يحكي لنا جورج كردجيف حكاية غريبة فيقول: كان هناك ساحر في الغابة, ويمتلك قطيعاً من الخراف هي مصدر غذائه.. إذ كان يعمد إلى نحر خروف كلما استبد به الجوع, وكان من الطبيعي أن تشعر الخراف بالخوف والذعر.. تعبيراً عن هذا الشعور. كانت تحاول الاختباء عن الساحر حتى لا يراها، فلا ينحر الخروف الذي تقع عليه عيناه.. لكن الساحر كان يجتمع بكل خروف على حده ويقول له: "أنت خروف مميز عن الآخرين, إنك خروف استثنائي, لذلك أعتبرك وكأنك بركة من الله وعليّ الحفاظ عليك.. فتأكد بأنه لن يصيبك أذى" وكان يقول لخروف آخر: "ما بك تعتقد أنك خروف.. أنت لست خروفاً.. أنت نمر.. أنت أسد.. فلماذا تهرب إذن؟ وحدها الخراف تهرب مخافة أن تُنحر، أما أنت فلماذا تختبئ؟ أنت نمر.. أنت أسد.. وعار على النمر أو الأسد أن يخاف. كان يخترع لكل خروف حكاية حتى لا يختبئ، وحتى يبقى سهل الوصول إليه إذا أراد نحره.. حتى أنه لم يتوان عن القول لأحدهم: "أنت لست بخروف, انك تنتمي لفصيلة بني البشر.. أنك تشبهني إلى حد بعيد.. لماذا تهرب إذن ؟" هكذا سيطر الساحر على القطيع، فلم تعد الخراف تهرب أو تختبئ، لكنها بقيت خرافاً ،فما أصبحت أسوداً أو نموراً أو من بني البشر، ظلت ترى الواحد يُنحر تلو الآخر، وكل واحد مقتنع " أنا لست بخروف, أنا أسد.. أنا نمر.. أنا بركة إلهيه, أنا مميز استثنائي ولن يصل نصل السكين إلى رقبتي". في حكاية خراف ساحر الغابة التي أوردها كردجيف، الساحر هو الذي ينحر الخراف.. في حكايتنا الخراف هي التي تنتحر وتنحر نفسها بنفسها . وثمة فرق بين ساحر ينحرك، وآخر يجعلك تنحر نفسك لأجله, وتذهب طواعية إلى المحرقة.