مفارقة قدرية عجيبة تؤكد ان الواقع قادر دائما علي تقديم دراما انسانية تفوق بمراحل الدراما التليفزيونية أو السينمائية. بطلة هذه المأساة أم عاشت عمرها بالكامل وهي تنتظر يوم زفاف ابنها وتوصيله مع عروسه الى عش الزوجية السعيد ، ولكن شاء القدر ان تنقلب السيارة التي تقل الام في زفة ابنها ، ليدخل الابن دنيا جديدة وتخرج الأم من الباب الآخر. التفاصيل في السطور التالية
على مدار 6 أعوام من فترة الخطوبة التي ربطت "أحمد" بفتاة من أهالي قريته بمدينة الحوامدية بالجيزة ، تعلق بها قلبه وصمم على ان تكون شريكة حياته مهما كانت الظروف ، التي كانت قاسية للغاية مما أدى إلى استمرار فترة الخطوبة ل 6 سنوات تخللتها مشاكل وإنفصال وعودة مرة أخرى وحتى قبل موعد الزفاف بثلاثة أيام كاد أن ينتهى أمر الزواج إلا ان القدر شاء ان تتم مراسم الزفاف. مرت أوقات الحفل وسط بهجة الجميع إلا ان فرحة الأم كانت مختلفة تمامًا عن غيرها شعر قلبها وكأنها على موعد مع حدث ما ، وكاد قلبها أن ينفطر الأمر الذي دفعها إلى مرافقة نجلها في كل خطوة فضلاً عن وصيتها لزوجته بأن تضعه فى عينيها لأنها اصبحت الآن بمثابة امه الثانية. غمرت الدموع عيون الإبن وهو يقبل يديها والتقط الصور التذكارية معها وكأنها لحظات الوداع الأخيرة . وفي نهاية الحفل كان الإتفاق على التنزه قليلاً قبل الذهاب الى عش الزوجية وسط رفض الأم على ذلك الإقتراح وكأن قلبها يؤكد لها ان الموعد قد اقترب ولكن مع اصرار الجميع كان التحرك من قاعة الزفاف لتقرر الأم مرافقتهم حتى يطمئن قلبها وتكذب ما تمليه عليها الظنون واستقل الإبن السيارة التى كانت تقله فى الحفل برفقة زوجته وركبت الأم برفقة زوج نجلتها وبين يديها حفيدتها وخرجوا الى طريق مصر اسيوط الزراعى . ونتيجة لتأخر الوقت كان الطريق شبه خالي من السيارات ليقوم قائد السيارة التى كانت تقل والدة العريس بالسير يمينًا ويسارًا على سرعته العالية لتكون الكارثة بإنقلاب السيارة على الطريق وسط صرخات الجميع وقيام الأم بإحتضان حفيدتها حتى تحميها من الصدمات واستقرار السيارة على جنبها بعد ان اصطدمت بحاجز خرسانى على الطريق . صدمة فى لحظات خطفت الفرحة والإبتسامة من وجوه الحاضرين بعد أن تجمعوا حول السيارة التى شهدت الحادث واتصالهم بالإسعاف لسرعة انقاذ الموقف وفشلهم فى اقتحام السيارة لإخراج من فيها من ركاب دون ان يعلموا من بداخلها وما ان وصل الخبر الى الإبن حتى ترك زوجته وتوجه اليهم ليستعلم عن الأمر ونسي تماماً حفل زواجه والفرحة التى انطفأت بوقوع الحادث . كانت الصدمة التى ادخلت الحزن على الجميع بعد ان اكتشف الحضور إصابة والدة العريس بإصابات بالغة فضلاً عن المشهد الذى ادمى القلوب بعد ان وجدوا الأم حاضنة حفيدتها بشدة حتى لا تتعرض للإصابة لتدفع حياتها ثمنًا لإنقاذها فى الحادث . صرخات تعالت من الإبن فى ليلة زفافه ملأت ارجاء المكان ، الدموع هى اللغة السائدة بين الجميع ، وعروس لم تكتمل فرحتها بعد ان كانت على خطوات قليلة من تحقيقها ، زفاف تحول بكافة معالمه الى حالة عزاء واتشح الجميع بالسواد بعد ان كانت الألوان تزين ملابس الجميع . وعقب وصول سيارة الإسعاف تم نقل الأم إلى مستشفى الهرم وهناك كانت الصدمة الكبرى بعد أن اخبرهم الأطباء بأن قضاء الله قد نفذ وتوفيت قبل وصولها بلحظات ، لم يصدق الإبن ما سمعه من كلمات وأصابته حالة من البكاء الهيستيرى حزناً على فقدان امه ليلة زفافه لتبدأ الأسرة فى التحضير لمراسم الجنازة بعد أن كانوا يحتفلون قبلها بدقائق بمراسم الزفاف دون ان يعلموا انه زفاف الى الآخرة .