أبناء ريمة يحتشدون وفاءً للقرآن وتضامناً مع غزة في مسيرة غير مسبوقة    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    أمين عام الأمم المتحدة تؤكد: قضية شعب الجنوب مفتاح السلام المستدام في اليمن    الإصلاح يصفي أبناء تعز: استقالات تتحول إلى حكم إعدام بسبب رغبتهم الانضمام لطارق صالح    الحبيب الجفري يحذّر من تسييس الدين: الشرع ليس غطاءً لصراعات السياسة    الذهب يسجّل أعلى مستوى له في التاريخ    انتخاب برهم صالح لقيادة مفوضية الأمم المتحدة للاجئين    الشيخ المفلحي يعزي في وفاة الشخصية الوطنية السفير المناضل محمد العبادي    أزمة خانقة في مخابز عدن.. المواطن يعاني والانتقالي يبيع الأوهام    خبير دولي: على الانتقالي التركيز على الإعلام الخارجي بالإنجليزية لبناء التفهم الدولي لقضية الجنوب    كأس ملك اسبانيا: تأهل اتلتيك بلباو وبيتيس لدور ال16    المغرب يتوج بطلاً لكأس العرب بانتصاره المثير على منتخب الاردن    انعقاد الاجتماع الفني لبطولة مديريات محافظة تعز - 2026 برعاية بنك الكريمي    صحيفة أمريكية: خطاب ترامب الأخير .. الأمور ليست على ما يرام!    الحرية للأستاذ أحمد النونو..    التكتل الوطني للأحزاب: استهداف مقر الإصلاح محاولة لجر تعز إلى الفوضى    السبت .. انطلاق سباق الدراجات الهوائية لمسافة 62 كم بصنعاء    دمعة وحرف في حضرة الإصلاح    شرطة تعز تعلن ضبط متورطين في تفجير عبوة ناسفة قرب مقر تجمع الإصلاح ومعلومات عن طبيعة الانفجار    وحدة حماية الأراضي تزيل استحداثات عشوائية في حرم مطار عدن المستقبلي بصلاح الدين    القرفة في الشتاء: فوائد صحية متعددة وتعزيز المناعة    الرئيس الزُبيدي يؤكد أهمية البيانات الإحصائية في بناء الدولة وصناعة القرار    أحزاب تعز تدين استهداف مقر الإصلاح والسلطة المحلية تؤكد ملاحقة الجناة    تجار تعز يشكون ربط ضريبة المبيعات بفوارق أسعار الصرف والغرفة التجارية تدعو لتطبيق القانون    إقامة ثلاثة مخيمات طبية خيرية مجانية في الحديدة    اختتام أعمال المؤتمر العلمي الثامن للمركز العسكري للقلب    لملس والعاقل يدشنان مهرجان عدن الدولي للشعوب والتراث    استشهاد قيادي إصلاحي وإصابة آخر بالتفجير الإرهابي الذي استهداف مقر الإصلاح في تعز    صنعاء.. البنك المركزي يعيد التعامل مع شبكة تحويلات مالية    انفجار حزام ناسف لأحد المجاهدين لحظة خروجه من مقر الإصلاح في تعز    سلطات مدينة تعز تفكك مخيمات الاعتصام بالقوة    الأرصاد: طقس بارد إلى بارد نسبيًا على المرتفعات    المحافظ لملس يعزّي الصحفي صلاح السقلدي في وفاة والدته    نادية الكوكباني تفوز بجائزة نجيب محفوظ لأفضل رواية عربية للعام 2025    أرقام فلكية.. الفيفا يعلن عن الجوائز المالية لكأس العالم 2026    سان جيرمان يتوج بكأس القارات للأندية لأول مرة في تاريخه    طائرة شحن إماراتية محمّلة بالسلاح تصل مطار الريان بحضرموت    بين الاعتزاز والانسلاخ: نداءُ الهوية في زمن التيه    شرطة أمانة العاصمة تكشف هوية الجناة والمجني عليهما في حادثة القتل بشارع خولان    من بينها اليمن.. واشنطن توسع حظر السفر على مواطني دول إفريقية وآسيوية    الصحفي والمقدم الإذاعي المتميز محمد السامعي    اتحاد كرة القدم يعلن استكمال تحضيراته لانطلاق دوري الدرجة الثانية    أيها المؤرخ العلم: ما نسيناك !    