اجرت صحيفة " العرب " اللندنية حوار مع القيادي المؤتمري صالح أبوعوجاء نشر في عددها الصادر اليوم الجمعة ولاهمية الحوار " نافذة اليمن " تعيد نشره : (يغرق حزب المؤتمر الشعبي في اليمن، في براثن أزمة داخلية منذ مقتل مؤسس الحزب علي عبدالله صالح في الرابع من ديسمبر الماضي على يد الحوثيين، حيث بدأ المؤتمر بالتشرذم إلى عدة نسخ، ففي صنعاء تم تعيين القيادي صادق أمين أبورأس رئيسا للحزب، وذهبت المحافظات الجنوبية لتعيين الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، فيما يعمل جناح ثالث على أن يكون العميد أحمد علي صالح خليفة لوالده في رئاسة الحزب، أمام مساعي كل جناح في الحزب إلى فرض نفسه كممثل شرعي في أي مشاورات سلام قادمة، يأتي ذلك في الوقت الذي فشل فيه الرئيس اليمني وهو رئيس الحزب في رص صفوفه، بعد مقاطعة قيادات من الحزب اجتماعا أخيرا رعته القاهرة، وأوضح صالح أبوعوجاء القيادي المؤتمري في حواره مع “العرب” أن إنهاء الانقسامات بيد الرئيس، وأن أهم شروط التوافق: تخلي هادي عن قيادة الحزب ورفع العقوبات عن نجل صالح، منافسه المتوقع على رئاسة المؤتمر). لم تحقق زيارة الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي إلى القاهرة، الأسبوع الماضي، أهدافها المرجوة في لم شتات حزب المؤتمر الشعبي، الذي تعصف به أزمة داخلية منذ مقتل مؤسسه علي عبدالله صالح في ديسمبر الماضي على يد الحوثيين. وسعى الرئيس اليمني إلى عقد اجتماع موسع بقيادات من حزب المؤتمر الشعبي العام التي تقيم في العاصمة المصرية، لكنه لم يوفق في ذلك في ضوء مقاطعة من قيادات بارزة تعارض خطته لتولي رئاسة الحزب وخلافة الرئيس الراحل علي عبدالله صالح. وألقى الرئيس اليمني كلمة في الاجتماع الذي عقد في 13 من أغسطس الجاري، شدد فيها على إنهاء الخلافات لمواجهة المخاطر التي تمرّ بها البلاد حاليا والتكتل ضد الحوثيين، لكن هادي لم ينجح في تحقيق التفاف أعضاء حزب المؤتمر الشعبي العام حوله، ما اضطره إلى السعي مرة أخرى لاحتواء العناصر التي تعترض على قيادته للحزب من جهة، والدفع باتجاه تشريك عناصر جديدة تنحاز إليه تحسبا من اللجوء إلى خيار الانتخابات من جهة ثانية، ويدرك هادي أن رئاسته للحزب بأغلبية كبيرة من أهم التحديات التي يواجهها، في ظل منافسة متوقعة من قيادات تنتمي عائليا إلى الرئيس الراحل علي عبدالله صالح وتحظى بشعبية. وكان هادي قد عين خلفا للراحل علي عبدالله صالح، الذي كان يتزعم الحزب، حيث تم الإعلان عن النسخة الثانية من حزب المؤتمر الشعبي العام، بعد أن أقر اجتماع تنظيمي موسع لقيادات المؤتمر في جميع المحافظات الجنوبية الخاضعة للشرعية مارس الماضي، وشارك فيه أكثر من ألف و171 عضوا في الحزب، تولى الرئيس اليمني رئاسة الحزب. وشرح صالح أبوعوجاء، عضو اللجنة العامة في حزب المؤتمر الشعبي، وأحد قياداته البارزة الموجودة في القاهرة حاليا في حواره مع “العرب” دوافع مقاطعة قيادات من المؤتمر اجتماع هادي وتصوره للخروج من أزمة الحزب. أزمة قيادة التوافق بين الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي ونجل الراحل علي عبدالله صالح، أول شروط ترميم البيت الداخلي لحزب المؤتمر وهو ما سيسهم في استرجاع دوره السياسي الفاعل لم ينكر أبوعوجاء أن كلمة الرئيس اليمني الذي دعا فيها إلى نبذ الخلافات الداخلية