الجميع يريد الجنة والجميع يخاف من الجحيم. يمكن ببساطة سباكة هذه الحقيقة الروحية، وتحويلها إلى عملات وعمليات وسلع قابلة للبيع والشراء والمساومة والابتزاز والاحتكار والضغط.. من هنا بدأ الدين التجاري كسوق سوداء للمقايضة والمضاربة والصفقات المشبوهة والابتزاز والقمار .. وحتى الدعارة.! ربما في كل زمان ومكان ودين، وُجد رجال دين يشترون بآيات الله أو الآلهة ثمنا قليلا. كان الكهنة يبيعون للبسطاء صكوك غفران وعقارات في الجنة، مقابل المال والطاعة والولاء.. وفي وقت مبكر في الإسلام، رفع الخوارج شعار «الإسلام هو الحل»، وسموا أنفسهم ب»الشراة» على أساس الآية: «إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم بأن لهم الجنة»، وبناء عليه باع المؤمن «عبدالرحمن بن ملجم» نفسه، واشترى الجنة في صفقة تجارية مع الله كان ثمنها رأس الإمام علي (ك).! هكذا، لكن بصفقات أكثر صفاقة، يفعل أرباب الإسلام السياسي التجاري الحديث، في حالات السلم والحرب، باسم الله والدين والأعمال الخيرية والجهاد والمناصرة والتبرعات.. ويمنحون البسطاء والمراهقين وعودا وهمية بملذات خيالية في جنة لم يضع الله في أيديهم مفاتيحها ومكاتب عقاراتها.! علماء الجهاد الذين شاركوا في استنزاف روسيا لصالح أمريكا في صفقة الجهاد الأفغاني، دمروا وطنا وشعبا مسلما مقابل شركات وأرصدة وبنوك وجامعات واستثمارات وأحزاب ومراكز قوى ونفوذ سياسي.... برائحة الدولار الأمريكي.! وكلما مر الوقت تردىالإسلام التجاري، وأصبح أكثر ابتذالا وعهرا. لا أحد يدري ماذا بعد التجارة بالجنس، والدعارة المقدسة، أو ما سُمي ب»بجهاد المناكحة»، في سوريا، وتدشين أسواق النخاسة في نيجيريا، بخطف الفتيات من المدارس، عبر حركة «بوكو حرام»..! سلعة الله غالية، ولا يعني هذا أن سلعة الشيطان رخيصة، فلولا الجحيم لما كانت بضاعة الجنة رائجة، بل ربما كانت أغلى، فعندما كان الكهنة يبيعون صكوك الغفران للمؤمنين، حاول أحد الأثرياء شراء الجحيم برمتها، من الكنيسة، ليحرم الكفرة منها، كان وغداً، وأراد أن يضع الكنيسة في مأزق عدم وجود مكان شاغر آخر في الآخرة لأولئك الذين لم يعبأوا بشراء صكوك الغفران.