روائية يمنية تفوز بجائزة أدبية في مصر    الرئيس المشاط يعزّي الشيخ عبدالله الرزامي في وفاة أخته    تفقد سير أعمال الترميم في جامع الجند التاريخي    صباح عدني ثقيل    تحرير حضرموت: اللطمة التي أفقدت قوى الاحتلال صوابها    اليابان تقدم حزمة مساعدات إنسانية جديدة لليمن بقيمة 13.8 مليون دولار    صباح المسيح الدجال:    دراسة: الأطفال النباتيون أقصر قامة وأنحف من أقرانهم متناولي اللحوم    مأرب.. السلطة المحلية تكرم فريق نادي السد لكرة القدم بمناسبة الصعود لدوري الدرجة الثانية    تأكيداً على عظمة ومكانة المرأة المسلمة.. مسيرات نسائية كبرى إحياء لذكرى ميلاد فاطمة الزهراء    جوهرة الكون وسيدة الفطرة    مرض الفشل الكلوي (32)    بدعم سعودي.. مشروع الاستجابة العاجلة لمكافحة الكوليرا يقدم خدماته ل 7,815 شخصا    ضرب الخرافة بتوصيف علمي دقيق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الرهان الخاسر في القضية الجنوبية..!
نشر في يمن برس يوم 03 - 02 - 2015

تتزايد المخاوف والتهديدات على مستقبل الوحدة اليمنية، في ظل الانفلات الأمني والصراعات السياسية التي تعيشها الجمهورية اليمنية منذ عام 2011، وخاصة بعد التطورات التي شهدتها صنعاء أواخر يناير (كانون الثاني) الماضي، وسيطرة الحركة الحوثية على المؤسسة الرئاسية، وما ترتب عليها من تداعيات أمنية وسياسية جديدة ذات صلة بالقضية الجنوبية.
ولعل استقالة الرئيس هادي، ورئيس حكومته، واختطاف الحوثيين لمدير مكتب الرئاسة أحمد بن مبارك (وكلهم جنوبيون) كانت العناوين الأبرز في هذه التداعيات الجديدة، التي كثفت من دعوات «فك الارتباط» واستعادة الدولة الجنوبية، واستدعت بالتالي الخطاب السياسي والإعلامي المثير للنزعات المذهبية والطائفية، ليس فقط عند بعض المناطق الجنوبية، وإنما أيضا على مستوى الهلال السني الشمالي الممتد من مأرب والبيضاء إلى تعز وإب، التي شهدت بعض المظاهرات المنددة باقتحام الحوثيين لدار الرئاسة ومحاصرة منزل الرئيس.
كانت ردود الفعل حانقة وغاضبة، خاصة في مناطق عدن، ولحج، وأبين، وشبوة التي تخضع لسيطرة الأخ الشقيق للرئيس هادي (ناصر منصور) وكيل الأمن السياسي، الذي اندفع في 21 يناير الماضي إلى إغلاق مطار عدن، والمنافذ البرية والبحرية (خلال 24 ساعة)، وشكل فيها لجانا شعبية بغرض السيطرة على الوضع على غرار ما فعله الحوثيون في صنعاء والمحافظات التي سيطروا عليها.
والسؤال المهم الذي يطرح نفسه هنا هو: هل ستساعد هذه الاستقطابات الجهوية والمذهبية المتخوفة من سيطرة الحوثيين على القرار السياسي في صنعاء على التسريع بانفصال الجنوب عن الشمال؟! لا يستطيع أحد أن ينكر أن مشاعر العداء تجاه الوحدة تتنامى في الأوساط السياسية والشعبية الجنوبية، غير أن ذلك لم يصل إلى حد القناعة بالإقدام على إعلان الانفصال، رغم أن قيادات الحراك الجنوبي وجدت في تقدم الحركة الحوثية في المحافظات الشمالية فرصة للتعبئة والتحريض، ومدخلا لاتخاذ خطوة مجنونة كهذه.
