قدّم مستشار الأمن القومي الأميركي مايكل فلين استقالته بعد أربعة أيام من كشف الصحافة عن "تضليله" إدارة الرئيس دونالد ترمب بشأن اتصالات أجراها مع روسيا قبل تولي الإدارة الجديدة مهامها، وسط أنباء عن أن الأدميرال روبرت هاورد هو الأوفر حظا لخلافته. وقال فلين في رسالة الاستقالة مساء أمس الاثنين إنه قام خلال الفترة الانتقالية التي سبقت تنصيب الرئيس ترمب رسميا، وعن غير قصد بإطلاع نائب الرئيس مايك بنس وأشخاص آخرين على معلومات مجتزأة تتعلق باتصالاته الهاتفية مع السفير الروسي سيرغي كيسلياك. وكشفت معلومات نشرتها صحيفتا واشنطن ونيويورك تايمز عن أن فلين أجرى محادثات مع السفير الروسي في ديسمبر/كانون الأول الماضي، ونصحه بعدم إبداء أي رد فعل على العقوبات التي كانت إدارة الرئيس السابق باراك أوباما تنوي اتخاذها ضد موسكو بسبب تدخلها في الانتخابات الرئاسية، وأن إدارة ترمب ستتمكن من مراجعتها. وجرى طرح اسم نائب الرئيس الأميركي، بعد أن أعاد طرح القضية للأذهان بنس في مقابلة تلفزيونية في منتصف يناير/كانون الثاني الماضي، وقال خلالها إن فلين أبلغه بأنه لم يناقش العقوبات مع السفير الروسي، وهو ما ظهر لاحقا أنه غير دقيق، حيث قامت المخابرات المركزية بتسجيل المكالمة الهاتفية بين فلين والسفير الروسي، واتضح أن النقاش تناول موضوع العقوبات. وجاء في خطاب استقالة فلين "للأسف وبسبب تسارع الأحداث، أطلعت نائب الرئيس المنتخب (مايك بنس) وغيره بمعلومات غير متكاملة تتعلق بمكالماتي الهاتفية مع السفير الروسي، ولقد قدمت اعتذاري للرئيس ونائب الرئيس، وقبلا اعتذاري". وذكت تقارير أن بنس مستاء من تضليله بهذا الشكل، وقال البيت الأبيض إن فلين "ضلل نائب الرئيس". وقال مراسل الجزيرة في واشنطن فادي منصور إن فلين لم يقر بأي خطأ في خطاب استقالته، بل أكد أنه قام بما يترتب على أي مسؤول في المرحلة الانتقالية من اتصالات مع المسؤولين الأجانب، تحضيرا للإدارة الجديدة. وتحظر القوانين الأميركية على المواطنين غير المكلفين بمهام رسمية مناقشة قضايا السياسة الخارجية مع أجانب، لكن التهمة الأهم لفلين هي تضليل إدارته وعدم قول الحقيقة الكاملة المتعلقة بهذه المكالمة. تضليل وجاءت استقالة فلين بعد تقرير عن أن وزارة العدل حذرت البيت الأبيض قبل بضعة أسابيع من أن فلين قد يكون معرضا للابتزاز بسبب اتصالاته مع مسؤولين روس قبل تولي ترمب السلطة في العشرين من يناير/كانون الثاني الماضي. وأكد مسؤول أميركي تقريرا نشرته صحيفة واشنطن بوست ذكر أن سالي ييتس القائمة بأعمال وزير العدل في ذلك الحين أبلغت البيت الأبيض أواخر الشهر الماضي بأنها تعتقد بأن فلين قد ضللهم بشأن طبيعة اتصالاته مع السفير الروسي لدى الولاياتالمتحدة. ومما فاقم الأزمة تغيير فلين رواياته بشأن محادثاته مع السفير الروسي، حيث كان نفى أن يكون قد ناقش مع السفير مسألة العقوبات، ثم عاد للقول إنه لا يتذكر تماما ما إن كان فعل ذلك. وكان الناطق باسم البيت الأبيض شون سبايسر نفى في وقت سابق أمس الاثنين بشكل قاطع علم ترمب بأن فلين بحث مسألة العقوبات مع السفير الروسي. ودفعت هذه القضية العديد من البرلمانيين الديمقراطيين إلى المطالبة بإقالة فلين بعد أقل من شهر على تولي إدارة ترمب دفة السلطة. وذكر مراسل الجزيرة أن النائب آدم شيف -كبير الديمقراطيين في اللجنة الفرعية الدائمة للمخابرات- وصف اختيار فلين لمنصب مستشار الأمن القومي بأنه سيء، وطالب بتحقيق شامل حول طبيعة العلاقة بين مسؤولي ترمب والروس. وعيّن البيت الأبيض على الفور الجنرال المتقاعد جوزف كيلوغ في هذا المنصب الإستراتيجي بالوكالة. ونقلت وسائل إعلام أميركية عن مصادر في البيت الأبيض أن إدارة ترمب قد تعين خليفة لمايكل فلين من بين ثلاثة مرشحين، مشيرة إلى أن الأدميرال روبرت هاورد النائب السابق للقيادة الوسطى هو الأوفر حظا لتولي المنصب. ومن بين المرشحين الجنرال ديفيد بترايوس المدير السابق لوكالة المخابرات المركزية (سي آي أيه)، فضلا عن الجنرال كيث كيلوغ الذي عُين قائما بأعمال مستشار الأمن القومي. ويرى فلين أن ما يسمى التطرف الإسلامي أكبر تهديد للاستقرار العالمي، وقال في وقت سابق إن على واشنطنوموسكو التعاون في هذه القضية، كما دافع على الدوام عن فكرة إقامة علاقات وثيقة مع روسيا.