روى أحد السجناء المفرج عنهم من سجون المليشيا قصته أثناء وجوده داخل المعتقل، وكيف كانت الجماعة الحوثية تعامله وزملاءه. وفضّل السجين عدم ذكر اسمه أو الإشارة إليه ترميزاً بأحرف اسمه خوفاً من أي احتمالية قد تعيده مرة أخرى لغياهب المعتقل في ظل سلطة لا ترعى الآدمية ولا تعي معنى حقوق الإنسان. وقال السجين الذي نطلق عليه مجازاً هنا اسم (محمد) أنه اعتقل أثناء وجوده في محل صرافة لاستلام حوالة من شقيقه في الخارج، كان قد بعثها إليه كمصاريف دراسية، كونه يدرس في جامعة صنعاء، ويعتمد هو وأسرته على الحوالات المالية التي يرسلها شقيقه اليه بانتظام. وأضاف: كنت أقول لهم أثناء اقتيادي ما هي التهمة، فيقولون اسكت يا عميل، اسكت يا عدو الله ورسوله. وتابع حديثه: عرضت على الضابط في قسم الشرطة – لن نذكر اسمه – وحين نظر إلي قال لي أنت با تعرف جزاء من يخون بلاده ودينه، وأنه لن يستطيع أحد كائناً من كان أن يخرجني من الحبس إلا عند موتي. وأضاف: في البدء أدخلوني في معتقل يحوي ما يقارب 200 شخصاً محشورون في صالة لا يتجاوز طولها ستة أمطار طولاً وأربعة عرضاً، وقالوا لي هنا مأكلك ومشربك ونومك. تابع: كنت مذهولاً مما رأيت.. كان الوضع صعباً للغاية.. حاولت البحث عن مكان لأرتاح فيه فلم أجد سوى بقعة صغيرة جوار الحمامات.. الأرضية بلاط والجو بارد جداً، ولا شيء يمكن أن يشعر بآدميتك في هذا المكان. تنام على أحد جوانبك متزاحماً مع بقية المساجين المغلوب على أمرهم هناك، على البلاط.. وأبشع ما في الأمر أن الحمامات موجودة في ذات الصالة، وكأننا حيوانات في زريبة. يضيف: أخذوا هاتفي لحظة اعتقالي، وكانوا كلما عرضت على مدير القسم يقول لي أنهم اكتشفوا خلية تجسس اتواصل بها من جوالي، واكتشفوا أني تحصلت على حوالات مالية من الخارج بغرض نشر الإشاعات وتخريب الاستقرار من خلال ما وجدوه في الجوال، وكنت أدافع عن نفسي وأقسم أني لست عميلاً وأني مجرد طالب جامعي والحوالات كلها مرسلة من شقيقي لمصاريفي ولمصاريف الأسرة في ظل هذه الأوضاع المتردية لكن دون جدوى. يتابع: أقسى ما كنت أقاسيه هو منع عائلتي من زيارتي، وكلما جاء والدي لمحاولة رؤيتي يخوفونه بانهم سيسجنونه بجانبي إن أصر على ذلك. أضاف: بعد 3 أشهر من الحبس دون أعرف ما تهمتي بدأت بفقدان الأمل، وشعرت أن لا مجال لخروجي، وحينها جاء المدير وأخبرني أنهم سينقلونني الى معتقل آخر خاص بالحوثيين. وقال: كان المعتقل الجديد أكثر نظافة بكثير من المعتقل السابق، يوجد شاشة تلفزيون معلقة يشاهدها جميع المساجين ويوجد عنابر وأماكن مخصصة للنوم بعيداً عن ذلك البلاط القاسي. يتابع: أخبرني أحد الضباط أنني إذا أردت الخروج فلا بد من دفع حق (ابن هادي) "رشوة" كوننا استضفناك عندنا لفترة طويلة ولابد من مقابل على ذلك. أضاف: أعطوني جوالي حينها للاتصال بوالدي، فاتصلت به وأخبرته أنهم يريدون مبلغاً مالياً لقاء خروجي. يضيف في حديثه: حاول والدي مراراُ وتكراراً ترجيهم لإخلاء سبيلي لأنني مختطف دون ذنب أقترفه لكن دون جدوى، فقام بتقديم مبلغ مالي لمدير القسم كي يخلي سبيلي، فوعده المدير بذلك لكن لابد أولاً من ان يجهز ضمانة ويقدمها لهم، وحين جهزنا الضمانة قال أن الورقة لا بد أن يوقع عليها أبو حرب، أحد مشرفي الحوثي. وأضاف: حضر أبو حرب للقسم، والتقى والدي، وقال له ابنك عليه نقاط كثيرة وتقرير التحقيق معه مقلق، ولن يخرج إلا عبر موافقتي، ولو حبيت انفعك وارجع لك ولدك جيب ما اقدرت عليه. ويضيف: وهكذا اضطر والدي لبيع ذهب أمي وعاد ومعه 500 الف ريال أعطاها له، فوقع الورقة وأطلق سراحي، بعد فترة سجن بلغت 6 أشهر، دون أي ذنب. وحول كمية المبالغ التي أخذت منه أجاب: أخذوا مني 600 ألف ريال (500 بيد أبو حرب ، 50 الف بيد مدير القسم و 50 ألف كانت هي الحوالة التي استلمتها من أخي وجاء طقم الحوثي وأخذها مني يوم اعتقلوني)، وحين سألتهم عليها يوم أفرجوا عني قالوا انها عربون محبة بيني وبينهم. مشيراً أنهم أعادوا إليه الجوال، واكتشف حين تصفحه أنهم قد قاموا باستعادة جميع المحادثات والرسائل حتى التي كانت قد حذفت قبل سنوات منه. ووجه نصيحته لليمنيين قائلاً: اذا أردت حوالة من أي شخص خاصة الحوالات الخارجية لا تطلب ذلك عبر محادثة نصية، لأنهم يسترجعون كافة المحادثات، ويفضل أن يكون كلامك معه عبر الفيديو عبر أي برنامج تواصل مثل برنامج إيمو. وأضاف: نبّه على من يرسل اليك حوالة أن لا يكتب كلمة حوالة في رسالته، لأنهم بعد أن يقوموا باستعادة الرسائل يقومون بالبحث عن كلمة (حواله) فتظهر أمامهم جميع المحادثات التي بها هذه الكلمة. وتابع: لا تقلق إن تم اعتقالك دون ذنب.. هم يعرفون ذلك واعتقالك ليس إلا وسيلة لابتزاز أسرتك لدفع أكبر مبلغ ممكن لإخراجك من السجن. a