فأبناء الجنوب الذين لا تزال تتجاذبهم القوى التقليدية (يسارية ويمينية)، لم ينسوا بعد معاناتهم من التشطير ومخلفات الحروب بين الشمال والجنوب، كما لم ينسوا زمن الانغلاق والتشريد والملاحقة والتأميم في ظل حكم الحزب الاشتراكي الذي استمر ربع قرن حتى قيام دولة الوحدة عام 1990، ولم ينسوا أيضا ما كانوا يطلقون عليه «الوجبات» من الاقتتال والمذابح التي كان «الرفاق» ينفذونها بين الوقت والآخر ضد بعضهم، والتي كان آخرها أحداث يناير 1986 الدامية، التي تمت التصفيات فيها بالهوية والانتماء القبلي والمناطقي.
لا شك أن هذه الصراعات القديمة سحبت نفسها على قوى وكيانات الحراك المسيطرة اليوم على الواقع الجنوبي، وانعكست في كثرتها واختلافها وتعدد ولاءاتها السياسية والقبلية والمناطقية؛ فهي ليست على وفاق مع بعضها، وهي تعاني من انقسامات شديدة وحادة، وتتنازعها ولاءات ومرجعيات داخلية وخارجية متناقضة، لم تتمكن معها خلال أكثر من سبع سنوات من عمر الحراك أن تلتقي على طاولة واحدة، فضلا عن أن تتفق على قيادة موحدة، علاوة على أنها لم تتمكن من أن تفرز قيادات جديدة شابة تعبر عن تطلعات حركة الشارع، وتصوغ أهدافه.
ولذلك، فالقوى السياسية الجنوبية التقليدية من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار في الداخل والخارج ظلت - ولا تزال - تتقاتل للسيطرة على فصائل الحراك، لكنها فشلت حتى الآن، رغم أن بعضها دفع الأموال وقدم الإغراءات الكبيرة، بمن فيها الرئيس هادي نفسه الذي أنفق المليارات من خزينة الدولة لتشكيل كيانات حراكية جديدة موالية ولاحتواء بعضها، لكنه هو الآخر فشل أيضا، ولم يتمكن حتى من إيجاد ممثلين فعليين للحراك في مؤتمر الحوار الوطني (2013 – 2014).
يدخل في هذا السباق الحزب الاشتراكي اليمني، الذي لا يزال يقدم نفسه باعتباره الممثل الشرعي للقضية الجنوبية، وصاحب الحق التاريخي في التعبير عن مصالح وقضايا الجنوب، رغم أن شعبيته قد انحسرت في الجنوب كثيرا، ومع ذلك ظل خلال الفترة الماضية يتسابق مع قوى الحراك على حمل القضية الجنوبية، وذهب في مجاراتها إلى الدفاع عن دولة اتحادية من إقليمين (شمالي وجنوبي) على حدود ما قبل الوحدة (1990)، وكان ذلك - بالتأكيد - على حساب تخليه عن المشروع الوحدوي الوطني الذي نشأ وتربى عليه الحزب، الأمر الذي أثار نزاعات وانقسامات كبيرة في أوساطه في المحافظات الشمالية، وفقد بالتالي بوصلة مساره الصحيح.
وإذن، هل حان وقت إعلان الانفصال، والعودة باليمن إلى زمن التشطير، بحدود دولتين وعلمين، وجوازين وسفارتين؟!!
