نجح اتحاد الشغل في أن يستدرج حركة النهضة الإسلامية الحاكمة إلى طاولة الحوار الوطني بعد أن ماطلت لأشهر، وفرض عليها الإمضاء على "خارطة طريق" تستوجب التعهد بإعلان استقالة الحكومة التي تهيمن عليها وذلك خلال ثلاثة أسابيع. وكادت الجلسة الأولى من الحوار تفشل بسبب إصرار حركة النهضة على رفض الإمضاء على أي تعهد يلزمها بتبني مبادرة الاتحاد التي سبق الإعلان عن تفاصيلها منذ أكثر من أسبوعين. واستمر الجدل لأكثر من ساعتين نجح على إثرها أمين عام الاتحاد حسين العباسي في إقناع رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي والوفد المرافق له بالعودة إلى الجلسة ثم التوقيع على التعهد. ووقع خارطة الطريق عن الائتلاف الثلاثي الحاكم راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة، والمولدي الرياحي القيادي في حزب "التكتل"، فيما تسلم عماد الدايمي الأمين العام لحزب "المؤتمر" الذي أسسه الرئيس التونسي المنصف المرزوقي نسخة من خارطة الطريق ورفض التوقيع عليها. وعن المعارضة وقع الخارطة الباجي قايد السبسي رئيس حزب "نداء تونس" وحمة الهمامي الأمين العام لحزب "العمال" والناطق الرسمي باسم "الجبهة الشعبية"، وهي ائتلاف لأحزاب يسارية إضافة إلى أحزاب معارضة أخرى. وبحسب خارطة الطريق سيتم "تشكيل حكومة كفاءات ترأسها شخصية وطنية مستقلة لا يترشح أعضاؤها للانتخابات القادمة تحلُّ محلّ الحكومة الحالية التي تتعهد بتقديم استقالتها، وتكون للحكومة الجديدة الصلاحيات الكاملة لتسيير البلاد، ولا تقبل لائحة لوم ضدها إلا بإمضاء نصف أعضاء المجلس الوطني التأسيسي (البرلمان) ويتم التصويت على حجب الثقة عنها بموافقة ثلثي أعضائه على الأقل". ودعا العباسي إلى اختصار آجال الحوار الوطني حتى لا يكون شبيها بالحلقة المفرغة، مؤكدا أن الهدف هو "إخراج البلاد من أزمة سياسية حادة" اندلعت إثر اغتيال المعارض محمد البراهمي في 25 تموز/ يوليو 2013. وقال العباسي في خطاب ألقاه خلال الجلسة التي حضرها رؤساء الجمهورية والحكومة والمجلس الوطني التأسيسي (البرلمان): "لكي نضمن للحوار (المفاوضات) الجديّة المطلوبة والمصداقية المنشودة (..) من الضروري الحرص على اختصار آجال هذا الحوار (..) وخاصة إكساب نتائجه الصبغة الإلزامية والقانونية".