القائلون بالإعجاز العلمي في القرآن، ليسوا متفقين فيما بينهم، تجد واحدا منهم يعتمد على آية أو لفظ في القرآن، يحملها إعجازا علميا، والثاني يستند إلى الآية نفسها أو اللفظة نفسها لتقرير إعجاز مختلف.. ومثال ذلك لفظة "تجري" في قوله تعالى:"والشمس تجري لمستقر لها..".. واللفظة القرآنية" تجري"، واضحة، ومن التعسف أن تحويلها إلى"تدور"، فالجري في لغة العرب هو السير، والانتقال من مكان إلى آخر، وفي لسان العرب:جرت الشمس، أي سارت من المشرق إلى المغرب، وسميت الشمس بالجارية لجريها من القطر إلى القطر، والجارية الريح، والجواري الخنس هي النجوم، والجارية السفينة. لكن لتنظروا كيف تعسفوا الآية وتناقضوا بشأنها؟ الأفغاني قال إن القرآن أشار إلى ثبات الشمس، ودورانها على محورها، ودليله "والشمس تجري لمستقر لها"، وعنده أن الجري والدوران بمعنى واحد، وكذلك المحور والمستقر.. ثم استدرك بالقول: هذا إذا كانت الحقيقة العلمية تقول إن الشمس تدور حول محورها!! وسار بعده متأخرون مثل مصطفى محمود، وعن هذا أخذ الزنداني وغيره، وجزموا أن الحقيقة العلمية عن دوران الشمس، هي نفسها التي وردت في القرآن، ودليلهم لفظة "تجري" أي تدور،، وانتقلت هذه المغالطة إلى كتب التوحيد المقررة على الطلاب، نزيف وعيهم ونقول لهم أن تجري تساوي يدور، كما في كتاب التوحيد المقرر على طلاب الصف الثالث الثانوي عندنا، حيث كتبوا إن "العلم الحديث أثبت" أن الشمس تدور حول نفسها، والقرآن سبق العلم في بيان هذه الحقيقة، والدليل: " والشمس تجري...".. في هذه الآية نفسها، ستجد الدكتور زغلول النجار يقرر إعجازا علميا مختلفا، ليس دوران الشمس، بل زعم إن في الآية حقيقة قرآنية لم يصل إليها العلم إلا في القرن التاسع عشر الميلادي، وهي أن الشمس"تجري لمستقر لها"، إي في حالة "جريان مستمر حتى تصل إلى مستقرها المقدر لها"، لكن أين هو مستقر الشمس الذي تحدث عنه القرآن؟ قال: إن علماء الفلك يقدّرون أن الشمس تسبح إلى الوقت الذي ينفد فيه وقودها فتنطفئ، وأن هذا هو المعنى العلمي الذي أعطاه العلماء لمستقر الشمس، بالإضافة إلى ما تم كشفه في القرن العشرين من أن النجوم- ومنها الشمس - كسائر المخلوقات تنمو وتشيخ ثم تموت.. ولا ندري من أين استقى زغلول علمه إن أن الشمس ستنطفئ، والكون سيفنى، فهذا نقوله نحن المؤمنون، أما علماء الفيزياء الفلكية في الغرب فيقولون إن الكون نشأ في الأزل، وسيبقى إلى الأبد.