لم تعد (بشرى الشرعبي) مجرد قصة انتحار فتاة حاصرتها الأسرة بشبابها ورفضت تزويجها لمن تحب بقدر ما باتت اليوم حكاية أشباح تطارد قرية بأكملها في شرعب الرونة .. كل ليلة تصحو العائلة التي تنتمي إلى عزلة الأحطوب على واقع صراخ أحد أفرادها مستغيثا بإنقاذه من كابوس كاد يقض مضجعه.. وحرمه النوم طوال الليل.. تلك الحكاية لم تكن مصدقة بالنسبة للكثيرين، خصوصا الذين لا يؤمنون بالأشباح.. وصارت العائلة التي لا تزال تعاني من ألم فراق الغالية الوحيدة التي كانت مصدر دخل لها محل سخرية الكثيرين.. لكنها بالنسبة لجدة بشرى "لأمها" وخالتها اللتين كانتا تقفان حجر عثرة في طريقها، فإن تلك الأشباح هي عبارة عن قطة كبيرة بوجه الفتاة (بشرى).. تخبر الخالة والجدة أهالي القرية بالكابوس الذي يجثم طوال الليل على صدريهما ويحول دون نومهما. تقول الجدة: "كل ليلة أرى بشرى تأتي وتمسك بعنقي وهي تردد: أنت وأبنائك سبب قتلي"، وتحكي الخالة القصة نفسها أيضا رغم تباعد بيتيهما.. استعانت العائلة بمشعوذين.. وجميع السحرة المعروفين في المنطقة لكن الرؤيا لم تتوقف ؛حتى باتت العائلة كما يقول قريب منها على شفير الجنون. قبل يومين أرسلت قوات الأمن عددا من الأطقم بهدف التحقيق في قضية مقتل بشرى التي نشرت الصحيفة قصتها في وقت سابق ،غير أن الأهالي رفضوا السماح للأطقم الأمنية بنبش القبر وانتشال الجثة، على اعتبار أن جميع أهل القرية شهدوا على أنه أثناء محاولة فتح باب الغرفة التي انتحرت فيها (بشرى) كان بابها الخارجي مغلقاً من الداخل وجميع المؤشرات تؤكد انتحارها. اكتفت الأطقم باعتقال اثنين من أخوالها المتهمين بممارسة الضغوط عليها لتزوجيها أحد أبنائهم رغماً عنها وإيداعهم سجن المديرية بانتظار التحقيق في القضية. جديد التفاصيل أن دوافع انتحار بشرى تكمن في ليلة انتحارها التي تزامنت مع عقد شاب آخر تقدم لخطبتها ورفضته العائلة لقرانه بفتاة أخرى.. يقول أحد أبناء القرية إن الشاب وهو واحد من بين قرابة 20 آخرين تقدموا لخطبتها ورفضتهم العائلة، تعرض للتهديد بالقتل من قبل أخوال الفتاة الذين نزلوا إلى بيته بهدف ضربه بعد قيامه بتوسيط شيوخ قبائل في المنطقة لإقناع أسرتها بأن ما يقومون به ظلم.. لكنه قرر مؤخرا الارتباط بفتاة أخرى، الأمر الذي فاقم الوضع النفسي للفتاة وأجبرها على الانتحار. قبل أن تختلي الفتاة بنفسها وتعزم على الانتحار كانت بانتظار رد والدها الذي اتصلت به قبل دقائق من انتحارها وأبلغته بأنه لن يسمع صوتها أبداً إذا لم يوافق على زواجها.. تجاهلت العائلة تهديدها ،ولم يأبه أحد لأن الانتحار في قرية ريفية لا يعرف له معنى.. يقول أحد جيران أسرة الفتاة إن معظم فتيات القرية متأثرات بالمسلسلات التركية، مشيرا إلى أنهن يقضين وقتاً كبيراً في مشاهدة مسلسل مهند ونور الذي بات مشهوراً في الريف.. ويحتمل أن تكون الفتاة العشرينية التي انتحرت قبل أسبوعين قد تأثرت بشكل كبير بالأعمال الدرامية للمسلسل. - اليمن اليوم .