وقوف أعوج.. قيادة بطيئة.. فرملة متهورة.. تجاوزات مخطئة.. لن تسمع إلا تعليقا واحدا: "لا بد أن من يسوق امرأة"! ارتباك المرأة وضعف منها على السيطرة والتحكم.. أم هو قليل من الحقد كون الرجل معروف في المجتمع بالقوامة والقدرة المالية، ينتجع عنه إحساس رجل راجل لا يملك قوت اليوم أمام امرأة تقود سيارة فاخرة بالدونية؟
ضعف ذاكرة المرأة على تذكر كيفية القيادة، أم كبرياء الرجل الذي يربط المرأة بالعاطفة ونفسه بالعقلانية، يجعله مقتنعا أنه لا يخطئ أبدا، وأن كل الهفوات والثغرات والأخطاء، سببها الأول والأخير والأوحد النساء؟
هو واقع أم إشاعة، حقيقة أم صورة نمطية ألصقت مرة أخرى بالمرأة ليفلت الرجل بهفواته وأخطائه وراء ضعف قدرتها على الرد والدفاع عن نفسها.. المهم أنه تعليق روج له المجتمع وصدقه الناس، وتعامل الراجلون والسائقون مع الطريق على هذا الأساس! وأصبح كل من رأى امرأة وراء مقود، انتابه ذاك الإحساس.
لمعرفة تطور نظرة الرجل المغربي حول سياقة المرأة بين الجيلين، وإلى أي مدى يمكن الأخذ بهذه الآراء أمام الإحصائيات الوزارية التي تكشف حقيقة ما يحدث في الطرقات. هذا كان رأي الشارع:
سي محمد عبد العزيز 23 سنة: شخصية المرأة ضعيفة
أظن أن السبب الذي يجعل المرأة غير مؤهلة للسياقة، هو أن شخصيتها ضعيفة، وبالتالي لا تستطيع أن تقرر القرار المناسب في الوقت المناسب، وتجد أن قراراتها دائما خاطئة أو متأخرة. لذلك فسياقتها رديئة، رغم أنها تأخذ رخصة السياقة من نفس المدرسة التي حصل منها الرجل على رخصته، إلا أنها تبقى غير جديرة بأن تسوق بدون مراقبة، إذ أنها حين تجد أمورا أثناء قيادتها لم تتعلمها في مدرسة تعليم السياقة، تصبح مترددة أكثر ! لأن هناك فرق بين النظري والتطبيق.
رشيد الكيفاوي 34 سنة: مسألة تجربة
أظن أن المرأة لا تستطيع السياقة على أكمل وجه لنقص التجربة، فهي لا تستعمل سيارتها كثيرا ولجميع الأغراض، إنما تسوق فقط للضروريات، بينما كما تعلمين، فالرجل يخرج من البيت مرات عديدة، كما أنه يبقى خارجه لوقت أطول، وحتى وقت متأخر من الليل، وهذا يعطيه خبرة في السياقة، وبالتالي يجعله أمهر من المرأة. غير أن نقص التجربة والخبرة عند المرأة تجعلها في كثير من الأحيان مترددة، وغير قادرة على التفكير في قرارات صحيحة أثناء القيادة.
وهبي زهير 35 سنة: الخوف هو سبب الحوادث
في رأيي، السبب الرئيسي الذي يجعل المرأة لا تجيد السياقة هو الخوف. وهو طبيعة من طباع المرأة، تماما كالعصبية. فهي لا تضبط نفسها عند شعورها بالخوف، وبالتالي ترتكب بعض الأخطاء التي قد تتسبب في حوادث مميتة. أما الرجل بطبيعته لا يخاف، بل هو في بعض الأحيان يغامر ويجازف ولا يأبه للمخاطر التي قد تواجهه عند السياقة. المرأة عكس ذلك، فهي تنتبه أكثر من اللازم، ولا تقدر على المغامرة، وهذا يعيق سياقة العديد من الرجال، ويجعل الطريق تضيق على أصحابها.
زروال محمد متقاعد: مشكل تحيز
أنا أظن أن المرأة تسوق بشكل ممتاز، بل أكثر من ذلك، أظن أنها أكثر من يحترم قوانين السير من بين مستعملي الطريق. لكن المشكل هو مشكل تحيز، حيث يعبث السائقون الرجال بإحساسها بالمسؤولية وبسياقتها البطيئة المتأنية، فيزعجونها بطريقة مباشرة، بتجاوزها عند السياقة، أو بإغاظتها بألفاظ نابية، أو السخرية منها، وهذا يجعلها عرضة لتوتر نفسي وبالتالي لقلة ثقة بالنفس. لكننا نرى مشاركتها في سباقات دولية تبرهن فيها عن جدارتها في القيادة في أصعب الظروف.
نمير محمد 24 سنة: طريقة السياقة هي السبب
أظن أن النساء تماما مثل الرجال، منهن من يتقن السياقة، ومنهن من يسقن بطريقة رديئة. ولكنني لاحظت أن طريقة سياقة النساء لسياراتهن مختلفة، وهي طريقة غير مريحة وربما قد تتسبب في إرهاقهن، وبالتالي في ارتكاب بعض التجاوزات أثناء السياقة. فبعض النساء مثلا يجلسن ملتصقات بعجلة القيادة، وبعضهن يجلسن قريبات جدا من المرآة الجانبية حتى تتعذر عليهن الرؤية الواضحة، وأخريات تحس عند رؤيتهن أنهن جد مجهدات لشدة توترهن أثناء القيادة. مما قد يزيد في ادعاءات الرجل أنهن عديمات الخبرة وغير كفوءات مثل الرجال.
