قبل سنوات دشّن رجل أعمال عربي في فرنسا مشروعاً «مضاداً» لمشروع عالمي شهير ، اعتبره صهيونياً . ووجد المستهلك المسلم نفسه حائراً بين سلعتين ودينين : «مكة كولا» في مواجهة «كوكا كولا» و.. الإسلام في مواجهة اليهودية ، وكان عليه أن ينتصر لعقيدته اللابسة مسوح السلعة ، على رفوف «السوبر ماركت» !!. لكن منذ متى أصبح السوق مضماراً لصراع الأديان ؟!. إنها حكاية قديمة واستثمار عريق بدأ منذ دخل حساب الربح والخسارة قاموس البشرية ، ومنذ شعر البشر بحاجتهم إلى البيع والشراء والمقايضة وتقريب القرابين للسماء وإحراق البخور في معابد الآلهة والبرء من الأسقام واتقاء الأرواح الشريرة ، والاستحواذ على ضيعة الآخر والانتصار على الخصوم و.. في الديانات الوثنية كان ولايزال بيع وشراء الأرباب والطواطم في سوق المؤمنين ، نشاطاً اقتصادياً رائجاً ، أثرى من ورائه صانعو التماثيل .. وفي الهند القديمة كان العُهر بضاعة دينية ، وكانت مدارس تعليم البغاء ملحقة بمؤخرات المعابد ، ترفد أرائك النخبة من المؤمنين بأجساد بارعة يرقون على صهواتها معارج النشوة المطلقة .. وكان لبشر أوروبا الحق في شراء مساحات عقارية في فردوس الرب ، بصكوك بيع تعمدها الكنيسة و.. لجأ أحد الأثرياء الظرفاء إلى حيلة شيطانية ، تستحق الإعجاب ، فاشترى جهنم بأسرها من الكنيسة ، ثم أعلن في الناس أنه ماعاد هناك من حاجة إلى أن يشتروا عقارات الجنة ، فهو لن يدخلهم جهنم التي صارت في حوزته جميعها.. و... وجد المستهلك المسلم نفسه حائراً بين حسابين بنكيين ، يتوجب عليه أن ينحاز إلى أحدهما !!. فإلى أيهما ينحاز ؟! إلى حساب «مكة كوكا» أم إلى حساب «كوكا كولا» ؟! مع الأولى سيفوز برضا الرب ، كما توهم الدعاية بالضرورة ، ومع الثانية سيتحقق عقابه ! يا لها من ورطة لن يخرج منها المستهلك المؤمن ، إلا بفصل الدين عن «السوبر ماركت».. فحتى الشيطان نفسه يمكن أن يبيع الأدعية المأثورة والمواعظ التي تحذر منه وتلعنه ، على منابر وأبواب الجوامع ، مادام هناك مكسب مضمون. تذييل - ليس للسوق سوى ربّ وحيْد وله كل المرابين عبيدْ إنه .. دفتر شيكات الرصيدْ أبو زينب »