في رمضان، تُصفَّد الشياطين ويُطلق سراح القَتَلة.. تُصفَّد المحبة وتنطلق صواريخ الكاتيوشا وقاذفات الصواريخ.. يتقاتلون في الجوف وعمران وهمدان، ويقتلون بعضهم بدم بارد، وبتكبير وتهليل، وكلٌّ يحتسب قتلاه في الجنة وقتلى الطرف الآخر في النار!! يتقاتلون على اللاشيء، وكلهم يدَّعون إعلاء كلمة الله، وهم على استعداد للموت من أجل حماية الدين الذي هو في حاجة إلى من يحميه من ادِّعاءاتهم وتقوُّلاتهم. وحين نسأل أنفسنا: لماذا يتقاتل الحوثيون والإصلاحيون، فلن نجد جواباً أو مبرراً لكل هذه الدماء التي تُسفك والأرواح التي تُزهق. يتقاتلون وهم صائمون، وكلٌّ منهم يعتقد أنه سيفطر على مائدة الله، وفي جنته وبين حور عينه.. كلُّ طرفٍ ينشر أسماء شهدائه وجرحاه، وهناك ضحايا لا علاقة لهم بهذه الحروب، وهم وقودها، ولا يتحدث عنهم أحد!! وحين تُزهق الأرواح وتسيل الدماء يصبح من السهل معرفة مدى حرص المتحدثين باسم الله على حفظ النفس البشرية ومراعاة حرمتها. سألت أحد الأكاديميين عن سبب هذه الحرب، فقال لي: لا خير فيكم ما دمتم لا تعرفون الحق من الباطل, وأنتم أهل الثقافة والدراية والمعرفة، وأقسم لي قائلاً: والله إن الحق أدعج, أفلج, أبلج كوجهك يا عبدالمجيد، فلا تتردد في الانحياز له.. فقلت له: الحق تراه أنت بعين عاطفتك يا دكتور، ولا يعني هذا أنني مع الطرف الآخر.. فأنا لم أعد أتعاطف مع أحد، ولستُ مع أي طرف يرفع شعار الدين وهو يقاتل دون قضية. وحين أعدت عليه السؤال: لماذا يتقاتلون؟ قال لي: الإصلاح التكفيري يشتي ندندل الزنانير بعد أن هدى الله اليمنيين للإسلام, وأنصار الله يقاتلون من أجل اليمنيين، خشية أن يدندلوا الزنانير!! سكتُّ، وقلت ليته سَكَتْ.