أشرف صفوان 45 سنة: المشكل هو عدم التركيز
المرأة بطبيعتها دائمة انشغال الفكر، فهي تفكر في مشاكلها الشخصية وفي أطفاله وزوجها أثناء العمل والأكل وحتى السياقة، مما يجعلها دائما شاردة الدهن، ويقلل من تركيزها عند قيامها بعملها، وهذا أمر خطير بالنسبة للسياقة، حيث أنها تحتاج لتركيز شديد وقدرة على اتخاذ القرار الصائب بسرعة وحكمة. وبالتالي فهي تتسبب في الكثير من حوادث السير، أو أنها تكون دائما من بين أسباب الحوادث. أما الرجل فهو معروف حتى علميا بتركيزه في شيء واحد فقط، وهو الشيء الذي يقوم به آنيا، مما يجعله بارعا في السياقة أكثر من المرأة.
الحاج زوين 40 سنة: الحرص المبالغ فيه
أظن أن الأمر برمته راجع إلى مسألة الحرص المبالغ للمرأة في احترامها لقوانين السير. أما مسألة شرودها أو عدم تركيزها، أو حتى اتخاذها في بعض الأحيان لقرارت خاطئة أثناء القيادة، فهذا شيء يمكن أن يحصل للرجل أيضا. لكن المرأة شديدة اليقظة عند سياقتها، مما يجعلها تبطئ في اتخاذها للقرارات، كما أنها تعطي دائما الأولوية للآخر لكي لا تقع في مشاكل، وهذا البطء يزعج الآخرين، ويجعلهم هم أيضا مترددين أثناء القيادة، مما يحدث مشاكل كثيرة في الطريق
ن. الهاشيمي 26 سنة: ليس هناك فرق بين الرجل والمرأة
أظن أن المرأة تسوق تمام مثل الرجل، وأي شيء غير ذلك يبقى تحيزا وظلما، بل بالعكس، فالمرأة تحرص دائما على احترام قوانين السير، كما أنها تعطي للسياقة وقتها وحقها، وتعي جيدا أخلاق الطريق وكيفية التعامل مع الآخرين أثناء القيادة. وأتمنى أن لا تأبه النساء للآراء العنصرية التي تهدف إلى سلبها عفويتها وتحميلها المسؤولية عن كل الأخطاء التي يتسبب فيها غالبا رجال عديمي المسؤولية .
سعيد. ع 35 سنة: الرجل يبدأ السياقة قبل امرأة
لا أظن أن المرأة رديئة السياقة، لكنا مسألة خبرة، فالرجل يبدأ التدريب على السياقة في عمر مبكرة، قبل أن يحصل على الرخصة، بينما المرأة في غالب الأحيان، لا تبدأ في القيادة إلى بعد حصولها على الرخصة، وغالبا يكون في سن الثلاثينات، وهذا يجعل الرجل أكثر خبرة من المرأة. وبالطبع هذا يبقى نسبيا، فهناك العديد من النساء اللواتي تتقن السياقة، كما أن هناك العديد من الرجال الذين يقودون بطريقة همجية، ولا يحترمون قوانين السير، ولا يعيرون أدنى اعتبارا للراجلين.
***
بعد هذه التصريحات، ماذا كانت حقيقة الإحصاءات، وأجوبة مسؤولي المركز الوطني للوقاية من حوادث السير:
لماذا تتهم المرأة بأنها سيئة السياقة، وينسب إليها دائما أنها السبب في حوادث السير؟ وهل هناك إحصاءات كفيلة بإثبات أن ذلك صحيح أو خطأ ؟
تعد مجمل التصريحات والأوصاف المتداولة المتعلقة بسياقة المرأة مجانبة للصواب و لا تعتمد على أي مسوغ علمي يثبت هذه الادعاءات و الاتهامات الخاطئة. في هذا السياق، يمكن تفنيد جميع هذه الأقاويل غير الصحيحة استنادا إلى مجموعة من المعطيات الإحصائية العلمية التالية:
- إن معدل تورط المرأة من فئة السائقين في وقوع حوادث السير لا يتعدى نسبة %7 حيث تشير المعطيات الإحصائية إلى تسجيل 14 قتيلة من أصل 524 قتيلا من فئة السائقين أي بنسبة 2،67% و 69 مصابة بجروح بليغة من أصل 1802 أي بنسبة 3،69 % و 946 من أصل 12.641 من مجموع السائقين ضحايا حوادث السير بمعدل 6،96 %؛
- تتساوى معدلات النجاح المتعلقة بالحصول على رخصة السياقة بين فئتي الرجال و النساء حيث تبلغ 63،87 % لدى النساء مقابل 66،04% لدى الرجال، علما أن نسبة النساء التي تتقدم لاجتياز امتحان الحصول على رخصة السياقة لا تتعدى 13،52 % من مجموع المرشحين.