تحمل نبرة تصالحية، مشيرا إلى أن “قيادات الحزب في القاهرة، رغم أن معظمها قاطعت الاجتماع، فإنها رحبت بها، غير أن الكلمات وحدها غير كافية لإنهاء خلافات متجذرة حسب تعبير القيادي المؤتمري. ومن أبرز من امتنعوا عن حضور لقاء القاهرة أعضاء اللجنة العامة في الحزب، يحيى دويد، وفهد دهشوش، وقاسم الكسادي، ومطهر رشاد المصري وناصر باجيل وعادل الشجاع. وأكد أبوعوجاء أن الرئيس اليمني وهو الرئيس الحالي لحزب المؤتمر، المسؤول الأول والمباشر عن تفكيك أو توحيد تيارات الحزب، مشيرا بقوله “إنهاء انقسامات حزب المؤتمر بيد هادي”، ويفسر ذلك بقوله “يستطيع هادي إذا تقدم بخطوات عملية إنقاذ الحزب من عثراته، أهمها أن يتخلى عن طموحه في رئاسة الحزب، ويقوم برفع العقوبات عن أحمد عبدالله صالح، نجل الرئيس الراحل علي عبدالله صالح، بصفته رئيس البلد والقادر على مخاطبة المجتمع الدولي”. وترفض قيادات في حزب المؤتمر الشعبي ما تروج له دوائر قريبة من هادي برغبته في رئاسة الحزب، الذي تحكمه لوائح واضحة تقرر مستقبله، والصراع على منصب رئيس الحزب مضيعة للوقت، والمؤتمر العام هو فقط من يقرر ذلك، وأن تلك الرغبة تسبح ضد التيار العام داخل الحزب وغالبية القيادات لديها قناعات برفض مناقشتها. وبين أبوعوجاء أن قيادات حزب المؤتمر في الخارج تتفق على أن تلك الخطوات حاسمة في تحقيق تقارب مع الرئيس اليمني، لافتا إلى أن “هناك رغبة حقيقية في ذلك، في حال أثبت الرئيس اليمني حسن النوايا تجاهها، وأن أحمد عبدالله صالح لا يمانع في التقارب معه، شريطة رفع العقوبات عنه”. وقد أصدر مجلس الأمن عام 2015 قراره 2216 بفرض عقوبات على نجل صالح وآخرين، بتهمة عرقلة التسوية السياسية، وهو ما تؤيده غالبية القواعد الشعبية داخل الحزب. وأوضح أن أحمد عبدالله صالح لا يعارض شرعية الرئيس عبدربه منصور هادي، ويعترف بها ولديه رغبة في أن يتم تحقيق تقارب بين أجنحة الحزب، وهو موقف عدد من قيادات الخارج التي تلتزم بوصية زعيم الحزب الراحل علي عبدالله صالح برص الصفوف لمواجهة جماعة الحوثي. ويلفت أبوعوجاء إلى أن هناك خلافات أخرى بين غالبية قادة حزب المؤتمر في الخارج مع هادي، مثل عدم اعترافه بقادة الحزب داخل صنعاء، حيث يعتبرهم من الموالين للحوثيين، وهو ما يخالف وجهة نظر قيادات الخارج التي تتعامل معهم باعتبارهم من المنتمين إلى الحزب وقعوا تحت الهيمنة الحوثية، دون أن يتخلوا عن مبادئ الحزب المناهضة لهم، بالإضافة إلى رفض محاولات هادي إدخال عناصر جديدة في الحزب. حلول وسط من وجهة نظر أبوعوجاء، قد تجد هذه الخلافات حلولا وسطا تنهيها، شريطة أن يبادر الرئيس اليمني بطلب رفع العقوبات الموقعة على نجل الرئيس الراحل، مشددا على ضرورة أن يكون الهدف من التقارب الارتقاء بالعمل السياسي والمؤسسي داخل الحزب، وأن ينأى هادي بنفسه عن رئاسته وأن لا تكون مسألة توليه قيادة الحزب محل مشاورات سياسية في المستقبل. ويحاول الرئيس اليمني الوصول إلى توافق مع قيادات الخارج بما يسمح له بالنفاذ بشكل أوسع داخل قواعد الحرب، وهو ما ظهر من خلال لهجته التصالحية مؤخرا، غير أن نجاحه في إحداث التوافق من عدمه مرتبط بطموحه السياسي داخل الحزب، لأنه يعلم جيدا أن رفع العقوبات عن أحمد عبدالله صالح وعودته إلى البلاد يمهدان مباشرة لتوليه رئاسة الحزب لما يتمتع به من شعبية