حدد رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي، أمس، الهدف من الحرب التي شهدتها عمران، متعهداً أمام طلبة الكليات العسكرية عدم السماح بتكرارها، كما تعهد بنزع السلاح من كافة الأطراف دون استثناء، ووضع حد لتعدد الولاءات داخل القوات المسلحة والأمنية. وكانت عمران شهدت معارك بالسلاح الثقيل بين جماعة الحوثي من جهة وجماعة الإخوان المسلمين (الإصلاح) ولواء القشيبي 310 مدرع من جهة، واستمرت 6 أشهر على جولتين.. الأولى في مناطق حاشد وانتهت بسقوط معاقل أولاد الأحمر، والثانية في مدينة عمران وانتهت بسقوط معاقل جماعة الإخوان واللواء 310 مدرع بيد الحوثيين، الذي مثل سقوطه سقوطاً لنفوذ الجناح العسكري للإخوان بقيادة اللواء علي محسن الأحمر. وقال رئيس الجمهورية في الحفل الذي أقيم في صالة الكلية الحربية إن الحرب في محافظة عمران استهدفت الالتفاف على مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل والانقلاب عليها. وقال: "بكل وضوح لا يمكننا أن نسمي ما حدث في عمران إلا إنه تجاوز غير مقبول ولا معقول ولا يمثل استهدافا لطرف معين أو للواء معين، بل استهداف واضح وجلي للدولة وأجهزتها الأمنية وقواتها العسكرية ومؤسساتها المدنية، واستهداف للعملية السياسية والمرحلة الانتقالية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل وانقلاب عليها". وأضاف "البعض مع الأسف كان يفهم حكمتنا وصبرنا وتعقلنا في التعامل مع قضية عمران وغيرها من المناطق على أنه ضعف وتخلٍ عن المسؤولية، وحاولوا استغلال حرصنا وميلنا إلى إنهاء الصراع بشكل سلمي استغلالا رخيصا". وتابع "من الواضح بغير خفاء أن البعض كان يريد من الصراع والحرب في عمران الالتفاف على مخرجات مؤتمر الحوار الوطني وتقويض العملية السياسية برمتها، ونحن اليوم مصممون وعازمون مستندين إلى الشرفاء والمخلصين أمثالكم على أن نجعل من عمران وما حدث فيها مدخلا حقيقيا لتنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار وبناء الدولة، فالدولة من الآن وصاعدا لن تسمح باستمرار هذا الصراع، وستعمل بكل حزم وقوة للبدء باسترجاع أسلحة الدولة، ونزع كافة الأسلحة المتوسطة والثقيلة من كل الأطراف من دون استثناء، وسنعمل على إخلاء كافة المواقع من معسكرات ومباني حكومية وخاصة من جماعة الحوثي". وأكد رئيس الجمهورية أن اللجوء للعنف أمر غادره اليمنيون تماما بمؤتمر الحوار الوطني الشامل، والعودة إلى هذا الخيار هو نكوص عن التزامات الحوار الوطني واستحضار لتاريخ مليء بالآلام والمآسي، وعلى الجميع أن يعي جيدا هذه المرحلة الحساسة والخطيرة في تاريخ اليمن، لافتا إلى أن المتربصين بالاستقرار والبناء كثيرون والناقمون والمنتقمون من بناء الدولة اليمنية الحديثة كثيرون أيضا. وقال "مخطئ من يظن أنه سينتصر في اليمن بالسلاح وثقافة الإقصاء والتمييز، مخطئ من يظن أنه بالحروب وبالدماء سيحقق انتصارا سياسيا، ومن يظن أن إضعاف الدولة يصب في صالحه وخدمة مشروعه". وفي إشارة إلى أن اللواء 310 مدرع أكبر ألوية ما كان يعرف بالفرقة الأولى مدرع، خاض المواجهات ضد الحوثيين متمرداً على وزارة الدفاع، والقائد الأعلى للقوات المسلحة، تعهد الرئيس في كلمته بوضع حد لتعدد الولاءات والغايات داخل القوات المسلحة والأمن. وقال مخاطباً طلبة الكلية الحربية وكلية الطيران والدفاع الجوي والمعهد الفني للقوات المسلحة، في الحفل الذي حضره عدد من القيادات العسكرية والأمنية "نحن على ثقة كاملة بأنكم ستكونون عند مستوى المسؤولية والثقة والتحدي، ويخطئ من يظن أن قواتنا العسكرية والأمنية ستبقى متعددة الولاءات والغايات، فإذا كانت أحداث وظروف المرحلة الماضية قد أوجدت مثل هكذا تعدد هنا وهنا؛ فإن المرحلة قد تغيرت فالخطبة ليست الخطبة والجمعة ليست الجمعة والواهمون فقط هم من يظنون ذلك، ومن يقلب صفحات التاريخ اليمني فإنه سيدرك جيدا أن الأزمات والمحن كانت مصدرا لتماسك البنيان وحافزا لتجاوز تلك الأزمات ووضع الأسس الصحيحة للبناء". واستطرد "يردد المرجفون والحاقدون أن جزءاً من الجيش مع فلان وجزء آخر مع علان وجزء ثالث مع زيد أو عمرو، وأنا أريدكم أن توجهوا رسالة واضحة للشعب اليمني وبصوت عال ومدوٍ وواضح وضوح الشمس بأنكم مؤسسة وطنية ولاؤكم لله والوطن لا لزيد أو لعمرو ولا ليمين أو يسار، وقد آن الأوان لكي نتجاوز مخلفات الماضي وعثراته". وتابع "إن الوضع يحتم عليكم أن تكونوا على درجة عالية من اليقظة والجاهزية، وأن تتحلى أعمالكم بالمهنية والاحترافية، عليكم أن تفهموا أن هيبة المؤسسة العسكرية من هيبة أفرادها بل وكافة ألويتها ووحداتها في كل مكان وأي انكسار لأي وحدة فإنما هو انكسار للمؤسسة ككل، لذلك عليكم أن تكونوا لبعضكم البعض مشمرين السواعد مستيقظة هممكم ومعنوياتكم موحدين الصفوف والراية". وأكمل "على الجميع أن يفهم جيدا بأنه لا مجال للمساومة عن خروج الحوثيين بأسلحتهم من عمران وكذا كافة الأطراف المسلحة الأخرى من غير أبناء عمران، وتسليم كافة الأسلحة والمعدات والذخائر التي تم الاستيلاء عليها من قبل الحوثيين في أحداث محافظة عمران، وإطلاق سراح كافة المعتقلين مدنيين وأمنيين وعسكريين وتسليم جثامين الشهداء، وعودة كافة أجهزة الدولة ومكاتبها التنفيذية لممارسة أعمالها". وأكد رئيس الجمهورية أن التاريخ اليمني يشهد بفشل المشاريع الطائفية والجهوية والإقصائية، وأن لا حياة إلا لمشروع الدولة وهيبتها ومدنيتها ولمؤسسة عسكرية وأمنية وطنية وسيادية، ولا حياة إلا للشراكة والتعايش والتنوع والقبول بالآخر، وبالتنمية والاهتمام بالاقتصاد وحسن إدارة الدولة وثقافة التآخي والتراحم.