شوف يا ابني كم سيارات أمامنا في طابور البترول..يذهب سامي إلى المحطة ويقول متفكها: احنا رقم 44 ..رقم ذهبي. هذا الرقم دفعني للتفكير فيه من زوايا غير ذهبيه لأن قيامك بالتغلب على جفاف محرك السيارة بدفعها باليد يجعل من التفاؤل زائدة دودية تستحق البتر.. أخذت أتأمل في اشتقاقات الرقم 44 فتذكرت أم 44 وتذكرت ال40 حرامي حتى جاء سامي من جديد مدفوعا ربما بفضول وراثي مكتسب ليقول وهو يبتسم: لا قلق فبعدنا أيضا 13 سيارة.. والرقم كما تعرفون يثير التشاؤم ولكن عند الأجانب الذين يلغونه من ترقيم غرف الفنادق. الحركة البطيئة للطابور يستدعي التوتر بانتظار دور ربما لن يأتي، حيث بعض أصحاب المحطات يفاجئونك وقد اقتربت بالخبر السيئ.. خلاص كمل البترول، فتغادر المحطة منكسراً وأنت تردد: بترول الوزيرين صخر وبحّاح «بح». في هذه اللحظة يوقف صاحب المحطة الضخ لأن سيارة حمراء تقودها امرأة اندفعت بمؤخرة سيارتها إلى الخلف مصممة على أن تسبق الطابور الطويل بالمخالفة، مثيرة للكثير من الهرج والمرج الذي أفضى إلى تغاضي المعترضين أخيراً لأنها «امرأة».. وحسب مطوبر مكرفت: احسبوا مخالفتها ضمن كوتا مؤتمر الحوار . أثناء الطابور دفعت ثمن لحظة تفكير في الكتابة عن الطوابير في الطابور حيث سبقني أحد (المقعّشين) بصورة فيها من التحدي ما لا تنفع معه قبضة محمد علي كلاي أو عضلات تايسون.. ففي بلد يجتمع فيه السلاح مع القعشة وانهيار الذوق العام لا داعي للمخاطرة حتى لو كنت تلسع كالنحلة وتطير كالفراشة. وفي قلب شكوى المطوبرين من كثرة المخالفات وتأثير انعدام الديزل وصعوبة الحصول على البترول وتراجع الأخلاق يلفت نظرنا أخي محمد الذي يعمل في وظيفة قانونية إلى أن من تعدّى على دورنا بصلَف قد كتب على الزجاج الخلفي لسيارته هذا البيت الشعري (يعيش الحر تحت العز يوما ...ولا تحت المذلة ألف عام). ولم أفهم كيف اجتمع الطابور والفوضى والعجز الحكومي في طابور واحد!