كانت مجلة «نيويورك تايمز» الأميركية قد نشرت عام 2013 تسريبا لمخطط إعادة تقسيم خمس دول عربية هي العراق، وسوريا، وليبيا، والسعودية، واليمن إلى 14 دولة صغيرة ممزقة، تحت عنوان «خريطة جديدة للشرق الأوسط»، ومنها عودة اليمن إلى دولتين شمالية وجنوبية، وإذا كان المخطط قد أعد فعلا، فسيكون تنفيذه على مراحل بحسب نضوج الطبخة في كل دولة على حدة، إذ ليس من المستبعد أن تكون طبخة تقسيم اليمن قد نضجت في إطار هذا السيناريو المعد، الذي سبق أن قلنا إنه تم التمهيد له منذ اليوم الأول لانعقاد مؤتمر الحوار الوطني سيئ الصيت والسمعة.
وفي هذا الإطار، أعتقد أن إعادة تقسيم اليمن إلى دولتين سيكون ممكنا، فما أسهل أن يمزق العرب أنفسهم، وما أسهل أن يستجيب المجتمع الدولي لهذا التمزيق، خاصة إذا كان ضمن مخططهم، لكني أظن وبعض الظن واجب، أن خطوة كهذه ستواجهها الكثير من المصاعب، وسيكون لها انعكاسات ومخاطر كبيرة على المستويات الداخلية والخارجية.
أما المصاعب والعقبات فأتصور أهمها في التالي:
- عدم توفر وتهيئة الظروف السياسية المناسبة لقيام دولة شطرية في الجنوب، بالنظر إلى حدة الصراعات والتناقضات التناحرية بين قيادات فصائل الحراك الجنوبي التي أشرنا إليها سابقا.
- رغبة القوى التقليدية المتصارعة (يسارية - ويمينية) في استعادة حكمها للجنوب، بما فيها العودة إلى وضع (سلطنات، وإمارات ومشيخات) ما قبل الاستقلال (1969).
- اتساع رقعة الخلافات الجغرافية - الجهوية بين مناطق الجنوب، ففي حال انفرط عقد الوحدة - لا سمح الله - فحضرموت ترفض أن تلحق بعدن، كما ترفض عدن أن تلحق بأبين، وترفض المهرة أيضا أن تلحق بحضرموت، خوفا من عودة الماضي المليء بقسوته وظلمه.
- احتمال سقوط محافظات شبوة، ولحج، وأبين، وحضرموت، في أيدي «أنصار الشريعة»، تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، الذي سبق له أن سيطر على معسكرات ومناطق واسعة فيها، وأعلن خلال (2011 - 2012) عن إقامة إمارات في عزان، شبوة، والبيضاء، ومقاتلوه يتجولون اليوم بأسلحتهم ويرفعون راياتهم السوداء في أغلب المحافظات الجنوبية. وهكذا، فمشروع إعادة تقسيم اليمن سيكون الرهان الخاسر في القضية الجنوبية، وسيفتح الشهية للاقتتال والصراع الداخلي، وتسابق القوى الإرهابية المتطرفة للاستيلاء والسيطرة على الأرض والسلاح، بحيث يزداد الوضع اليمني تعقيدا، ويتسع الخرق على الراقع، فيصعب التنبؤ بمآلات الوضع في اليمن في حالة العودة إلى ما قبل عام 1990، إلى جانب أن انعكاساته على المستويين الإقليمي والدولي ستكون هي الأخرى في غاية الخطورة، وسينتج عنها اتساع رقعة الصراع الدولي والإقليمي للسيطرة على الوضع في المنطقة، والتحكم بالممرات المائية في البحرين العربي والأحمر.
ومن هنا، فالطريق إلى انفصال الجنوب سيكون صعبا للغاية، وتكلفته ستكون باهظة، خاصة أنه سيدفع إلى استقطابات إقليمية ودولية كبيرة لن تخدم الأمن والسلام في المنطقة.. وحتى إن استكمل الحوثيون سيطرتهم على القرار السياسي في صنعاء.. فيظل الحفاظ على الوحدة اليمنية، أحد أهم عوامل الأمن والاستقرار في منطقة الجزيرة والخليج.
*نقلا عن الشرق الأوسط


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.