تمنيتُ أن أصبح كائناً كرتونياً مثل "كعكي".. هذا الوغد كان يتعبني جداً، وأنا أنتظر إطلالته في مسلسل "افتح يا سمسم".. استمتاعه بأكل البسكويت، الذي كان يذهب معظمه في الهواء وهو يقضمه.. كان يجعلني أتساءل: ما هي نوعية البسكويت الذي يأكله كعكي، ومن أين يحصل على ثمن كلِّ هذا البسكويت.. فأحسده كثيراً لأنه كائنٌ بسكويتي، وأتغاضى عن صوته البشع.. كنتُ أحبُّ بسكويت فارليز، وأيضاً كنت أحبُّ سيريلاك.. إلى أن شارفت على سن المراهقة التي لم أكن أشعر فيها بأي إرهاق على الإطلاق.. في مطار دبي رأيت بسكويت فارليز.. أخذت علبةً، وأثناء دفع ثمنها للرجل الهندي الذي لن يعرف ماذا يعني فارليز.. ربما أن طعم الفارليز باللغة الهندية سيحتاج إلى ترجمة لكل حبة سُكَّر.. لم أكن أبالي بنظرات الهندي وهو يتفحَّصني باحثاً عن ولد صغير في يدي.. وكأنه بالضرورة أن يكون الفارليز للأطفال فقط؟ كدت أسأله عن ال سينالكو الأصفر.. لم نكن نسمِّيه برتقال، كنا نسميه أصفر، حسب لونه فقط، وليس حسب طعمه.. وأسأله عن لُبان "فلونة".. وعن ويفر تي شوب، وعن بسكوت جلوكوز.. وبسكوت الأفراح.. وأيضاً عن ال شونجم أبو أربع حبات.. لم نكن نضطر أن نسميه شونجم أصلي، لأنه لم يكن هناك تقليد.. كان لكلِّ شيء نكهة جميلة.. حتى مسَّاحات الأقلام الرصاص كان لها رائحة مغرية.. وكنا نستنشقها بقوة كما يفعل المدمنون اليوم حين يشمُّون الشَّلَك والتينار.. والبعض كان يأكل هذه المسَّاحات حين يعجز عن مقاومة رائحتها. حلمت كثيراً أن أصبح شخصية كرتونية وأعيش بداخل مسلسل للأطفال.. حاولتُ إنقاذ سالي كثيراً.. وبحثتُ مع ببيرو عن أبيه الذي اختفى خلف جبال الألدرادو وهو يبحث عن الذهب.. وفي اليوم التالي أفتح التلفزيون وأتوقع أن أجد ببيرو ممتناً لأني أساعده في العثور على والده..