أتذكر في طفولتي في قريتي الصغيرة بمديرية الشاهل بمحافظة حجة البطولات التي كانت تحكى عن قائد مقاومة الغزو العثماني الأخير بمنطقتنا واسمه "حسين بن أحمد الأشول" الذي يروى عنه أن يده قد تيبست على جنبيته إثر المعركة النهائية التي استمرت ثلاثة أيام مع الأتراك ولم تبقي منهم أحداً بعد أن عاثوا فيها فساداً وصل إلى حد بقر بطون النساء وأخذ الأجنة ليقوموا بتربيتهم ضمن الجيوش الأنكشارية التي اشتهر بها الأتراك. تلك البطولة والفداء التي يتغنى بها أبناء قريتي وغيرها من القرى اليمنية حتى جعلت صفة اليمن مقبرة الغزاة يريد ثُلةٌ من المرتمين لأحضان الخارج أن يجعلوها جرائم وحشية بحق جيش "فاتح لليمن"، رغم الجرائم الكبيرة التي حصلت بحق اليمنيين من الجيش الانكشاري الذي اعتمد سياسة الخوازيق كأبشع أسلوب تعذيب في تاريخ البشرية -ولكن يبدو أن البعض استمرأها واستحلاها- ولأول مرة نجد دولة تقوم بعمل نصب تذكاري لغازٍ أجنبي على مستوى العالم أجمع وذلك بفضل من تم تعيينه مديراً لمكتب "الباب العالي" داخل رئاسة الجمهورية والمعروف بتخزينته الأثيرة في مقيل رئيس الجمهورية السابق وكما يقال "سبع كلمات سحر" جعلت علي عبدالله صالح يرتكب واحدةً من هفواته التي دفعوه إليها. لم أصدق نفسي وأنا أسمع أخيراً أن كتاب الدكتور المصري مصطفى سيد سالم الذي زار اليمن ودرس بجامعة صنعاء وأقتني شخصياً نسخة من كتابه النفيس وهو المرجع الهام الذي يحمل اسم الغزو العثماني لليمن واستعان به الكثير من الباحثين ومحضري رسائل الماجستير والدكتوراه قد تم تغييره إلى "الفتح العثماني لليمن" بدلاً عن "الغزو" وهو تحريف لا يجوز أكاديمياً ولا أخلاقياً ولا حتى دينياً. فهل كانت اليمن صربيا التي تدين بغير الإسلام حتى يطلق على مجيء العثمانيين إليها فتحاً، والفضل في ذلك يعود بالطبع للأستاذ "مدير مكتب الباب العالي في اليمن". لا زلت أتذكر الحادثة التي درسناها في كتاب الدكتور مصطفى سالم الدالّة على قسوة النظام العثماني وقمعه عن المحرر الصحفي الذي انتهى مخوزقاً بسبب اجتهاده، فالصحافة التركية كانت تطلق "حشمتلو" على الولاة بمعنى صاحب الحشمة، وحين وصل لأول مرة خبر عن زوجة أحد الولاة اجتهد بتسميتها "حشمتلها" وحينها أزهقت روحه من دبره على العصا التركية الغليظه، وبالقياس فحشمتلها النوبلية بعد حصولها على الجنسية التركية أصبحت تتضامن في صفحتها الفيسبوكية مع "الجيش الحر، والكلاب" بحسب آخر منشور لحشمتلها، متناسية أوجاع هذه البلاد من غلاء وإطفاءات كهربائية واغتيالات وضربات أمريكية وقطع طرقات وإهانات للمغتربين اليمنيين في الخارج، مشكلةً ثنائية ارتهانية لا مثيل لها تقودها باحترافية وتنسيق مع مدير مكتب الباب العالي في اليمن. مدير مكتب الباب العالي في رئاسة الجمهورية وحشمتلها ومن معهما من بقايا النظام القديم وماسكي زمام الأمور في النظام الجديد أفرغوا كل جميل في حاضرنا، ويريدون تزوير ماضينا، وبالتأكيد فإن مستقبلنا الذي يخططون له لن يكون أفضل من الحاليّ، ولا بد من وقفة جادة لإيقاف التشويه الحاصل في ماضي وحاضر هذه البلاد، ومنع استشرائه كخازوق سرطاني إلى مستقبلنا. ودمتم بخير