شهد البرلمان التركي أمس جلسات ساخنة في إطار مناقشة الموازنة العامة للعام المقبل، وسط تصعيد المعارضة مواجهتها مع حكومة رجب طيب أردوغان. كيليجدار أوغلو زعيم حزب الشعب المعارض اتهم الحكومة بالسعي إلى إخفاء ما أنفقته على ما يعرف بالربيع العربي.. وأوضح أوغلو أن الحكومة التركية قدمت دعماً إلى الحكومة التونسية هذا العام لمواجهة المتظاهرين، من بينها سيارات أمن وعصيّ للشرطة وقنابل غاز مسيّل للدموع. كذلك اتهم زعيم حزب الشعب التركي المعارضُ الحكومةَ بإنفاق ما تجبيه من ضرائب من الأتراك على شراء أسلحة للمعارضة السورية. ويعكف رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان على تضميد جروح نظامه لحمايته من التآكل وربما السقوط، إذ تفيد معطيات نشرتها صحيفة هاآرتس العبرية أن أردوغان يواجه حملة عنيفة من الهجوم داخل وخارج بلاده، ويمثل الداعية الإسلامي التركي فتح الله غولان بيت القصيد في تهديدات أردوغان الخارجية، ولاحت تلك التهديدات في الأفق، حينما نشر الصحافي والباحث التركي مهمت برانسو نهاية نوفمبر الماضي وثائق بالغة السرية، يعود تاريخها إلى عام 2004.
إغلاق المدارس الخاصة المؤهلة للالتحاق بالجامعة الوثائق التي نشرها الصحافي التركي البالغ من العمر 36 عاماً بصحيفة "تراف" التركية، تفيد بأن المجلس الوطني التركي الأعلى، قرر بالتحالف مع حزب العدالة والتنمية، العمل ضد المذهب والحركة الإسلامية التي يتزعمها الداعية والمفكر الإسلامي التركي فتح الله غولان، المقيم منذ عشرات السنين في ولاية فلادلفيا الأميركية، وتحمل الوثيقة السرية التي يدور الحديث عنها توقيع الرئيس التركي السابق نجدت سيزار، رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان، قائد الأركان التركي السابق هيلمي اوزكوك، والرئيس الحالي عبدالله غول، أما بقية أعضاء الحكومة التركية الذين لم يوقعوا على الاتفاق، فلم ينفوا مضمون الوثائق، إلا أنهم أكدوا أن مضمونها لم يخرج إلى حيز التنفيذ.
تسريب وثائق يوجب الاتهام بالخيانة العظمى أردوغان الذي وصلت له معلومات تفيد بأن عناصر حركة الداعية فتح الله غولان، هم من يقفون وراء تسريب الوثائق التي نشرها الصحافي التركي، هرول للعمل قضائياً ضد الصحافي والصحيفة التي يعمل بها، فقدم لائحة اتهام تفيد بأن الصحافي والصحيفة نشرا معلومات تضر بأمن البلاد القومي، واعتبر رئيس الوزراء التركي الكشف عن تلك المعلومات خيانة للبلاد، الأكثر من ذلك لوح أردوغان إلى أنه إذا لم يعاقب القضاة الصحافي والصحيفة، سيواجهون هم أيضا تهمة الخيانة. ورغم التهديدات وسلسلة الاتهامات التي وصلت إلى حد الخيانة العظمى للبلاد، لم يتوقف الصحافي التركي الشاب عن حملته الشعواء ضد أردوغان، حينما كشف النقاب عن أن أردوغان أحبط في 2003 انقلاباً عسكرياً ضد نظامه وحزب العدالة والتنمية، وقف وراءه في حينه عدد من جنرالات الجيش التركي بالإضافة إلى عدد من الصحافيين والأدباء والمثقفين الأتراك. وألزم أردوغان الهيئات القضائية في أنقرة بمحاكمة 335 شخصاً من الضالعين في محاولة الانقلاب، عوقب منهم بالسجن 220 شخصاً، معظمهم ضباط بارزون في الجيش التركي، إلا أن تلك المحاولة وما ترتب عليها من عزل لجنرالات الجيش، أبعدت المؤسسة العسكرية التركية عن العمل بالسياسة، وضاعفت من نفوذ وهيمنة أردوغان على مؤسسات الدولة التركية.