الأمور تتسارع في المنطقة بالتدافع والتزاحم.. وبالفراق.. وتأملوا فيما نشهده في متواليات أحداث ربيع عاصف.. وما يزال جديد التداعيات هو قيام مصر بطرد السفير التركي في القاهرة واستدعاء سفيرها في أنقرة الموجود أصلاً في مصر منذ أغسطس الماضي. تتهم مصر حكومة أردوغان بأنها "أمعنت في مواقفها غير المقبولة وغير المبررة بمحاولة تأليب المجتمع الدولي ضد المصالح المصرية".. وجاء قرار طرد سفير أنقرة في القاهرة منسجماً مع مظاهرات شعبية في مصر رفعت شعار "أوّل مطلب للجماهير.. قفل سفارة وطرد سفير". وهنا يظهر جلياً أن المصريين حسموا أمرهم من التدخلات التركية الممتدة من شعار أصابع أردوغان الأربع إلى تهم بتمويل عمليات داخل مصر... فضلا عن استغلال تركيا لحضورها الدولي في التحريض على أن ما حدث في مصر ليس ثورة، وإنما انقلاب ولم يسلم من تصريحات أردوغان حتى شيخ الأزهر..! بالموقف المصري الرسمي جاء أيضاً في سياق انزعاج الطبقة السياسية والأدبية والإعلامية من كثرة المتدخلين وهو ما عبر عنه السؤال.. كيف أمكن لكل هؤلاء القدرة على التدخل في شئون مصر؟.. أوباما.. أشتون.. تركيا.. وقطر.. حتى أن هيكل قال: نحن سمحنا للخارج بالتدخل أكثر مما يجب. وعندما تخسر الأمة الواحدة علاقة مصر بتركيا وعلاقة تركيابسوريا وعلاقة الخليج بإيران وسط تقارب أمريكي إيراني مفاجئ بالتزامن مع تصريح وزير الخارجية الأمريكي المثير بأن "إخوان مصر سرقوا الثورة المصرية" في تبادل للأدوار مع رئيسه أوباما فإن في المشهد دروس لمن يقرأ ويحلل ويأخذ العبرة من عالم تحكمه المصالح.. ولا غرابة فلقد تركت الولاياتالمتحدة حليفها الفرنسي في قارعة الطريق مرتين حول ذات الأزمة السورية. الأولى عندما ترك أوباما فرنسا تندفع في المواقف وعاد إلى الكونجرس بشأن التهديد بضرب سوريا.. والثانية عندما رتب أمور الوضع السوري مع روسيا من وراء ظهرها لتفشل باريس حتى في أن تكون التابع عوضاً عن دور الزوج المخدوع..!! وإذن فقد حسم المصريون أمرهم بشأن التدخل التركي ليخسر الشقيقان.. فلا أحفاد السلطان عبدالحميد تمكنوا من تشجيع خطباء الجمعة في القاهرة على الدعاء للسلطان رجب طيب أردوغان، ولا الخراج وصل إلى الشعبين الشقيقين.. وذات الخيبة تتكرر في بلدان عربية وإسلامية اعتمدت في المواقف على الانفعال وليس التفاعل. وحتى لا تيأسوا أو تقنطوا أُسارع إلى التذكير بأن من العلامات الإيجابية للربيع العربي وأعاصيره هو زواج العملاق التركي سلطان كوزن "مترين ونص" من اللاجئة السورية مروه ديبو "مترين إلا ربع" حيث لم يبقَ لاكتمال حلم الزوجين الطويلين سوى الحصول على تمويل خليجي لشراء سيارة "مخزوقة" السقف.. وبالرفاء والبنين.. قولوا آمين