بين قواعده، وهو ما يتعارض مع رغبة هادي. وبرهن أبوعوجاء صحة هذا الطرح بتأكيده أن المفاوضات التي أجراها رئيس الحكومة اليمنية أحمد عبيد بن دغر باعتباره ممثلا عن الرئيس هادي، مع عدد من قيادات الحزب في القاهرة، على رأسهم سلطان البركاني، الأمين العام المساعد بالحزب في مارس الماضي، لم تخرج عن إطار الاستماع إلى وجهات النظر من دون الذهاب إلى اتخاذ خطوات فعلية تؤشر على رغبة حقيقة في التقارب وإنهاء الخلاف. اجتماع القاهرة قد يوسع من حجم المشاورات التي تهدف إلى إنهاء خلافات حزب المؤتمر، تحت رعاية أطراف إقليمية، للالتفاف حول كتلة سياسية قوية قادرة على مواجهة جماعة الحوثي والإخوان وأشار إلى أن الرئيس اليمني لم يدخل حتى الآن في أي مفاوضات جادة تهدف إلى توحيد أجنحة الحزب، وأن العديد من الأطراف المقربة منه هي من تقودها، وبين أن اجتماع القاهرة قد يوسع من حجم المشاورات التي تهدف إلى إنهاء خلافات حزب المؤتمر، تحت رعاية أطراف إقليمية، للالتفاف حول كتلة سياسية قوية قادرة على مواجهة جماعة الحوثي والإخوان. وتسعى قيادات حزب المؤتمر الشعبي إلى مواجهة التحولات التي أحدثتها ميليشيا الحوثي على مستوى استقطاب قيادات وكوادر شابة في الحزب، وإعادة تقوية قواعده في المناطق التي يتواجد فيها حزب التجمع اليمني للإصلاح (الإخواني) في محافظتي مأرب وتعز، بعد أن سعى إلى تقويض تواجده وتهميش أدواره على مستوى سياسي وشعبي. وأوضح أبوعوجاء القيادي المؤتمري أن قيادات الحزب في الخارج تحاول الخروج من جل هذه الأزمات التي أثرت سلبا على مكانة الحزب، بأقل خسائر ممكنة، حتى تظل تكوينات الحزب الرئيسية مستمرة وغير متحولة للتعامل مع الوضع الداخلي، والوصول باليمن إلى تسوية سياسية تدعم إعادة تشكيل قياداته وتموقعها في السلطة عن طريق الانتخابات. وتعرض حزب المؤتمر لانتكاسات سياسية عديدة منذ اغتيال الرئيس اليمني السابق، مطلع ديسمبر الماضي، وانقسم الحزب إلى تيارات في صنعاء من الموالين للرئيس علي عبدالله صالح ونجله بالخارج، وجزء أصغر يشكل أتباع الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي في الرياض وداخل اليمن، ورغم تعدد الأجنحة لم يستطع أي منها من الإمساك بزمام الحزب حتى الآن. صراع الأجنحة أقر أبوعوجاء، الذي يعد أحد قادة التيار الذي ظهر بقوة في المشهد السياسي اليمني منذ اغتيال علي عبدالله صالح، بأن الحزب يعاني من معضلة تعدد الأجنحة التي ساهمت في إضعافه بشكل كبير، وأن قيادات الخارج استدركت ذلك قبل عدة أشهر ودخلت في مفاوضات بينية لتوحيد صفوفها، ونتج عن ذلك تبني سياسة موحدة لإدارة الحزب من قبل الأعضاء المتواجدين في أبوظبيوالقاهرة ومسقط، وغالبية أعضاء الحزب بالرياض. وتابع بقوله “اتفقناعلى ضرورة التواصل مع قيادات في صنعاء والتفاعل معها باعتبارها قيادات مؤقتة إلى حين عقد المؤتمر العام الثامن للحزب، بعد الوصول إلى تسوية سياسية تفضي إلى إنهاء سيطرة الحوثي على العاصمة من خلال العمليات العسكرية التي تجري حاليا”. وأوضح أنه “تم التوصل إلى اتفاق بتوزيع الأدوار بيننا، على أن تقوم قيادات صنعاء بإدارة شؤون الحزب داخليا وتقوم قيادات الخارج بالتواصل مع المجتمع الدولي وتولي مهمة توحيد صفوف الحزب”. وتشير قيادات في المؤتمر الشعبي العام إلى أن أكبر عدد من قيادات الخارج يتواجد في القاهرة، وأن