من هو المستفيد من متواليات قطع وتفجير أبراج الكهرباء وأنبوب النفط على هذا النحو الذي طال واستطال حتى أصاب اليمنيين بخيبة أمل لا حدود لها؟ - من السهل أن تتبادل الأطراف السياسية التهم بمن في ذلك من يرمي الآخرين بعلته وينسل لأنه ليس هناك أيسر من لعبة الكلام , لكن كل الأسئلة والتبريرات تبقى سامجة إذا لم تقد إلى جواب عن السؤال المعلق أين الدولة والحكومة مما يحدث ؟
التمكين بدل المؤسسات - المفترض أن مهمة وزارة الكهرباء توفير الطاقة، والمفترض أن في اليمن حكومة معنية بتطبيق القانون على الذين انتقلوا من قطع الخيوط الحاملة للطاقة وتفجير أنبوب النفط بصورة مكررة إلى تدمير الأبراج نفسها بما في ذلك من زيادة الحاجة إلى وقت لإعادة ما تدمر، لكن كيف نسأل حكومة اكتفت من مهمتها بتصدير العجز وطواحين الضجيج الأجوف.. - من الصعب النظر إلى قضية الاعتداء على الكهرباء وعلى أنبوب النفط بمعزل عن الفشل الحكومي التام بعد الذي نشاهده من استبدال المؤسسات العامة بعناصر أيديولوجية تحت بند التمكين، دونما اعتبار للشعارات على حساب مفاهيم استحقاقات الخدمات العامة - بالحسبة السياسية يصح القول ببساطة, من يمسك بأدوات الدولة ومفاصلها هو صاحب مصلحة في جرائم التخريب والانفلات الأمني؛ إذا اكتفى من مهمته بالفرجة، ورأى في ذلك فسحة لتبرير الفشل والانفلات الأمني واصطناع الخصوم، واستدعاء مبررات حالة الدولة الهلامية للمزيد من التمكين، والانقضاض على المزيد من مفاصل الدولة خاصة إذا جاء ذلك في سياق استدعاء مبررات إضافية للتمدد والتمديد رغبة في التمكن الأكبر. - وبلغة العقل والمنطق وأبجديات الفهم لوظائف وأدوار الحكومة في أي بلد فإن أصحاب القرار هم المسئولون عن عدم تطبيق القانون وحماية مصالح المواطنين.
عنتريات سميع - ذات لقاء تلفزيوني بثته قناة اليمن ظهر وزير الكهرباء صالح سميع عنترياً، ومشدوداً إلى الولاء الحزبي خارج مهمته ودوره على رأس وزارة الكهرباء؛ حتى أن المشاهدين فوجئوا برده على المُحاور وهو يسأله عن سبب عدم ضبط المخربين بقوله "هناك من يريدنا أن ندخل في مشاكل مع القبائل"..!! - لم يدافع عن وزارته ولا يهمه ذلك؛ لأنه لا يعوّل سوى على الإسناد الجهوي، وكل الذي كان يهم المسئول الأول عن وزارة الكهرباء هو الدفاع عن وزارتي الداخلية والدفاع، وتبرير الفرجة على مخربين بأسمائهم وعناوينهم ..وإذن فنحن أمام حكومة لا تجيد أو لا تريد القيام بوظيفتها في حماية مصالح الناس، وتتماهى مع موجهات سياسية أفضت إلى هذا التناغم مع مسلحين قبليين يتبادلون أدوار القطاع والقطع والتفجير وحتى الحماية ولكل موقف ثمنه. - الشعب اليمني المتضرر من كل هذا الانفلات يسأل من المسئول، ومن أصحاب المصلحة في كل هذا التردي؟ حتى أن كل سؤال وكل إجابة لا يقودان إلا إلى أسئلة حائرة حول مصير توجيهات رئاسية وحكومية برفع جاهزية الجيش والأمن لضبط المعتدين، وتنويع مصادر الحصول على الطاقة وإدخال وحدات كهربائية مساندة، فإذا بكل التوجيهات تختفي تحت هدير الأصوات العالية للفساد, فلا الدولة قامت بضبط وتوفير بدائل الطاقة المخربة، ولا هؤلاء توقفوا عن الانتشار والتوسع، وها نحن نُطِل على اتهام رسمي لوزير الكهرباء بعرقلة محطة الكهرباء في معبر بالتزامن مع ما يقوم به المخربون في مأرب، ولم يقل لنا من يصدعون الرؤوس بالفواتير وبالشكاوى من المديونيات أن نتوقف عن دفع الفواتير وتسديدها، وفقاً لاتفاقات شعبية ثنائية مع رفاق كلفوت ولا من اهتمام حتى في إجادة الغطاء التبريري.
تجميد الأمن - نحن أمام فساد كبير وتجميد متعمد لمهام الأمن والجيش واستبدالهما بمهام أخفقت حتى في الدفاع عن النفس رغم أن هذه المؤسسة الوطنية الرائدة هي الذراع التنفيذية لكل سلطات الدولة. - لقد عاشت الكثير من المناطق اليمنية صيفاً غير إنساني بالمرة؛ اجتمعت فيه الانقطاعات الكهربائية الطويلة مع انهيار شبكات الصرف الصحي والانهيارات الأمنية, حتى صار المواطن في الحديدة يتعرض للقتل فيوضع في الثلاجة أملاً في ضبط القاتل، لكن جثته تتحلل وتتعفن بسبب الكهرباء؛ بينما لا تجيد حكومة باسندوة أكثر من البكاء لأن الدوحة نظيفة واسطنبول مضيئة.
استنزاف أخلاقي - وزارة كهرباء أغرقت البلاد في الظلام، وتتسبب على مدار الساعة في حدوث أضرار جسيمة بمختلف القطاعات، وانتعاش في تجارة المولدات والشموع وإعلام يقابل انهيار خدمات المياه والصرف الصحي والكهرباء والانهيارات الأمنية باستبسال في التبرير للفشل والتطبيل للوهم, ودعوة المتضررين والمظلومين والمحرومين بعبارات من نوع "اصبروا وصابروا" حتى يرابط المسئولون عن هذه الانهيارات أمام خزينة البنك المركزي، ومهمات القفز المظلي على مفاصل الدولة. - فشل حكومي واستنزاف لما تبقى من المخزون الأخلاقي,في الظلام وتحت الشمس,فيما لا يزال الشعب يسأل: من المستفيد من كل هذا التخريب، ولماذا تصر الدولة على نعتها بالتسمية سيئة السمعة (الدولة الرخوة)؟ وما هي مسؤولية الحكومة بعد أن نفد الصبر وطفح الكيل؟!