي "خرجت روحاهما" وهما يطالبان بها.
وقال ل"الأولى" أحد المتقدمين لنيل الترقية، إن وزير الداخلية حضر إلى الكلية، أمس وأمس الأول، وإن الوزير خاطب المتقدمين بالقول: "أقسم بالله ما تحصلوا الترقية إلا بخروج أرواحكم. المظاهرات ممنوعة، وأي واحد سيتظاهر سأكسر لقفه وأضعه في السجن، وأقسم بالله لن يرى النور أبداً".
وأضاف المتقدم: "عددنا بين 2000 و3000، والوزير عندما تحدث معنا في اليوم الأول قال لنا: معي 15 ألف جامعي يطلبوا ترقيات، وفي اليوم الثاني قال: معي 25 ألف جامعي. لا نعرف ما هذا التناقض! نحن منتسبون للداخلية، وحصلنا على مؤهلات جامعية، فهل يعقل أن نخوض اختبارات قاتلة لكي نحصل على الترقية؟".
وأوضح أن الوزارة أصدرت تعميماً في يوليو/ رمضان الماضيين، شددت فيه شروط القبول لهؤلاء الجامعيين الباحثين عن فرص الترقية، وحصرت العمر ب35 سنة، والتخصص ب"الشريعة والقانون، الحقوق، علم النفس، علم الاجتماع، والحاسوب". كما شددت على ضرورة إخضاع المتقدمين لكافة الاختبارات التي يخضع لها المتقدمون من صغار السن.
وطبقاً لمعلومات "الأولى"، كان القانون قبل عام 2000، ينص على أن يحصل منتسبو السلك العسكري الحاصلون على شهادة جامعية، مباشرة على رتبة ملازم أول، وفي السلك الأمني، إلى رتبة ملازم ثان. وبعد العام 2000، تم استحداث شرط الخضوع لتأهيل بدورة تدريبية، ومؤخراً تم اشتراط التأهيل بكلية الشرطة لمدة سنة، على أن يجتاز المتقدم كافة اختبارات القبول التي يخضع لها أي متقدم مستجد.
وحسب معلومات أسرته، فإن المساعد أول عبدالحميد محمد أحمد الصراري (32 سنة)، التحق بسلك الشرطة عام 2004، وتخرج من كلية الشرطة عام 2006، وحصل على ليسانس حقوق من جامعة تعز عام 2011.
وأضافت المعلومات أن كلية الشرطة توقفت عن قبول دفع جديدة منذ 3 أعوام، بسبب احتجاجات الجامعيين الذين يطالبون بحقهم القانوني في الترقيات والعلاوات منذ عام 2000، وأن هذه هي المرة الأولى التي تستقبل فيها كلية الشرطة متقدمين من منتسبي الداخلية الجامعيين.
ولم تذكر وزارة الداخلية أية معلومات على موقعها الإليكتروني "مركز الإعلام الأمني"، عن وفاة اثنين من منتسبيها أثناء اختبار اللياقة، واكتفت بنشر خبر تدشين الوزير "استقبال دفعة تخصصية جديدة للراغبين الالتحاق بكلية الشرطة خريجي الجامعات ومنتسبي وحدات الشرطة".
وذكر الموقع أن وزير الداخلية اللواء ركن عبده الترب، شدد خلال لقائه بالمتقدمين "على أهمية الجانب التخصصي في الارتقاء بالعمل الأمني من خلال الاستفادة من الكوادر المؤهلة. مشيراً إلى أن وزارة الداخلية تعمل حالياً على استيعاب منتسبيها من الجامعيين والاستفادة منهم في كافة التخصصات وفقا لاحتياجات العمل الأمني".
وأشار اللواء الترب إلى أن هذه الخطوة ستستوعب 400 شخص من الجامعيين المنتسبين لوزارة الداخلية في تخصصات نظم المعلومات وعلوم الحاسوب والتحريات والتحقيق الجنائي، نظرا لأهمية تلك التخصصات في مجال العمل الأمني. كما وجه الوزير بإصدار تعميم إلى كافة الوحدات الأمنية للراغبات من الكوادر النسائية المنتسبات للوزارة ووحداتها المختلفة، الالتحاق بالدفعة التخصصية، وممن تتوفر فيهن الشروط المطلوبة، لسرعة تسجيل أسمائهن لدى اللجان المشكلة في كلية الشرطة. وقد باشرت لجان التسجيل استقبال طلبات الراغبين وفحص ملفاتهم، والتي ستسمر إلى 21 أغسطس الجاري.
حضر التدشين رئيس أكاديمية الشرطة اللواء الدكتور علي الشرفي، ومدير عام كلية الشرطة العميد الدكتور عبدالله هران.