أعضاء اللجنة العامة البالغ عددهم 70 عضوا نصفهم مازال يتواجد في صنعاء والنصف الآخر خارج اليمن، والأمر ذاته بالنسبة لقيادات اللجنة الدائمة الرئيسية والبالغ عددها 1500 عضو. ولفت أبوعوجاء إلى أن قيادات الحزب سعت للاتفاق على شخصية بارزة داخل الحزب لتكون بديلا مناسبا لشغل الفراغ الذي تركه زعيم الحزب منذ اغتياله، وذهبت باتجاه الارتكان إلى نجله أحمد عبدالله صالح باعتباره يمتلك شعبية داخل الحزب تؤهله لتسيير دفته بالتواصل بين قيادات الداخل والخارج، ضمن قيادة جماعية تشكل أعضاء من اللجنة العامة وأعضاء مجلس النواب وأعضاء اللجنة الدائمة. وأكد أبوعوجاء أن “التوافق بين الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي ونجل الرئيس السابق علي عبدالله صالح، أول شروط إعادة ترميم البيت الداخلي لحزب المؤتمر، وهو ما سيسهم في النهوض به واسترجاع دوره السياسي الفاعل في اليمن خلال الفترة المقبلة”، مشيرا إلى أن هذا التحالف يستطيع أن يضعف بشكل كبير التيارات التي تسعى لتهميش الحزب. هادي يستطيع إنقاذ الحزب من عثراته إذا تقدم بخطوات عملية، أهمها أن يتخلى عن طموحه في رئاسة الحزب، وأن يقوم برفع العقوبات عن أحمد عبدالله صالح وترتبط إمكانية نجاح المشاورات بين أطراف الحزب بأكثر من متغير، أهمها موقف الرئيس اليمني من نجل الرئيس الراحل، فلا تزال رؤيته ملتبسة إلى هذه المسألة، والموقف الإقليمي من حل الأزمة اليمينية بشكل سلمي، ومن ثم الاعتماد على الحزب الأكثر شعبية داخل البلاد لقيادة العمل السياسي بعد تسوية الأزمة سياسيا، والتي تدخل مرحلة جديدة من المفاوضات في جنيف مطلع سبتمبر المقبل. وتجد قيادات حزب المؤتمر نفسها في مأزق بعد أن تجاهلتها دعوة الأممالمتحدة لحضور مؤتمر السلام، والتي اقتصرت على الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي، ما يشي بأن التفتت الذي أصاب الحزب منذ اغتيال زعيمه، ألقى بظلاله على تعامل المجتمع الدولي معه، باعتباره أكبر المكونات السياسية داخل اليمن. ولم يخف صالح أبوعجاء، الذي شغل من قبل منصب وكيل محافظة عمران (شمال صنعاء)، في ختام حواره مع “العرب” أن تهميشا متعمدا يعاني منه حزب المؤتمر من بعض الأطراف الفاعلة في الأزمة اليمنية، لافتا إلى أن “التوحد بين قيادات الحزب والشرعية الحالية يعد أولى خطوات إعادة طرح مشروع الحزب وتسويقه مرة أخرى”. وكشف عن معالم هذا المشروع بقوله “هو مشروع يقوم على إعادة بناء الدولة اليمنية من خلال تسوية سياسية تمهد لبدء مرحلة انتقالية تتشارك فيها جميع الأطراف وتشكيل حكومة وحدة لفترة معينة، على أن تتسلم سلاح الميليشيات المسلحة وتنسحب من كافة المنشآت والمحافظات التي تسيطر عليها”. ووجه العديد من السياسيين والمتابعين انتقادات لحزب المؤتمر، باعتبار أن مشروعه السياسي الحالي أضحى غير قابل للتطبيق، وغير مستوعب لحقيقة الأوضاع السياسية بالبلد، وهو ما كان دافعا للكثير من القواعد للانصراف عنه، في الوقت الذي لا يملك فيه الحزب خطة واضحة لمواجهة الاستقطاب الذي يستهدف قياداته من قبل جماعة الحوثي. وتأسس حزب المؤتمر في 1982 على يد الرئيس السابق علي عبدالله صالح، وظل حاكما للبلاد طيلة عقود، حتى اندلاع الثورة الشبابية في 2011، التي احتفظ بعدها بنصيب 50 بالمئة من حكومة الوفاق الوطني التي تشكلت عقب الثورة.