تتفاقم أزمة المشتقات النفطية في البلاد، وما تكاد تختفي حتى تظهر مرة أخرى، ملقيةً بثقلها على الناس جميعاً، خاصة أنها سلعة أساسية واستراتيجية بكل المقاييس والمعايير، فهي الركيزة الأساسية التي تنبني عليها الحركة العامة، وترتبط ارتباطاً وثيقاً بمعيشة المواطنين، وعند غياب المشتقات النفطية فإن معنى ذلك تهديد حياة المواطنين خاصة الفقراء، وهي ذات أهمية كبيرة في نقل المواد الغذائية وحفظها، ولها دورها في تواصل وتنقل الناس، وهي ذات دور كبير في مختلف مفاصل الحياة العامة. قوت المواطن في معترك السياسة يصف المواطن سامي الرياشي -سائق أجرة- هذه الأزمة المتكررة بأنها لعبة سياسية وتضارب مصالح، ويقول: "انعدام المشتقات النفطية من السوق بصورة مفاجئة مسألة واضحة بأنها لعبة سياسية رخيصة تعمد إليها بعض الأطراف السياسية لكسب مصالحها الضيقة، دون أن تراعي مشاعر الناس، أو تنظر إلى أنها ترتكب جريمة في حق شعب فقير يبحث عن لقمة العيش". يشاطره الرأي عبدالله مغلس الذي يقف بسيارته في طابور الانتظار أمام محطة شركة النفط بشارع الستين، قائلاً: "صحيح أن هذه الأزمة لها أبعادها السياسية، وجعلت بعض الأطراف السياسية من هذه المشكلة مسألة للمهاترات وتبادل الاتهامات، دون العمل بمسؤولية وطنية للبحث عن المعالجات الحقيقية، كون هذه المشكلة تلامس حياة الناس بصورة مباشرة". مغلس الذي يحمل مؤهل بكالوريوس اقتصاد، يرى بأن تفاقم أزمة المشتقات النفطية له آثار سلبية على الوضع المعيشي للمواطن ويزيد من رقعة الفقر، كما أنها تهدد بإتلاف الكثير من المزروعات، وتوقف العديد من الأنشطة الاقتصادية الحيوية. مطالباً كافة الجهات المعنية والأطراف السياسية إلى الكف عن الزج بقوت الناس إلى معترك السياسية، وأن تتجه جميعها إلى البحث عن حلول حقيقية لأزمة تتكرر بين الحين والآخر وتتسبب في اتساع ظاهرة الفقر والبطالة، وتكبد الاقتصاد الوطني خسائر طائلة. المواطن جزء من المشكلة تتباين الآراء في الشارع اليمني حول أسباب استمرار أزمة المشتقات النفطية فهناك آراء تنظر إليها برؤية اقتصادية وأخرى سياسية، والبعض الآخر من المواطنين لهم رؤية مغايرة، كما هو رأي المواطن حسين الخولاني الذي قال بأن هذه الأزمة تظهر من فترة إلى أخرى وفي كل فترة لها أسباب قد تختلف عن بعضها، إلا أن الأزمة الأخيرة التي جاءت بعد حديث عن توجه الحكومة لرفع الدعم عن المشتقات النفطية كان سببها المواطن الذي طغت عليه المخاوف من ارتفاع الأسعار ولجأ إلى تخزين مختلف المشتقات النفطية مما زاد الطلب عليها، ولم تتمكن الجهات المعنية من تغطية هذا الطلب المتزايد –حد تعبيره. يوافقه الرأي المواطن محمد سالم عبدالله -سائق أجرة- قائلاً: "الحكومة هي السبب في الأزمة الأخيرة ووزير المالية قال الحل هو رفع أسعار المشتقات النفطية، والناس بدأت تعمل على تخزين البنزين والديزل، ولم يعد هناك ثقة بين المواطن والحكومة، رغم أن الحكومة نفت أن يكون هناك جرعة قادمة، إلا أن الثقة لم تعد موجودة لأن المواطن لم يلمس الصدق والوفاء بالوعود من قبل الحكومة". رأي الحكومة وفي ظل الأزمة المتكررة في المشتقات النفطية كانت الحكومة قد نفت عدة مرات أن تكون هذه الأزمة مفتعلة خاصة الأخيرة بهدف رفع أسعار المشتقات النفطية، وتواجه الحكومة عجزاً كبيراً في ميزانية العام الحالي، تخطى المعدلات الآمنة المقدرة ب5% ليصل إلى 9,5%. وكان وزير المالية السابق صخر الوجيه قد أكد أمام البرلمان مؤخراً أن كل الخيارات لتجاوز الأزمة غير ذات جدوى وأنه لا مجال سوى رفع الدعم عن المشتقات النفطية أو الانهيار، مما أثار ذلك القول غضب الشارع اليمني، وسارعت الحكومة إلى نفي أي رفع لأسعار المشتقات النفطية. أزمة المشتقات النفطية سببها سوء الإدارة ويصف خبير الاقتصاد البروفيسور سيف العسلي أسباب أزمة المشتقات النفطية بأنها مشكلة ذات تأثير كبير على المواطن بدرجة أساسية، وكان العسلي قد كتب مقالاً في وقتٍ سابق عن هذه الأزمة، مرجعاً السبب الرئيس إلى سوء الإدارة، فيما يتعلق في إدارة عملية تسويق النفط الخام وتكريره وخزنه توزيعه، وبين البروفيسور العسلي أن حل مشكلة المشتقات النفطية لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال إصلاح إدارة المشتقات النفطية، خاصة أن إدارتها في الوقت الحاضر يتم وفقاً لترتيبات قديمة تقوم على أساس أن يتم بيع نفط مأرب الخام لمصافي عدن بالسعر الدولي ولكن المصافي لا تسدد قيمة ذلك فوراً، فتقوم المصافي بتكريره وبيعه دينا لشركة النفط بالأسعار الدولية زائداً مبلغاً لتعويض المصافي عن الفاقد في عملية التكرير نظراً لقدم المصافي ولتضخم نفقاته، وبعد أن تقوم شركة النفط بشراء المشتقات من المصافي تقوم بتوزيعه وبيعه لمحطات التوزيع الخاصة وللمؤسسات الحكومية مباشرة، وتقوم بعد ذلك بتحصيل قيمته بالسعر المحدد من قبل الدولة، وتعمل على خصم نسب العمولات للمحطات ونسبة الشركة ثم تورد الصافي إلى حساب وزارة المالية.