تفاقمت الأزمة بين القضاء التركي وحكومة رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان، على خلفية الاتهامات بالفساد التي تلاحق مقربين من السلطة، والتي بدأت منذ نحو ثلاثة أسابيع. وفي أحدث تفاعلات هذه الأزمة اعتبر المجلس الأعلى للقضاة مشروع "إصلاح القضاء" الذي قدمته السلطة التركية والهادف إلى تعزيز رقابة الحكومة على القضاء "غير دستوري". وقال المجلس، وهو أحد أبرز المؤسسات القضائية، في بيان، إن "الاقتراح يخالف مبدأ دولة القانون". واعتبر القضاء في المشروع خطة من الحكومة التي تشهد فضيحة فساد سياسة ومالية "مساساً باستقلاليته". وتدرس اللجنة البرلمانية المكلفة المسائل القضائية اعتباراً من بعد ظهر أمس الجمعة مشروع قانون قدمه حزب العدالة والتنمية الحاكم، ويهدف إلى "إصلاح المجلس الأعلى للقضاة والمدعين" عبر تعزيز ثقل الحكومة فيه. وهذا المشروع يوسع تشكيلة هذه الهيئة ويمنح وزارة العدل الكلمة الفصل بخصوص تعيين القضاة في مؤسسات قضائية مهمة مثل المحكمة الدستورية. ويأتي هذا الإصلاح فيما قام رئيس الوزراء التركي رجب طيب إردوغان بحملة تطهير غير مسبوقة في صفوف الشرطة، ويحاول السيطرة على القضاء، متهماً إياه بالعمل ضده، عبر فتح تحقيقات في قضايا فساد أدت إلى سجن حوالي عشرين شخصية مقربة من السلطة وتسببت باستقالة ثلاثة وزراء. قلق أمريكي من جهتها عبّرت الولاياتالمتحدة عن قلقها حيال "فضيحة الفساد" التي مست مقربين من السلطة في تركيا، في حين أظهر استطلاع للرأي أن شعبية حزب العدالة والتنمية الحاكم تراجعت منذ بداية الأزمة الحالية خلال ديسمبر/كانون الأول الماضي، إلا أنه ما زال متفوقاً بشكل مريح على أحزاب المعارضة. وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية جين بساكي إن بلادها "تدعم رغبة الشعب التركي بوجود نظام قانوني يلبي أعلى معايير العدالة والدقة والشفافية في الشؤون المدنية والجنائية، حيث لا أحد فوق القانون، ويتم التحقيق في أية مزاعم ضد شخصيات عامة بموضوعية". تراجع وفي تجلٍّ لتداعيات فضيحة الفساد، أظهر استطلاع للرأي، نُشر الخميس، أن شعبية حزب العدالة والتنمية الحاكم تراجعت بشكل ملحوظ منذ تفجر الأزمة. وكشف الاستطلاع الذي أجرته "سونار"- إحدى المؤسسات الرئيسية لاستطلاعات الرأي بتركيا- أن نسبة تأييد الحزب بلغت 42.3%، بانخفاض نقطتين مئويتين عن استطلاع سابق أجرته بأغسطس/آب الماضي، وهو ما يقل كثيراً عن ال50% التي حصل عليها الحزب بانتخابات عام 2011. وحصل "الشعب الجمهوري"- وهو حزب المعارضة الرئيسي- على 29.8%، وهي أعلى نسبة يحصل عليها منذ يونيو/حزيران 2011.